تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنقذوا شعار «الجيش والشعب إيد واحدة»
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 03 - 2011

قلتها من قبل والآن أكتبها وسأظل أكررها قولا وكتابة حتى تملَّها فأواصل قولها وكتابتها لك مجددا: كل التحديات التى تواجهها ثورة الخامس والعشرين من يناير يمكن أن تمر بسلام مهما كان مصدرها وقوة من يقف وراءها سواء فى الخارج أو فى الداخل، إلا تحديين يمكن لهما أن يعصفا بالثورة ويجهضا كل نجاحاتها ويدخلا البلاد فى نفق مجهول لا قدر الله. التحدى الأول يكمن فى إمكانية تخريب العلاقة بين الجيش والثوار، وهى العلاقة التى بنيت على أساس واضح هو تدخل الجيش لتتويج كفاحات الثائرين وحسم صراع كان مبارك ومن معه يريدون له أن يطول أيا كان الثمن، ثم تعهد الجيش بتلبية مطالب الشعب المشروعة فى ظل إطار زمنى حدده لنفسه، وبرغم اختلافنا معه حول ذلك الزمن إلا أننا ندرك أنه ألزم نفسه بألا يتجاوزه حرصا منه على الالتزام بدوره الذى قرره الدستور فى حماية الوطن وسلامة أراضيه.
التحدى الثانى يكمن فى تحويل ملايين المواطنين الصامتين والمراقبين من قوة متفرجة وأحيانا متعاطفة وأحيانا ساخطة إلى قوة مواجهة ضد الثورة والثوار بفعل ضغوط الانفلات الأمنى والتردى الاقتصادى ووقف حال البسطاء العاملين فى السياحة والخدمات وغيرهما من الأعمال التى يرتبط الرزق فيها بالعمل اليومى بالإضافة إلى شيوع قلق عام من تداعيات تفجير ملفات ملغومة اجتماعية ظن البعض منا خطأً أن الثورة قد حسمتها، حتى لو كان ذلك التفجير بفعل فاعل كما فى حالة فتنة أطفيح التى توجد شواهد متواترة على وجود أصابع ساهمت فى إعادة إشعال أوضاع كانت قد هدأت قليلا بعد التهابها، وأريد هنا للتدليل على تصاعد خطورة هذا التحدى أن أشير إلى شهادات عدد من الناشطين الذين شهدوا على ما حدث يوم الأربعاء الماضى من مواجهات حدثت فى عز النهار وقبل ساعات من موعد حظر التجول ونجحت فى إخلاء ميدان التحرير من معتصمين لم يتجاوز عددهم 700 مواطن فى أقصى تقدير.
المقلق أن هذا الإخلاء لم يتم بسبب خطأ كارثى قام به المعتصمون أياً كان رأينا فى اعتصامهم، ولم يسبقه تحذير قاطع يدعو لإخلاء الميدان لأى سبب ولم يبدأ بأيدى الشرطة العسكرية كما حصل من قبل، بل تم على أيدى مدنيين وصفهم البعض بالبلطجية، بينما قالت شهادات أخرى بأن بعض المهاجمين يمكن أن ينطبق عليه هذا الوصف، لكن البعض الآخر كان من المواطنين العاديين الذين توجد شهادات على أنهم تنادوا إلى هذا التحرك بعد دعوة تم توجيهها على «جروب» فى ال«فيس بوك»، قالت لى الناشطة والكاتبة نوارة نجم إنها شاهدت فتاة بعد فض الاعتصام تكلم شخصا فى الموبايل بسعادة وتقول له «مبروك ياعمرو.. فضينا الاعتصام»،
