عن إعلام العنتيل والتنمية

قام الاتحاد الدولي للصحفيين بمبادرة تسمي الصحافة الأخلاقية، من أجل تعزيز فكرة التمسك بالقيم الاخلاقية في وسائل الإعلام على مستوي العالم. فمع تطور التكنولوجيا والتغيرات السريعة في مجال الصحافة والإعلام زادت حدة المنافسة، وأصبح دور وسائل الإعلام ومهمتها من أهم الأمور في مختلف الميادين والتخصصات.
نأخذ من ذلك عبرة لما تم التركيز عليه من قبل بعض وسائل الإعلام الخاص في الأيام القليلة الماضية، حيث قامت بتغطية قصة عنتيل الغربية وأخذت حيزا كبيرا، سواء على صفحات الجرائد أو البرامج الحوارية. وبعدها ظهرت أخبار السيدة التي تم القبض عليها بتهمة تعدد الأزواج، وبدأ بعض محاوري التوك شو في الصراخ والسباب لانهيار القيم في المجتمع.
ولكن التركيز على خبر العنتيل لا يؤكد سوي استمرارية معاناة بعض الوسائل الإعلامية من مشكلتين رئيسيتين: الأولي هي مخالفة كثير من معايير المهنية، فأصبحت الفضائح هي التي تتصدر الأخبار، ونشر صور الضحايا من سمات بعض الوسائل الإعلامية بحثاً عن الشهرة. فما القيمة الخبرية والفائدة التى تعود على المحطة أو الجريدة من نشر صور للعنتيل أو وضع فيديوهات تحتوي على لقطات لما كان يمارسه؟
أما النقطة الثانية فتتعلق بأجندة وسائل الإعلام. فعلي وسائل الإعلام، خاصة الفضائيات، تغيير الأجندة وترتيب الأولويات بما يتواكب مع المرحلة الحالية، بمعني آخر إعادة ترتيب المواضيع التي يتم تغطيتها في وسائل الإعلام حتي يتم الاختيار على أسس معرفية تهم الفرد والمجتمع. فطبقاً للدراسات العلمية هناك علاقة بين القضايا التي توليها وسائل الاعلام اكتراثاً وتزايد اهتمام الجماهير بتلك القضايا. فماذا لو اعتني الإعلام بقضايا التنمية؟ ماذا لو ناقش الإعلام قضايا الشباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بدلاً من العنتيل؟ وماذا لو ساعد الإعلام في تعزيز قدرات الجمهور من أجل المشاركة الإيجابية في عملية التنمية والقضايا التي تهم المجتمع؟.
ولكن الإعلام يترك الإنجازات ويهتم بالسقطات، يترك المبدعين ويهتم بالأفاقين، يغفل عن المبتكرين ويعلن عن المعاشرين، يتناسي الإيجابيات ويهتم بالفضائح، يتجاهل صناع المجتمعات ويركز على هادميها، ويراهن على فتاوي الفضائيات، فيظهر له عنتيل الدين.
على وسائل الإعلام أن تغير من اتجاه بوصلتها ولو قليلاً في اتجاه الإعلام التنموي، وإعاده النظر فيما يقدم. فوسائل الإعلام شريك في عملية التنمية مع باقي مؤسسات الدولة، وعليها أن تتفهم دورها في عصر المعرفة والمعلومات وكيفية بناء مصر الجديدة وبناء مجتمع غني معلوماتياً بدلاً من وجود إعلام يعتمد على الخرافات ويشغل المواطن بأخبار متهالكة ويختزل تغطيته في السخافات والصراعات والمشاجرات اليومية التي لا تناقش مشاكله ولا تساعده في التقدم أو تعديل مسار حياته.
طرحت كثير من المبادرات الإعلامية ومواثيق الشرف بهدف إنتاج محتوي إعلامي مختلف يخاطب العقول ويتيح المعلومات، ويبتعد عن الإثارة والتغطيات السلبية، وقد حان الوقت لتفعيلها وتوعية الصحفيين بمبادئها حتي تتم تنقية المشهد الإعلامي من العناتيل.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة