كعادتنا نحن المصريين فى الالتفاف حول الأشياء وتسميتها بأسماء غامضة تشابهأسماء الدلع، أطلقنا على الثقافة الجنسية كلمة صحة إنجابية، كما سمينا الهزيمة منقبل نكسة، ووصفنا التضخم بأنه تحريك للأسعار، والكوليرا حولناها لأمراض الصيف،وقائمة أسماء الدلع المصرية طويلة لا حدود لها، وتعلن بشكل واضح أننا مازلنامجتمعاً يخشى المواجهة ويفزع من التحديد والتجديد، ويعشق الألوان الرمادية والأفكارالشبيهة بالبالوظة أو الجيلى أو الأميبا التى لا قوام لها!، لابد ألا نخشى من إعلان أن المطلوب هو ثقافة جنسية ومعناها محدد فى الكتبالعلمية، وموضوعاتها واضحة فى علم السكسولوجى، ولابد أن نعرف أن غريزة الجنس هىأرقى الغرائز البشرية، وأن الله قد كرمنا بالاختلاف والتميز عن الحيوانات فىممارستها، فالبشر ليست لديهم مواسم تلاقح أو سفاد محددة، والبشر هم الكائناتالوحيدة التى تتلاقى وجهاً لوجه فى العلاقة الجنسية مما يدل على سمو وأهميةالمشاركة والحوار النفسى والعقلى والحنان والتعاطف أثناء الجنس. الإنجاب ليس كل الجنس بل هو أقل الوظائف الجنسية أهمية، فالجنس له وظيفتانبالإضافة للإنجاب وأرقى منه، وهما المتعة والتواصل، فالجنس ديالوج مشترك يتواصل فيهالرجل والمرأة بلغة عبر كهرباء تسرى فى الجسد ويسرى معها الود والحب، ولذلك فالثقافة الجنسية ليست هى تعليم الجماع والأوضاع الجنسية، إنها معرفةخريطة الجسد لطفل يحفظ خريطة الوطن العربى ولا يحفظ خريطة جسده ومشاعره، إنها معرفةكيفية الدخول إلى مرحلة المراهقة ومشاعرها المتضاربة المقلقة لطفلة تمتحن فى كيفيةدخول الحملة الفرنسية إلى مصر وتجهل دخولها مرحلة الدورة الشهرية!!، ما الفرق بين جسد الولد والبنت؟، كيف يتعامل الولد مع البنت كصديقة ولا يتوجسمنها ويعاملها كشيطان؟، وكيف تتعامل البنت مع الولد ولا تصنفه كهولاكو أودراكيولا؟!! كل هذا ثقافة جنسية. فصل الأولاد عن البنات فى الحضانة ثقافة جنسية مغلوطة وترسيخ لأوهام نفسية تتضخمككرة الجليد، منع البنات من ممارسة الرياضة خوفاً على غشاء البكارة ثقافة جنسيةمغلوطة وجاهلة، ترسيخ مفاهيم الولد النشيط الذى يلعب الكرة فى مقابل البنت التىتكنس وتمسح وتغزل التريكو فى كتب القراءة الرشيدة يعتبر أيضاً من قبيل الثقافةالجنسية الخاطئة، والنواب الذين اعترضوا على الثقافة الجنسية فى المدارس لسنامسؤولين عن هواجسهم، والمعترضون على كلمة جنس لسنا مسؤولين عن عقدهم النفسية، فدفنرؤوسنا فى الرمال لن يمنع وجود الجنس كحقيقة، فنحن قد فعلنا مثل من قاوم مجرماًيحمل السكين بإغماض عينيه!، فعلى سبيل المثال من ضمن أسلحة مواجهة التحرش واغتصاب الأطفال سلاح الثقافةالجنسية بالإضافة لأسلحة أخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية، وأيضاً من ضمن أسلحةمقاومة الأمراض التناسلية المعدية الثقافة الجنسية، ولذلك فالثقافة الجنسية ليستدعوة إباحية كما يروج البعض، ولكنها دعوة أخلاقية وإنسانية وتربوية. [email protected]