مع بداية أكتوبر من كل عام تبدأ شادية محمد، 50 عاما، فى جمع أجولة الدقيق من «العربجية» و«جامعى القمامة» العاملين فى «عزبة الصفيح» حيث تسكن. هذه الأجولة ستصير على مدار الشتاء غطاء لها وزوجها وأبنائها الثمانية تعويضًا عن عدم امتلاك الأسرة للبطاطين. حرصت «شادية» هذا العام على وضع كمية كبيرة من الكرتون والبلاستيك فوق سطح الغرفة، خاصة فى المكان المخصص للحصان، حيث سبق أن مات لها حصان فى العام الماضى بعد غرقه فى مياه الأمطار، وتضطر للاستدانة، لشراء حصان آخر حتى لا تتوقف عجلة العمل. وتعرف «عزبة الصفيح» بعدة أسماء مثل «عرب الحصن» و«شارع التوفيقية» و«الجبانات»، لكن سكانها الذين يعملون فى جمع الصفيح لبيعه للمصانع الكبرى، يصفونها بالمنطقة الأكثر فقرا، رغم تعدد الجهات الحكومية التى تتقاضى منهم إيجارات ورسوما، منها وزارة الرى التى تحصل إيجارات سنوية من السكان تقدر بحوالى 2000 جنيه سنويا، بحسب ما أكده فتحى محمد مرسى، أحد سكان المنطقة، الذى قال: «جميع العشش هنا مبنية من الطوب أو الخشب والكرتون، والآن أصبحت متهالكة بسبب موجات المطر العنيفة التى نتعرض لها منذ ثلاث سنوات تقريبا، ومع ذلك لا نستطيع ترك منازلنا بسبب أرزاقنا التى ارتبطت بالمكان». يعيش «فتحى» الذى يبلغ من العمر حوالى 62 عاماً فى عشة مكونة من غرفتين وصالة من الطوب ومسقوفة بالخشب والأسمنت، إلا أن هذا لم يمنع الأمطار الشتوية من التسرب عبر شقوق السقف لتغرق الأرض والجدران. وتروى أمينة شاهين، وهى امرأة ستينية من اللواتى يعملن فى جمع الصفيح لبيعه لأصحاب المصانع، مفارقة غريبة قائلة: «بالرغم من إننا بنتاجر فى الصفيح إلا أننا لا نستطيع استخدامه والاحتماء به من أمطار الشتاء، لأن فرق سعر شراء الصفيح من الباعة الجائلين وتجميعه وبيعه بكميات لأصحاب المصانع هو ما يكفينا بالكاد للأكل والشرب». اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة
