تشيلسي 2-0 أرسنال: لا جديد في ديربي الضباب

لا جديد تحت شمس لندن الغائبة، لقطة معتادة لكوستا، أداء مزري لرامسي، «تخريف» فني لفينجر، تحفظ مبالغ فيه لمورينيو، هدف من ركلة حرة وآخر لهازارد، وهزيمة معتادة لأرسنال في ديربي لندن الأشهر، ليرفع مورينيو سجله في المواجهات المباشرة مع العجوز الفرنسي لأربعة عشر انتصارًا، بعد تفوقه بهدفين للاشيء على غريمه في قمة مباريات الجولة السادسة من البريمييرليج.
في سبتمبر من العام الماضي، خرج صانع ألعاب تشيلسي البرازيلي أوسكار في حوار للديلي ميل يشيد فيه برفيقه فابريجاس الذي يعتبره البرازيلي «شريكه الأمثل» في خط الوسط على حد تعبيره، معللًا ذلك بدرجة التفاهم العالية التي يتمتع بها ثنائي وسط البلوز، فعندما يتقدم أحدهم يقوم الآخر بتغطيته دفاعيًا في إنسجام يحمي جبهة تشيلسي الأضعف التي لا يغطيها العملاق ماتتش.
حسنًا، يبدو أن المدرب البرتغالي لم يجد أفضل من نصيحة نجمه لإيقاف سانشيز وسد ثغرته الأبرز منذ بداية الموسم برانيسلاف إيفانوفيتش، بدأ مورينيو المباراة بتشكيلته المعتادة بعد تكهنات بغياب بيدرو للإصابة، وبدا وكأنه – رغم الأداء الباهت– عالج أغلب مشاكله التكتيكية التي أفقدته العديد من النقاط في الجولات السابقة، شارك كاهيل بدلاً من تيري إلى جانب زوما في الدفاع، احتل ماتيتش مكانه المفضل في الوسط واستبدل مورينيو ثنائية ميكيل– فابريجاس بثنائية فابريجاس– أوسكار.
الثنائي تناوب التغطية على نجم المدفعجية في الموسم السابق أليكسيس سانشيز، ونجحا في إيقاف خطورته تمامًا وتعقيم جبهته، ساعدهم الجناح التشيلي بإصراره على المراوغة في كل لقطة تقريبًا وزاد مونريال الطين بلة بغيابه عن المساندة الهجومية، رغم انعدام الضغط الأزرق على جبهته وتركيز مورينيو ولاعبيه على الجبهة المعاكسة التي يقبع فيها أفضل لاعبي المباراة إدين هازارد، فكانت تلك اللقطة التكتيكية الأبرز في اللقاء.
اللقطة الثانية كانت إصرار أرسين فينجر على إشراك كازورلا كمحور ارتكاز ثاني إلى جانب كوكلين أفضل لاعبي الأرسنال في الشوط الأول، ولا يبدو أن أي كم من الإحصائيات الدفاعية السيئة للإسباني سيغير رأي فينجر، فكازورلا يعمل في خطة الأرسنال كجامع للكرات فقط لا غير، في ظل افتقاده لأبسط بدنيات الدفاع واستخلاص الكرة، لاعب فياريال ومالاجا السابق يقدم أداءً رائعًا عندما يتقدم لكنه يكتفي بالتحرك كالعرائس عند الارتداد في انتظار كرة بلا صاحب أو تمريرة سيئة ليبدأ منها الهجمة في ظل عجزه عن استخلاص الكرة وإنهاء الهجمة بنفسه، وهو أمر مقبول للاعب قضى أغلب عمره كجناح وصانع لعب، لكنه بالطبع غير مقبول لمدرب يقضي عامه العشرين في البطولة الإنجليزية التي تعتمد أساسًا على البدنيات في الهجوم، فما بالك بالدفاع، هنا صنع فينجر اللقطة التكتيكية الثانية في المباراة بقراءته السيئة، فعندما أدرك أن مورينيو يكثف الضغط بثلاثة لاعبين في المساحة خلف كازورلا ورامزي، أجرى تبديلاً تكتيكيًا في الملعب باستبدال كوكلين بكازورلا، ليحاول إفساد حفلة هازارد ورفاقه في الجهة اليمنى من دفاعات أرسنال، وكان الأولى أن يبدأ المباراة بهذا الشكل، سيتساءل البعض عن بديل البدء بكازورلا في هذا المركز فأرتيتا ليس أفضل حالاً..لا بديل بالطبع، فلقد أغلق الميركاتو الصيفي أبوابه منذ أكثر من أسبوعين.
بعد ربع ساعة من البداية شهدت فرصة لكل جانب، اتخذ كل فريق موقعه المتوقع، أرسنال في الدفاع وتشيلسي في الهجوم، دون خطورة حقيقية أو ثغرات مهمة من الجانبين بعدما عدل كل من المدربين أوضاعه داخل الملعب، حتى بدا وكأن فينجر ومورينيو قد اتفقا على الخطة بالأمس منعًا للمفاجآت.
