رغم اندثار صناعة الطرابيش، لايزال بعض القائمين عليها يسعون للحفاظ على إرث أجدادهم، لعل وعسى أن تعود أيام الطربوش مثلما تعود الكثير من أزياء الماضى.. هنا بشارع الغورية ورشة «صانع طرابيش الملك» تحمل جدرانها- التي تبلغ من العمر 124 سنة- عبق الماضى والزمن الجميل. أحمد محمد أحمد الطرابيشى، صاحب الورشة التي ورثها أبا عن جد، يقول: «جدى الكبير كان صانع طربوش الملوك، فهو الذي صنع طربوش السلطان حسين كامل والملك فؤاد والملك فاروق، كما أن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ مصطفى إسماعيل وجميع المقرئين كانوا زبائن المحل». الطرابيشى، الذي يؤكد أن المحل له أقدم سجل تجارى في منطقة الغورية، يسعى لعدم التفريط في ميراث أجداده والحفاظ عليه، رغم صعوبة ذلك- من وجهة نظره- موضحا: «لدىَّ 3 عمال يعملون في هذا المحل، ومكسب المحل قليل، وراتب كل صنايعى منهم يصل إلى 2000 جنيه». ويروى «الطرابيشى» عن التغيرات التي شهدتها الصناعة، قائلا: «صناعة الطربوش لم تعد مثلما سبق، فحقا أن الطربوش في السابق كان بقرش، ولكن كان المحل يبيع 100 طربوش في اليوم، أما الآن فازداد سعر الطربوش ليصل إلى 70 جنيها، لكن لا يأتى للمحل سوى 10 أفراد كحد أقصى في اليوم». وعن الخامات التي يعتمد عليها، يقول الطرابيشى: «يتكون الطربوش الأزهرى (العمة) من زعف النخيل، ونأتى بالزعف جاهزا من مدينة رشيد، فالبنات الصغيرات هناك يُجِدْن عمله، والخطوة الثانية هي الجوخ، وهى مادة من الصوف نستوردها من الهند وفرنسا والصين، ثم يتم لصقه على زعف النخيل، وبعدها البطانة الداخلية والجلدة، وتكون الخطوة الأخيرة هي الزر الحرير، أما طربوش الأفندى فلا يتم تركيب البطانة الداخلية له، ويكون الخوص ظاهرا حتى يتم إصلاحه في أي وقت». الأزهريون وأئمة المساجد هم الذين يحافظون على شراء الطربوش الأزهرى، بجانب العاملين في الدراما والتليفزيون الذين يستعينون بالطربوش الأفندى والأزهرى في مسلسلاتهم من آن لآخر، مثلما يقول «الطرابيشى»، مضيفا: «مسلسل (حارة اليهود) استعان بطرابيش من عندى».
