كان يوم الأستفتاء تاريخى بكل المقاييس ويوم مشهود لم نره فى مصرنا الغالية من قبل من ناحية نسبة المشاركة فى عملية التصويت أو حتى فى أنتظام الطوابير و كانت تجربة جميلة نرجو ن تتكرر فى المستقبل ولا نعود للوراء مرة أخرى و نستمر على هذا الدرب من اجل رفعة هذا الوطن و على الرغم من اعتراضى على التعديلات الدستورية فأننى متفق مع الغالبية العظمى على أن نتائج الاستفتاء جاءت معبرة عن الارادة الشعبية و لم يشوبها التزوير و لكننا لابد ان نضع بعض الملاحظات نصب أعيننا بحيث لا نراها مستقبلاً فى اي استفتاءات أو انتخابات مقبلة لان الطريقة التى تم الترويج لها لصالح التعديلات الدستورية لعبت على أوتار عواطف المواطنين لكسب تأييدهم خاصة البسطاء الذين ليس لديهم ثقافة و معرفة قانونية و دستورية و سياسية كافية حتى يعملوا العقل فيما تحمله لهم الدعايات الترويجية لتأييد التعديلات من شعارات لا تمت لجوهر التعديلات او مضمونها من قريب او بعيد وهى منفصلة عنها تماما بل منفكة عنها و لا علاقة لها بها فلعبت جماعة الاخوان المسلمين و السلفيين دور هام فى الترويج لتلك التعديلات من خلال اشعار المواطن بالخطر فى حالة رفضه التعديلات وان ضمان الاستقرار مرتبط بقبول الشعب تلك التعديلات و اى انسان طبيعى سيريد دفع هذا الخطر المجهول عنه بكل قوة و ان البلد ستدخل فى حالة فوضى و ارتباك لو تم رفض تلك التعديلات و هذا الكلام شائك للغاية لانه يعد اتهام غير مباشر للمجلس العسكرى بعدم و ضوح الرؤية بالنسبة له لانه فى حالة اختيار الشعب البديل الثانى سيقع المجلس العسكرى فى حالة ارتباك لانه لا يمتلك رؤية استراتيجية تجعله متمكن من امتلاك زمام الامور والذى زاد الامور غموضا لدى المواطن والتباسا هو غموض الطريق الثانى وشعوره بعدم الامان معه نتيجة الحملة الشرسة التى كان يروج لها كل من الاخوان و السلفيين و جماعات دينية و حزبية أخرى و الضغط على ذلك الوتر فعندما يزداد شعورك بالخوف من شئ غير متوقع فأنك سوف تتخذ طريق السلامة والنجاة ليس لانه أفضل الطرق ولكن لان هذا الطريق تم تصويره لكل على انه الطريق الوحيد الامن اما بقية الطرق فمحفوفة بالمخاطر على الرغم ان ذلك عار تماما عن الصحة وعن الواقع و تم الترويج لهذه الفكرة فى وسائل المواصلات العامة وفى الطرق وعن طريق المنشورات التى توزع بكثافة فى كافة المناطق. وكان من القائمين على عملية الترويج شخصيات دينية نكن لها كل الأحترام والتقدير وهى عالمة فى مجال تخصصها ولكنها تفتقر إلى الحد الادنى من المعرفة السياسية للعالم المعاصر لأن كلامها يؤثر على الناس فعندما يخرج لنا شيخ جليل سواء اكان فى الاعلام المرئى او المسموع او على المنابر فى المساجد ليؤيد التعديلات الدستورية ويعتبر عملية التأييد و اجب شرعى فهذا يعطى انطباعا لدى المواطنين ان من لا يؤيد التعديلات عليه وزر ويعاقب فى الآخرة على تلك المعصية وهنا لعب خطير على العاطفة الدينية لشعب مصر المتدين الجميل فلابد ان يعى ان كل من اعتلى منبر العلم فى الاسلام او منبر الدعوة الى الله ان كل كلمة او فتوى يقولها محسوبة عليه يوم القيامة و يجب ان يعى هؤلاء الدعاة ان يفرقوا بين الفتوى والرأى الشخصى و لا يلبس الرأى الشخصى ثوب الفتوى حتى يضفى شرعية على قناعته الشخصية امام الرأى العام لانها لو كانت خاطئة فستكون فتواه ضررها اكبر من نفعها لتضليل الرأى العام بها لان الرأى متهم اما الفتوى فلها قدسيتها عند الشعب المصرى و يأخذ بها الشعب دون أن يبحث ما وراء تلك الفتوى من أسانيد و أدلة لاننا نخشى أن تأتى علينا اللحظة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ان تختلط الفتوى بالرأى فى اشخاص المرشحين و يصبح الدعاة دورهم غير حيادى فى تلك الامور و يتم شراء الذمم من أجل تأييد هذا المرشح على حساب المرشح الآخر لان تأثير من يعتلى منبر المسجد سيصبح خطيرا لو قام بتأييد مرشح ليس الا لانه ينتمى الى الجماعة التى ينتمى اليها الداعية ويصبح المنبر بوق لصالح مرشحين بعينهم دون الآخرين وهنا مكمن الخطر من خلال اللعب على العاطفة الدينية وتم الترويج للشائعات من قبل جماعة الاخوان المسلمين والسلفيين من ان المعترضين يحصلون على تمويل و دعم امريكى مما يوحى للبسطاء بأنهم عملاء وخونة بل ومرتزقة ايضا ولكن الشائعات عندما تنطلق فلن يوقفها أحد حتى لو اعتذرت جماعة الاخوان المسلمين عن ذلك فى موقعها ولكنهم يعلمون تمام العلم ان الشائعة لو انطلقت مائة الف لسان سيروج لها لما بها من الاثارة والتشويق الذى يفضله اى انسان و هنا شوهت صورة المعترضين فى اعين الشعب المصرى وان ارادة المعترضين موصومة بصك امريكى و تم الترويج ايضا منهم على انك لو أيدت التعديلات فأنك تحافظ على المادة الثانية من الدستور المتعلقة بمبادئ الشريعة و فى الحفاظ عليها نصرة للاسلام وستجد لافتات غرقت بها مصر مرتبطة بذلك الموضوع تحتوى على انه لا مساس بالمادة الثانية من الدستور فى رسالة تحذيرية للجهات المسؤولة على الرغم من عدم تطرق التعديلات لتلك المادة و لكنها رسخت فى ذهن المواطن البسيط تلك الفكرة لدرجة ان أمرأة عجوز جاوزت الثمانين تأتى الاستفتاء للتأييد لنصرة الاسلام طبعا العيب ليس فيها ولا أنها أمرأة جميلة وصادقة ومخلصة ولكن العيب كل العيب على الذين يريدون ان يلعبون السياسة بطريقة حلق حوش