لا يُوجد إبداع دون حُريه و حين نستخدم كلمه الحُريه فالمعني هُنا مُطلق و الإبداع هو المُحرك الرئيسي لشُريان الحياه. ففي كافه مجالات الحياه ترتبط الحُريه إرتباطاً تلازُمياً حتمياً بالإبداع. حين تُبدع تنطلق من داخلك طاقات كثيره. و في تلك الحياه تتأمر أشياء كثيره كي تُحاصر إبداعك. من يختلفُ عنك يحاول دوماً أن يجعلك مثلهُ لا لشيء سوي لأنهُ يستشعر الأمان حين يتشابه معهُ الأخرين. حين تُحب و تقتنع تماماً فلن يستطيع أحدٍ أن يقترب من حدودك و تلك الحدود هي الحريه. و تلك الحدود بلا حدود أن تضعها و لا يراها غيرك. فالمُبدع يتألق عند إذدهار الحُريات. الأبداع يتطلب إذدهار كُل أنواع الحريات. فقد توصل جاليليو إلي الكثير من المُكتشفات لأنهُ لم يكُن مُقيد بأيه أفكارِ مُسبقه و لأنه كان واضحاً و عالماً أن الكتاب المُقدس لم يكُن و لن يكون في أي وقتِ من الأو قات كتاب علوم أو تاريخ. و حدث ذلك في وقتِ كانت الكنيسه بأُروبا تتحكم في مُعظم الأشياء الحياتيه. فقد إتهمت الكنيسه جاليليو بالهرطقه و الخروج عن أفكار الكتاب المُقدس و ذلك عندما دعم أفكار كوبرنيقوس التي تدور حول أن الشمس هي مركز الكون و ليست الأرض،كما زعمت الكنيسه في ذاك الوقت أن هذا ما يقوله الكتاب المُقدس. هنا تُصبح القضيه أكثر تعقيداً. تفسير الكُتب الدينيه تفسيراً حرفياً بمعزل عن الواقع الحياتي المُعاش يجعل الحياه مُنعزله عن الفِكر الديني. فالفكر الديني يجب أن يُعطي رؤيه حياتيه، أما الفاصيل الحياتيه فيجب أن تُترك لكُل مُجتمع مع المنطق ألذي يتفق مع تلك النظريه. فيجب أن يسود الفكر المنطقي في تفسيرالنشاطات الحياتيه اليوميه و ما يتعارض مع المنطق يجب إعادة فحصهُ حتي يتسني الأخذ بالمرجعيه المنطقيه. الفكر الديني بالأساس هو مُحاوله لتغيير الإنسان نحو الأفضل. لا أعتقد بالأساس أن غياب المنطق قد يُضيف بأي شكل إيجابيه لحياة الإنسان. العلم أساساً يقوم علي المُلاحظه و التجريب ثُم التغيير. فالثبات فكره لا تنتمي للحياه أو العلم. و العُلماء في حالة بحث دائم، فدائماً توجد أسئله جديده و ألإجابات تطرح أسئله أُخري. و حتي يُبدع العُلماء فلابُد من التحرُر المادي و الفكري. فليس من المنطق أن يكون المُفكر، العالم, رجُل الدين في حاله إحتياج مادي ثُم تطلب منهُ التكريس التام للعمل أو الخدمه الدينيه. كما أنهُ ليس من المنطق بأي حالِ من الأحوال أن يشترك رجُل الدين المُفترض إنهُ مُنقطع للبحث العلمي أن يُشرك أو يقُوم بأي عمل تُجاري أو أن يعمل لدي الحكومه فهذا يقتنص الكثير من تلك الحُريه المُطلقه التي يجب أن يتمتع بها دائماً. حين يخلط القنان بين الربح المادي و الفن المُطلق يقل الإبداع و توهُجهُ. فالفنان الحقيقي يُكرس حياته لفنه لإنه هو و الفن يصبحا شيئاً واحداً. حين رأيت الفنانه الكبيره أمينه رزق علي مسرح الهناجر في عام 2002 تُمثل في مسرحية الليله الثانيه بعد الألف للكاتب عبدالله الطوخي و كانت جالسه و هي تُمثل طوال المسرحيه و كانت قد بلغت الرابعه و التسعون من عُمرها, و لن نستطيع أن نجد سببِ أخر غير العشق الشديد للفن, فالتمثيل بالهناجر عموماً لا يُدر مالاً كبيراً و لكنهُ ذاك العشق الذي يجعل الحياة حياه. و يجعل أمينه رزق تُقاوم ألام المرض و تتحدي الزمن و تُبدع, فقد وجدت الحياه في إبداعها, و توحدت بفنها فأصبح الفن هو الطاقه و القوي الدافعه خلف النشاط الحياتي التي قامت به. فلحظات الإبداع للمُبدع هي لحظات نشوي و زوبان, و قد ينسي الزمان و المكان و يتوحد مع الفن في حالة إخلاص يتسم بالنقاء. و لذا فالحُريه المُطلقه هي ملاذ كُل فنان.