هل من قبيل الصدفة أن تعود حركة حماس وتمد جسور الود من جديد مع حليفها السابق "ايران" ؟ أم أن هذا الغزل الذى انتهى إلى عودة المياه لمجاريها كما صرح بعض من قيادات حماس , جاء بعد تدخل المملكة العربية السعودية والضغط على قطر بقوة لتعبيد طريق المصالحة مع مصر , وتحييد موقفها من الاخوان سواء بالتحالف معهم أو بدعمهم , الأمر الذى يدعو للقلق من فقد الدعم المادى واللوجستى للحركة بالتبعية ؟ علاقة حماس بايران شابها البرود والتوتر منذ عام 2011 بعد ثورات الربيع العربى التى انطلقت سهامها لتخترق قلب سوريا فاختلفت المواقف , وخرجت حماس من شرنقة الحليف لسوريا إلى المؤيد للمعارضة التى انبثقت عن الثورة الشعبية ضد نظام بشار الاسد , بخلاف الموقف الايرانى الداعم والمؤيد للنظام السورى , ومن هنا جاء انفراط العقد مع كل من سورياوايران الحليفين الاستراتيجيين ! متغيرات كثيرة طفت على سطح الأحداث تجعل حركة حماس تعود إلى حلفائها القدامى مثل ايران التى طالما كانت الداعم لها سياسيا وعسكريا , ومن أبرز هذه المتغيرات قرب تحقيق المصالحة القطرية المصرية وتأثيرها على الحركة , لذا سارعت بالسعى لاستبدال حليف بآخر , خاصة فى ضوء العزلة الشديدة التى تعيشها فى قطاع غزة والأزمات الداخلية والخارجية التى أجبرت حماس على البحث أو العودة إلى طريق التحالف مع ايران , وربما لم يعد أمامها بديل سوى العودة إلى الدوران فى الفلك الايرانى , فهى تتطلع وتطمع بامدادها السلاح الايرانى كما كان فى السابق بعد أن جفت منابع الدعم , أما طهران فمن مصلحتها لفت نظر العالم الاسلامى إلى دورها فى حماية الفلسطينيين , بعد عزوفه عنها بسبب وقوفها إلى جانب الرئيس السورى بشار الأسد , وهذا سيفيد قطعا نشاطاتها فى المنطقة التى تأثرت كثيرا فى الفترة الماضية . لكن ما يعنينا من هذا التقارب هو مدى قدرة حماس على ثبات سياستها التكتيكية فى علاقتها بقطر بالتحديد بعد الاعلان عن المصالحة بين القاهرة والدوحة , ما يعنى خروجها من معادلة التحالفات الممهورة بالدعم الكامل سياسيا واقتصاديا , نظرا لما يشكله هذا الدعم من اخلال بشرط القاهرة بتجفيف منابع الدعم القطرى لجماعة الاخوان المسلمين قلبا وقالبا فى الداخل والخارج المصرى , وبالطبع هذا له انعكاساته على حركة حماس التى هى جزء أصيل من الجماعة ! المصالحة المصرية القطرية لا زالت محل جدل كبير فى مصر , فكثير من الأطراف السياسية تتشكك فى النوايا القطرية وترفض هذه المصالحة , التى ما كانت لتتم من غير الضغوط الخليجية وعلى رأسها السعودية , والتهديد بخروج قطر من مجلس التعاون الخليجى الذى يعنى لقطر الكثير سياسيا واقتصاديا , ويبدو أن قطر لا تستعجل هذه المصالحة بدليل المهلة التى طلبتها قبل اتمامها فور الشروع فى الحديث عنها قبل نحو شهر !؟ قطر لا زالت تبحث عن البدائل لخروج الاخوان الآمن بل تنتظر ما يجرى فى ذكرى 25 يناير المقبل ومدى قدرة الاخوان على الحشد من عدمه , حتى يكون قرارها على بينة ووضوح , وحتى تكون قد أعادت ترتيب أوراقها حسب المستجدات الطارئة على المشهد السياسى , وهذا يظهر أن الرغبة القطرية فى المصالحة جاءت على مضض وعلى غير هواها السياسى بدافع الواقع الاضطرارى . حماس والاخوان شقى معادلة بدأت تتداعى بعد حصارهما وانهيار قواعدهما , حماس تبحث عن البديل الداعم متمثلا فى ايران , والاخوان يبحثون عن البديل فى حالة اتمام المصالحة بين مصر وقطر متمثلا فى تركيا , وكلاهما يصب فى بوتقة واحدة أن تكون تركيا رأس الحربة وقاعدة المثلث بينما قطروايران ضلعيه الاساسيين , غير أن السؤال الملح الذى يفرض نفسه : هل تصمد قطر أمام مشروع المصالحة المغتصبة ؟! أم تتراجع وتعود إلى تحالفاتها المشبوهة ضاربة عرض الحائط رغبة جيرانها من الدول الخليجية , خاصة وأن قطاعات كبيرة من الشعب المصرى ترفض تمثيلية المصالحة مع قطر , تماما مثلما يتحفظ قطاع كبير من الشعب الفلسطينى على عودة العلاقات بين حركة حماس وايران , خاصة مع دخول حماس فى مصالحة مع السلطة الفلسطينية التى لا تتفق خطوط سياستها مع ايران !! . اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة