الهند وباكستان، بلدان أسيويان اشتهرا لأعوام بلقب «الجارتين النوويتين»، ليقُدر لهما ظهر الجمعة 10 أكتوبر 2014، أن تتغير حلقة الربط الإخباري بين اسميهما، ولو قليلاً وبشكل مؤقت، من الحرب إلى السلام، بسبب قدريّ تمثل في فوز ناشطين ينتمي كل واحد منهما لواحدة من الجارتين المتصارعتين، بجائزة نوبل. ففي ظهر الجمعة، أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، أن جائزة نوبل التي تمنحها سنويًا في مجالات متعددة، منها الفرع السياسي تحت مسمى «السلام»، تقاسمها للعام الحالي الطفلة الباكستانية الناشطة ملالا يوسف زاي، والناشط الهندي في مجال إنهاء «العبودية المعاصرة» كيلاش ساتيارثي، وحديهما دونًا عن 276 مرشحًا آخرين للجائزة نفسها، ليرتبط اسم الهندوباكستان عبر مواطنيهيما، وربما لأول مرة في تاريخيهما، بشئ غير الحرب، بل للمفارقة بما هو النقيض «السلام». ويرجع سر الربط السلبي بين البلدين، إلى أكثر من 60 عامًا مضت، استمرت فيهم العلاقات السياسية بين الهندوباكستان على غير ما يرام بسبب صراعهما المنصب منذ نهايات الأربعينيات حول إقليم كشمير الحدودي، والذي لسعي كليهما للسيطرة عليه اندلعت بينهما 3 حروب، بخلاف المناوشات وتبادل إطلاق النار المستمر إلى الآن بين قوات البلدين، على الرغم من اتفاقيات التهدئة. ويقع إقليم كشمير، سبب النزاعات، على حدود دول أربعة هي الهندوباكستانوالصين وأفغانستان، بمساحة إجمالية تبلغ 86 ألف و23 ميل مربع حوالي (222.236 كيلو متر مربع)، مقسمّة بموجب الخط الخاص باتفاق وقف إطلاق النار بين الهندوباكستان منذ عام 1949، والذي صار معروفًا منذ عام 1972 الذي شهد توقيع اتفاقية «شملا» للسلام بين البلدين باسم «خط الهدنة». كشمير، الذي تبلغ المساحة الهندية فيه نسبة 48% تقريبًا من أراضيه معروفة باسم «جامو وكشمير» والمساحة الباكستانية نسبة 35% استقلت وأصبحت تعرف باسم «آزاد كشمير» ويتبقى منه مساحة 17% تحت السيطرة الصينية، يرجع النزاع حوله إلى العام 1947، عندما فضل حاكمه الهندوسي عقب الجلاء البريطاني الانضمام بإقليمه للهند وليس باكستان، لتندلع إثر ذلك أولى الحروب في أكتوبر للعام نفسه وعلى مدار عام و4 أشهر، حتى أنهاها قرار من مجلس الأمن الدولي في يناير 1949. بالنسبة لسكان الإقليم المتنازع عليه، البالغ عددهم بحسب تقديرات في عام 2008 نحو 13 مليون نسمة تقريبًا تتنوع جنسياتهم بين الهنديوالباكستاني ودياناتهم بين البوذية والسيخ والهندوسية بجانب الأغلبية المسلمة، بدا الأمر في طريقه للتسوية السلمية، خاصة بعد صدور قرار في اعقاب وقف إطلاق النار في ذلك العام 1949، يقضي بإعطاء السكان حق تقرير المصير بالانضمام لإحدى البلدين بموجب استفتاء، لكن لا الاستفتاء تم ولا الأمر هدأ كما أرادوا واعتقدوا. وفي عام 1957، ضمت الهند ثلثي الإقليم وضمت باكستان ثلثه الشمالي، وأتبع ذلك في عام 1962 سيطرة من الصين الشريك الحدودي الثالث على جزء من الإقليم، لتندلع الحرب «الهندية- الباكستانية» الثانية في سبتمبر 1965، والسبب كان كشمير ولم يتغير. تدخلت حينها، وللمرة الثانية، الأممالمتحدة وأوقفت إطلاق النار، الذي ما لبث أن عاد وتجدد متجسدًا في حرب ثالثة اندلعت في ديسمبر عام 1971، ووضعت أوزارها بانتصار الهند، وتبدأ مرحلة الدبلوماسية واتفاقيات التهدئة التي لم تحل دون شن غارات جوية وسقوط قتلى واندلاع معارك إلى يومنا هذا. من السبعينيات وإلى 2014، تواصلت المناوشات على فترات متقطعة بين المتحاربين الذين يرى كلاً منهما في الإقليم «حق» له وأهمية سياسية، أبرز عناصرها بالنسبة للهند، بحسب إفادات محللين، أن الإقليم بمثابة باب للتقسيم على أساس طائفي وعرقي يجب أن يبقى مغلقًا وتحت سيطرتها، وإلا تصبح مهددة بمطالب محتملة حال انفصاله عنها باحتمالية تعالي أصوات في ولايات أخرى بها للمطالبة بالسير على الدرب نفسه، ولباكستان فإن «كشمير» موقع استراتيجي لأسباب أحدها كونه منبع 3 أنهار تجري في أراضيها، لهذا كانت حروب الطرفين في سبيل ضمه خيارًا قريبًا دائمًا. على أرض البلدين الذين تغيرت آلية إدارتيهما للصراع على مدار عقود، وتأثرت بعوامل كانهيار الاتحاد السوفيتي إيذانًا ببدء عصر القطب الأمريكي الأوحد، وأحداث 11 سبتمبرالمستتبعة لحرب على الإرهاب تدور رحاها إلى اليوم، على تلك الأرض للبلدين كان للمواطنين ملالا وكيلاش سعي، لكن في مجالات أخرى غير الحروب. الطفلة الباكستانية ملالا، انصب اهتمامها على التصدي لحركة «طالبان» التي «تحرم الفتيات من التعليم، وتكفّر وتقتل معارضيها»، فنالت عن ذلك النشاط جوائز وتكريم من دول ومنظمات عدة، فيما عاقبتها الحركة المتشددة بالرصاص. وشريك ملالا في «نوبل» كيلاش المهندس الكهربائي الهندي كان منذ 1980 أحد المهتمين بالقضاء على عمالة الأطفال وأثمرت مجهوداته عن إنقاذ أكثر من 75 ألف طفل عامل. ملالا وكيلاش، كليهما بمجهودات في العمل المدني وبدون قصد أو تخطيط مسبق، كانا في النهاية سببًا في جائزة «سلام» سيقترن اسم بلديهما بها في دفاتر التاريخ الذي طالما سجل اسميهما، بسبب الساسة والأنظمة، في خانة الحروب. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة