ربما تلك العبارات التقليدية مثل «ممثل موهوب» أو «فنان من طراز خاص» و«موهبة مختلفة» لن تفى خالد صالح حقه، ولن ترثى لحال معجبيه وزملاءه الذين صدموا بخبر وفاته، صباح أمس، وكانوا يدعون له بالشفاء، بل يتأهبون لخروجه متعافيا من مستشفى مجدى يعقوب للقلب في أسوان، لكنه القدر، وكان قدره الموت عن 50 عاما، مثلما كان قدره أن يترك وراءه علامات وأدوارا لم يستطع ممثل منافسته فيها، وبأداء عبقرى يقترب كثيرا في تميزه واختلافه من مواهب نادرة في الفن المصرى مثل محمود المليجى وزكى رستم ومحمود مرسى. من مسرح الجامعة انطلق خالد صالح، وبدأت دماء التمثيل تجرى في عروقه، وظلت تلك النداهة تطارده، فشارك، وكان طالبا جامعيا في مسلسل «إلى أبى وأمى مع تحياتى» عام 1979، وظهر كهاو في أعمال مسرحية بالهناجر وغيره مثل: «أنطونيو وكليوباترا» و«الميلاد» و«الغفير»، وشارك في عدة أفلام مثل «جمال عبدالناصر» 1998 و«جنة الشياطين» 1999، و«النمس» 2000، و«النعامة والطاووس». إلى أن لم يستطع الصمود أمام نداء التفرغ تماما للعمل ممثلا، وكان عمره وقتها 36 عاما، وبدأ يأخذ اتجاها خاصا في تقديم أدوار الشر والشخصيات المعقدة، ليملأ فراغا كبيرا ويأخذ موقعا ظل شاغرا لسنوات، وتم تسكينه في تقديم الأدوار الثانية بجدارة في عدة أعمال، بعد أن كانت الأدوار الثانوية هامشية أمام سطوة البطل الأوحد لسنوات طويلة، إلا أن موهبة خالد صالح لفتت إليه أنظار المخرجين، فكان «الرجل الثانى» الناجح في منافسة البطل في أي فيلم يقدمه، بحضوره وتركيبته الخاصة، فوقف أمام أحمد السقا في فيلم «تيتو»، ومعه قدم أعمالا أخرى ليحققا نجاحا كدويتو سينمائى مميز كما في «حرب أطاليا» و«عن العشق والهوى» و«ابن القنصل»، كما قدم الكوميديا بلمسة الشر في «محامى خلع» مع هانى رمزى، و«فتح عينيك» مع مصطفى شعبان، و«ملاكى إسكندرية» مع أحمد عز، و«أحلام حقيقية» مع حنان ترك، و«ثمن دستة أشرار» مع محمد رجب وياسمين عبدالعزيز ونيكول سابا. إلا أن الاعتماد على خالد صالح ك«غول» تمثيل برز كثيرا بأدائه المبهر لشخصية «كمال الفولى» في فيلم «عمارة يعقوبيان» عام 2006، والتى حملت إسقاطا كبيرا على شخصية زعيم الحزب الوطنى المنحل والبرلمانى الراحل كمال الشاذلى أمام عادل إمام وخالد الصاوى وهند صبرى. وتأتى مرحلة العمل مع المخرج خالد يوسف محطة ونقلة نوعية فارقة في مشوار خالد صالح، بدأها بالعمل مع المخرج الكبير يوسف شاهين في آخر أعماله «هى فوضى» 2007، حيث اختاره شاهين بطلا أمام منة شلبى في دور أمين الشرطة الفاسد الذي يغتصب ابنة حارته بعدما أغرم بها، واستطاع صالح تحمل مسؤولية البطولة بجدارة أهلته فيما بعد ليلعب بطولة أعمال خالد يوسف، ويتحمل الأدوار الرئيسية فيها، مثل «الريس عمر حرب»، و«كف القمر»، حتى لو ظهر كضيف شرف صامت في حلم يراود الأم بفيلم «حين ميسرة». كان لصالح حضوره وتمثيله الذي يعتمد على عينيه وتعبيرات وجهه في شخصية «رضا» الابن الأكبر لهالة فاخر، والذى تنتظر عودته من العراق. وبعيدا عن أدوار الشر، استطاع صالح التمرد على ذاته بتقديم الكوميديا الخالصة كما في فيلم «أحلى الأوقات» الذي اشتهر فيه بشخصية «إبراهيم» الموظف المطحون، حينما تخاطبه زوجته- هند صبرى- وإفيه «أنا عايزة ورد يا إبراهيم»، كما قدم الأداء الصوتى بالدبلجة المصرية لفيلم الرسوم المتحركة الشهير «نيمو». أين تذهب هذا المساء؟.. اشترك الآن