لا أفهم معنى لما حدث.. ولا أفهم لماذا يتجرأ البعض على الدولة، وليس على مواطنيها.. ولا أفهم دلالة لما جرى من خطف وترويع للطفلة «زينة» بنت عفت السادات، إلا أن هؤلاء الخاطفين يتصورون أن الدولة انتهت، وأننا يمكن أن نتحول إلى صومال آخر.. فما حدث لا يقف عند حدود خطف وَفِدْية.. ولكنه شغل عصابات منظمة.. تكشف عن استخفاف بالدولة، وإهانة كبرى للوطن! أتصور أن الداخلية كانت أمامها تحديات خطيرة.. أن تكون أو لا تكون.. فالمسألة ليست بسيطة ولا سهلة.. وليست مما يمكن السكوت عليه أو تأجيله.. هناك حالة من العبث بأمن الوطن.. وهناك محاولات لترويع الشعب.. والعصابة هذه المرة تستخدم التكنولوجيا الحديثة، والأدوات والسلاح الآلى.. معناه أنهم لم يفعلوها صدفة.. ولم يتورطوا فى الجريمة بحثاً عن لقمة عيش.. بالعكس.. كان الهدف أكبر ودلالته أخطر! شىء يبعث على الرعب ويدعو للقلق.. ويجعلنا نغلق على أطفالنا بالترباس.. فقد وقعت جريمة الخطف فى وضح النهار.. كما أنها حدثت والطفلة «زينة» مع سائقها فى طريقها إلى المدرسة.. يعنى أن هناك تخطيطاً للجريمة.. وهناك اطمئنان أن الجناة سوف يفلتون من القبض عليهم.. فهم يستغلون الفراغ الأمنى.. ويستغلون أن الشرطة ليست موجودة فى الشوارع، بالقدر الذى كان يضبط هذه الجريمة، فى التو واللحظة! خطف زينة فى هذه الأيام يعنى شيئاً واحداً.. وهو أن العصابة تهين مصر، أكثر من كونها تخطف طفلة.. ولو كان الهدف هو الحصول على فدية.. من رجل أعمال يستطيع تقديم الفدية، واسترداد ابنته.. وبالتالى فلابد أن يكون رد الفعل سريعاً وعاجلاً وحاسماً.. فالجريمة واضحة.. والعصابة اعترفت، ولابد من القصاص! لم أصدق أن حكاية الخطف قد تمت بهذه الطريقة.. فالواقعة حدثت فى مصر الجديدة.. والتحركات كانت فى طريق مصر الإسكندرية الزراعى.. والوسيلة سيارة دايو سوداء دون لوحات.. والتسليح آلى وطبنجات 9 مللى.. ثم كان توثيق سائق الطفلة فى طوخ.. وبعدها انطلقوا إلى الغربية ثم البحيرة.. بينما هم من المنوفية.. يعرفون زينة ويعرفون والدها عفت السادات.. وهكذا كل جريمة لها خيط! وكان هذا الخيط هو البداية لقوة الشرطة.. ليتم القبض على الجناة، فى كوم حمادة بحيرة، بعد 24 ساعة من بلاغ السادات، باختطاف طفلته زينة.. كأنه شغل أفلام ومطاردات وتليفونات.. وربما إنترنت وإثارة وثقافة على مستوى كبير.. وسيارات وآلى.. مفيش بعد كده.. ومع ذلك كانت الشرطة تعرف أنها عصابة فى «كى جى وان».. وأوقعت بهم بسرعة، يحمدون عليها بالطبع! لاشك أن الطفلة «زينة» قد عاشت لحظات رعب، تحتاج بعدها إلى تأهيل نفسى.. ولاشك أنها ستخاف من الخروج إلى الشارع.. وربما تمتنع عن الذهاب إلى مدرستها.. الأهم أن هناك أطفالاً كثيرين، لن يخرجوا إلى الشارع.. إما تضامناً معها.. أو خوفاً من المصير نفسه.. وهناك آخرون لا يملكون قيمة الفدية، التى طلبها أفراد العصابة.. وقد يغلقون الباب على أطفالهم.. خشية المصير المجهول، حتى تعود الشرطة كما كانت! السؤال: هل تحركت الأجهزة الأمنية بهذه السرعة، لأن المختطفة ابنة السادات، أم لأن الشرطة كانت تدافع عن كرامتها من جهة.. وتدافع عن كرامة مصر من جهة أخرى؟.. الأرجح هو الاحتمال الثانى.. رغم أهمية الاحتمال الأول.. وهل كان المجلس العسكرى محقاً حين قرر تغليظ بعض العقوبات؟.. الإجابة نعم.. وإن كان يجب إقرار عقوبة جديدة.. وهى التعليق فى ميدان التحرير.. نحن بالفعل نريد ثورة جديدة!