وفي ظل أداء مزري من رامزي أسوأ لاعبي الفريقين على الإطلاق، وغلق الطريق تمامًا على سانشيز من أوسكار وفابريجاس بالإضافة لميل لاعبي الأرسنال جهة اليمين لمواجهة كوستا وهازارد، إنعدمت الإثارة تقريبًا إلا من تمريرة فابريجاس في العمق لبيدرو التي كادت تتسبب في هدف البلوز الأول لولا إنقاذ تشيك، ثم أتت الدقيقة 43 بأخطر فرص أرسنال في شوط المباراة الأول عندما تلقى رامزي تمريرة أوزيل العبقرية من أقصى اليسار لأقصى اليمين واضاعة الويلزي في شبه إنفراد بالمرمى، ولكنه فضل المراوغة بدلاً من التسديد ليستحوذ دفاع البلوز على الكرة بسهولة وينطلق في هجوم جديد نحو مرمى تشيك أحد أفضل لاعبي المدفعجية الذين ظلمتهم النتيجة.
المفاجآت لم تأت من المدربين، بل أتت من كوستا في لقطة معتادة للمهاجم الإسباني ذي الأصل البرازيلي، التقطته الكاميرا في الدقيقة 46 وهو يكيل الصفعات لمراقبه كوسيلني ليتدخل زميله جابرييل بإبعاد مهاجم البلوز المثير للمشاكل دائمًا، تطور الأمر لمشادة لم يظهر محتواها واستمر الثنائي في الشد والجذب حتى توجه حكم المباراة مايك دين بالبطاقة الحمراء لمدافع الأرسنال، فيما بدا وكأنه عقاب على إعتداء لم تظهره الكاميرا ولكن رآه الحكم الذي أنهى الشوط الأول بعدها بلحظات.
لم يكن من الممكن أن يبدأ فينجر الشوط الثاني بقلب دفاع واحد هو كوسيلني وكان من البديهي إشراك تشيمبرز البديل الوحيد الصالح لهذا الدور، ولكن عزّ على مدرب المدفعجية أن يسد ثغرة الدفاع دون أن يصنع أخرى في الوسط، فأخرج أفضل لاعبيه دفاعًا وهجومًا فرانسيس كوكلين، نعم لا خطأ هنالك فكوكلين بالإضافة لتغطيته الدفاعية القتالية المميزة كان أكثر لاعبي أرسنال كسبًا للمساحات وقام وحده بأربع انطلاقات للأمام، وبدلاً من أن يخرج رامزي السيئ، أعاده فينجر ليحتل مكان كوكلين ويستمر في تقديم أسوأ عروضه منذ بداية الموسم، بهذا التغيير تحولت خطة الأرسنال من 4-5-1 ل4-3-2 بدخول سانشيز كمهاجم إضافي إلى جانب وولكوت صاحب أكبر عدد من التمريرات الخاطئة بين لاعبي الجانرز، فقط ليعاجلهم البلوز بالهدف الأول في الدقيقة 53 من رأسية زوما من ركلة حرة مباشرة نفذها فابريجاس ثاني أفضل لاعبي تشيلسي في المباراة.
انضمام سانشيز لهجوم الأرسنال لم يسبب كثيرًا من المتاعب للبلوز، لم يُتح للتشيلي الدولي سوى فرصة واحدة من تمريرة أوزيل الطولية التي أخطأها زوما مانحًا سانشيز فرصة للتسديد المباشر أضاعها بغرابة شديدة.
لسبب غير مفهوم، أخرج مورينيو أوسكار في الدقيقة 69 وأشرك راميريس بدلاً منه، في لقطة بدت غريبة ولم يكن من الممكن تفسيرها بالسعي نحو التأمين الدفاعي والحفاظ على الفوز أمام فريق يلعب بعشرة لاعبين بالفعل.
واستمر ضغط البلوز في محاولة لحسم المباراة تمامًا ولاحت لهم عدة فرص في ظل تألق من العملاق تشيك في الذود عن مرماه، بينما أجرى فينجر تغييرين آخرين للتنشيط بالدفع بجيرو بدلاً من أوزيل وتشامبرلين بدلاً من سانشيز، كازورلا أثبت للعنيد فينجر عدم صلاحيته للأدوار الدفاعية للمرة المليون، بتدخل أرعن على فابريجاس استحق عنه الإنذار الثاني والطرد في الدقيقة 79 ليكمل أرسنال الدقائق الباقية بتسعة لاعبين، ويسجل هازارد الهدف الثاني من تسديدة خدعت تشيك بعد إن ارتطمت بكوسيلني لتعلن انتهاء المباراة عمليًا ونظريًا، قبل أن يعود كابوس المدفعجية في المباراة آرون رامزي ليضيع فرصة سهلة أخرى أمام بيجوفيتش كانت كفيلة بتقليص الفارق.
انتهى ديربي لندن ليعود الجميع لقواعده آمنًا، مورينيو استغل أسهل مبارياته في الموسم ليعود للانتصارات بعد غياب قصير، فينجر عاد للخسارة أمام تشيلسي، هازارد عاد للتسجيل، رامزي عاد يهيم على وجهه في الملعب كعادته، وأثبتت التجربة العملية أن أرسنال لا يمتلك فريقًا يمكنه من مواجهة الكبار حتى في أسوأ حالاتهم، ناهيك عن المنافسة على اللقب الذي تبدو كدعابة ثقيلة في ظل أداء فينجر التكتيكي البائس، ليعود هو الآخر لموقعه المفضل في المركز الرابع، ولو مؤقتًا ليصنع المفارقة الساخرة قبل نهاية الجولة.