وعندما سألتها «هو إنتو مين؟»، حدثتها بسعادة عن ذلك «الجروب» وقالت لها إنهم اتصلوا بالجيش على الأرقام التى وضعها لتلقى بلاغات الاستغاثة من الناس وطلبوا أن يتدخل لفض الاعتصام وإخلاء التحرير، لكن من رد عليهم قال لهم إنه لا يمكن أن يفعل ذلك إلا إذا ثبت له أن غالبية الناس تريد ذلك، وتواصل الفتاة قائلة إنهم اعتبروا ذلك ضوءا أخضر للتحرك، وبناء على ذلك تنادى أعضاء الجروب وقاموا بتجميع عدد من المواطنين وبدأت الحكاية بمظاهرة وهتافات تطلب إخلاء الميدان، هنا تقول شهادات أخرى إن هذه المظاهرة انضم لها بلطجية تنسبهم الشهادات إلى مصادر متعددة وتردد أسماء محددة (لا يمكن لى نشرها هنا دون وجود أدلة، لكننى أدعو من يرددون تلك الأسماء إلى التقدم ببلاغ ضدها إلى النائب العام بدلا من الاكتفاء باللكّ الالكترونى)، تتهم الشهادات هؤلاء الأشخاص بأنهم بدأوا بالاعتداء على المعتصمين الذين دافعوا عن أنفسهم، وتوسعت دائرة المواجهات ليتدخل الجيش ويقوم بالقبض على أعداد من المشتبكين بينهم صحفيون وناشطون لم يقوموا بالاعتداء على أحد، ويقوم باقتياد الجميع إلى مقر احتجاز فى المتحف المصرى، ثم تبدأ قوات منه بمساعدة بعض المدنيين فى هد خيم الاعتصام، وبرغم أن ما حدث على الأرض كان بهذا الترتيب إلا أن الصورة النهائية التى وصلت للناس هى أن الجيش هو الذى فض الاعتصام بالقوة، وبالطبع لم يُحدث ذلك أثرا سلبيا لدى غالبية من عرفوا الخبر، لأنه لم يكن هناك تعاطف شعبى مع المعتصمين، ليس فقط من المتفرجين على الثورة، بل من كثيرين من الثوار الذين دعت ائتلافاتهم صراحة إلى تعليق أى اعتصامات أو تظاهرات دعما لحكومة الثورة التى يرأسها الدكتور عصام شرف.
من المهم أن أؤكد أننى لم أكن من المتعاطفين أبدا مع هذا الاعتصام وأننى من الذين ساندوا قرار تعليق جميع أشكال الاعتصام والتظاهر لمدة أسبوعين، وتركيز الجهود على بلورة موقف واضح تجاه التعديلات الدستورية وطبيعة الفترة الانتقالية، وقد سألت كل من أعرفهم من قيادات الائتلافات المختلفة الذين أشهد لهم أنهم قاموا بعمل تنظيمى تعجز عنه حتى أجهزة الدولة خلال أيام تمركز الثورة فى ميدان التحرير وغيرها من ميادين مصر، ولم تحدث حادثة إخلال واحدة بالأمن طيلة تلك الأيام، وجميعهم أجابونى بأنهم لا علاقة لهم بذلك الاعتصام، وأنه يتكون من مواطنين عاديين وناشطين سياسيين لا ينتمون لأى من الائتلافات المختلفة، وبرغم مبادرتهم لإقناع أولئك الناشطين بضرورة فض الاعتصام إلا أنهم أصروا على مواصلته احتجاجا على التراخى فى تنفيذ مطالب مهمة من بينها عدم حسم ملف جهاز أمن الدولة والإدارة السيئة لملف تعديلات الدستور، واستمر هؤلاء فى اعتصامهم الذى انضم إليه مواطنون عاديون، وساعدت حالة التجمهر المحدودة فى خلق نطاق يتردد فيه باعة جائلون وأطفال شوارع بل ربما حسب بعض الشهادات عناصر مدسوسة إذا أمكن افتراض حسن نواياها فلا يمكن افتراض حسن سلوكياتها.
أعلم أن كل هذه التفاصيل قد لا تعنى شيئا لدى الكثيرين، لكنها يجب أن تعنى الكثير لدى كل من يعتقد بحرية التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى ويعتبرها أمرا لا يجوز التعامل معه بالقوة طالما أنها لم تشكل خطرا داهما على مؤسسات الدولة أو على حرية المواطنين وأمانهم.
نعم، كنت أرفض وبشدة اعتصام التحرير وأراه خطأً سياسياً يقف وراءه حماس شباب تنقصه الخبرة السياسية، لكن من قال إن الشباب لا بد أن يتحلى بالخبرة السياسية، ومن قال إن وجود خطأ يجب أن يدفع لمعالجته بخطيئة أكبر، وماذا سيكون الحال لو كان قد قرر عدد من المواطنين أن يتدخلوا بالقوة لفض اعتصام الإخوة المسيحيين أمام ماسبيرو، أو لو قررت مجموعة أخرى أن تفض الاعتصام المحدود الموجود فى ميدان مصطفى محمود للتعبير عن دعم عدد من المواطنين لمبارك وللدكتور أحمد شفيق، ألم يكن من الأنسب أن يتم التدخل لمنع هذه الاشتباكات قبل وقوعها؟
وهل هناك أحد فعلا أعطى باسم الجيش الضوء الأخضر لمجموعة المواطنين التى تحركت لفض الاعتصام؟ ألم يكن من الأنسب أن يتم تحذير المعتصمين بشكل حاسم وقاطع بأنهم إذا لم يخلوا الميدان قبل حظر التجول فسيتعرضون لتطبيق القانون بحسم؟ ويتم إبلاغ الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء لكى يرسل مندوبا رسميا من المجلس لإبلاغ ذلك والإشراف على تطبيق القرار بشكل رسمى. على الأقل لكى يقع ذنب من رفض التعاون على جنبه، وبالقانون، ودون ممارسة تعذيب كالذى حدث لبعض المعتصمين مثل المطرب رامى عصام الذى تعرض لتعذيب وحشى، وخرج بعد الإفراج عنه لكى يسجله فى فيديو كليب تناقله الملايين على موقع اليوتيوب.
أعلم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تواجهه تحديات سياسية وأمنية واقتصادية ضخمة هو بإذن الله قدها وقدود، ولا أعتقد أن هناك أحدا لا يقدر كل ذلك ولا يحترمه، بمن فيهم الشباب المعتصمون الذين تألمت عندما علمت من الفنان هشام عبدالله أن بعضهم وجّه نداءات إلى الجيش لكى يحمى خروجه من الميدان برأس مرفوع ودون أن يتعرض للاعتداء من البلطجية، لكن أحدا لم يستجب لهم حتى تطور الموقف وتحول إلى مواجهات مؤسفة. لكن من قال إن تلك التحديات الضخمة التى يواجهها جيشنا العظيم يمكن أن تقل عندما يحدث تعذيب لمدنى واحد، حتى لو كان ذلك بحسن نية.
لقد سمعت شهادات تقول إن بعض أفراد الجيش الذين قاموا بإنهاء الموقف كانوا يتهمون المعتصمين بأنهم ينشرون الفتنة الطائفية ويريدون تخريب البلاد وأن هناك اتهامات أخلاقية تطالهم، ربما استنادا إلى ما قاله البعض حول وجود ممارسات لا أخلاقية فى الميدان، وهو ما كان ينبغى التحقق منه بشكل قانونى حرصا على سمعة الناس، بدلا من أن يتم تشويههم ثم ضربهم والاعتداء عليهم بفعل اتهامات أثق أنها رُوّجت بفعل أذناب أمن الدولة وفلول نظام مبارك. لست أشك لحظة فى أن الشدة التى فض بها أفراد الجيش الاعتصام وراءها رغبة مخلصة فى إنهاء ذلك الوضع الغريب الذى لم يعتده جيش تعود على الحسم وإطاعة الأوامر، ولا يمكن أن نطلب منه أن يتفهم فجأة طبيعة العمل السياسى المعقد الذى يوجب علينا أن نصبر على المتشددين فى إبداء الرأى طالما لم يرتكبوا مخالفة صريحة للقانون، ولكن كان يجب أن تكون هناك إدارة مدنية سليمة لعملية الإخلاء تستعين أولاً بكل من يمكن أن يقدم عونا فيها من منظمات المجتمع المدنى، ثم توجه إنذارا صريحا بالإخلاء فى حالة فشل ذلك العون، ثم تطبق القانون بحسم منضبط فى موعد حظر التجول، لا أن يتطور الأمر إلى تعذيب بشع يتطلب تحقيقا عاجلا تعلن نتائجه للناس فورا حتى لو كان قد تم بحق شخص واحد.
أرجو أن يتنبه قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى أن هناك حملات ضارية أغلبها سيئ النية يتم شنها فى العديد من المواقع الإلكترونية لتخريب العلاقة بين الجيش والثوار، وقد قلت فى مقالى يوم الثلاثاء الماضى إن البعض يستجيب لتلك الحملات بحسن نية، ويربطها بعدم رضاه عن بعض قرارات المجلس الأعلى كتعديلات الدستور مثلا، وهو ما يتفاقم أثره للأسف داخل الشارع المصرى فى ظل الأداء المخزى للإعلام المصرى المقروء والمرئى الذى قرر المجلس الأعلى أن يترك قيادته لحفنة من عديمى الكفاءة الذين يظنون أن تعبيرهم عن الولاء للجيش كاف لجعلهم يظلون على مناصبهم، وليس خافيا كيف أدت تلك المعالجات الرديئة إلى تعقيد الأزمة فى حالة قرية صول بأطفيح، وهو ما جعل الأقباط المعتصمين أمام ماسبيرو يضيفون إلى مطالبهم طلبا بتغيير القيادات الإعلامية التى وصفوها بالفاشلة، وهو طلب يبشرنا بأن الوحدة الوطنية واقع لايزال معاشا على الأقل فيما يخص هذا المطلب.
لا أدّعى أننى أملك معرفة وثيقة بالطريقة التى يفكر بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولا كيف يدير سياساته، ولكننى أعتقد أن قراءة البيانات والتصريحات التى تصدر عنه تدل على وجود عقول واعية وقلوب مخلصة، وذلك الوعى والإخلاص يجعلان الناس تتقبل بطء بعض القرارات وعدم توفيق بعضها، ولذلك أتمنى أن يدرك أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة خطورة أى شائبة تعكر صفو الثقة التى يمتلكها الثوار فى الجيش،
ففى أوقات حرجة كالتى نعيشها تزيد خطورة تلك الشوائب ويستفحل أثرها فى زمن قياسى، وإذا كان الناس قد تناسوا ما حدث من معالجة خاطئة لخطأ الاعتصام أمام مقر مجلس الشعب قبل أسابيع بفعل بيان الجيش العظيم الذى عالج المسألة بحكمة وشجاعة، فلا نريد للتراكمات التى تترتب على أحداث من هذا النوع المؤسف أن تتطور. لذلك ولذلك كله أرى أنه لا مفر من اتخاذ قرارات عاجلة بالتحقيق فى ملابسات ما حدث يوم الأربعاء الماضى، وما حدث قبله أمام مقر أمن الدولة فى لاظوغلى، والذى أكرر أننى كتبت هنا أننى أراه خطأً فادحاً وقع فيه الناشطون السياسيون بفعل مؤامرة نُصبت لهم على شبكة الإنترنت، ومع ذلك فإن ما حدث لبعضهم من تعذيب يستوجب التحقيق فيه وإعلان المسؤولين عنه،
فمن قال إن الخطأ السياسى يمكن أن يبرر خطيئة كالتعذيب الذى توجد عليه شهادات موثقة بعضها سمعت عنه من مسؤولى مركز النديم لحقوق الإنسان، وكلها حالات موثقة لديه ولدى مراكز حقوقية أخرى، وبعضها موجود على موقع اليوتيوب بالصوت والصورة، وعلى مواقع أخرى بالكلمة والصورة، وسيكون من الحكمة وبعد النظر أن يشكل الجيش لجنة للتحقيق فيما حدث تُوقّع العقوبة على من تورط فى أى حالة تعذيب أيا كان مبرره، خصوصا أن هناك شهادات بعضها نشره موقع المصريون تقول إن التعذيب وقع على أيدى عناصر أمن دولة ترتدى ملابس الجيش، وهى شهادة خطيرة تتطلب التحقيق السريع لإيقاع العقوبة على كل من خالف القانون عسكريا كان أو مدنيا أو ثائرا وأيا كان مبرره، طالما كانت هناك أدلة قاطعة، لتتم إحالته إن كان ناشطا سياسيا إلى محكمة مدنية لأن من خرج لكى يعبر عن رأيه من أجل تقدم وطنه وحرية شعبه لا يمكن أن يقارن أبدا بمن خرج لكى ينشر الفوضى ويعتدى على الآمنين، ولعلها تكون فرصة سانحة أن نجدد طلبا عاما توجه به الكثيرون إلى سيادة المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى نعلم وطنيته وانحيازه للعدل لكى يفرج عن الناشط السياسى عمرو البحيرى الذى نال حكما عسكريا بالسجن خمس سنوات، مع أنه خرج من أجل حرية المصريين وكرامتهم، وكان يستحق فى أسوأ الأحوال محاكمة مدنية تنظر فى قضيته بدلا من أن يعامل معاملة البلطجية والخارجين على القانون.
عشمنا فى الجيش المصرى كبير، وثقتنا فيه لا تنتهى، ونعلم أنه يدرك أن هيبة الجيش لن يقلل منها أبدا الاعتراف بخطأ وقع أثناء ممارسته واجباً مدنياً فرضته الظروف عليه، وأنه سيقطع الطريق على كل محاولات إفراغ شعار (الجيش والشعب إيد واحدة) من معناه النبيل الذى تحتاج مصر إلى أن يظل مرفوعا إلى الأبد.
شكر وتقدير
لا أدرى كيف أشكر القراء الأعزاء الذين أرسلوا إلىّ مئات الرسائل، والتى انهالت على بريدى الإلكترونى (حوالى 600 رسالة) بدءا من صباح الخميس وحتى كتابتى هذه السطور، والتى تعرض تقديم المساهمة المالية فى علاج البطل أحمد غريب خارج مصر بعد أن تعرض للدهس من عربة مدرعة فى واقعة مازلنا ننتظر أن يأمر سيادة المشير بالتحقيق فى ملابساتها. لست مندهشا من تلك الروح الوطنية،
فقد كنت معتادا عليها حتى قبل اندلاع الثورة بسنوات، لا أذكر أننى لجأت إلى القراء الكرام لكى أستنجد بهم فى واقعة إنسانية إلا وكانوا دائما كراما وقدّ العشم وأكثر، لكن الاستجابة هذه المرة كانت مدهشة واستثنائية، لدرجة أننى فشلت فى قراءة كل الرسائل التى جاءتنى واكتفيت بتصفح عناوينها فقط، لأجد أن هناك رجال أعمال كبارا عرضوا التكفل بدفع المبلغ كاملا، وبعضهم تكفل بدفع نصفه، ثم تنوعت المساهمات التى قرأتها أو جاءتنى تليفونيا ليصل بعضها إلى عرض دفع عشرة جنيهات من مصروف أطفال مدارس، وهى رسائل أبكتنى من فرط النشوة، أشير هنا أيضا إلى أن هناك رسائل جاءتنى تعرض المساهمة من مصريين يقيمون فى كل أنحاء الدنيا بدءا من أمريكا وبريطانيا وصولاً إلى الصين، أى والله الصين، وهو ما يجعلنا نفخر بأبناء مصر المغتربين الذين نواصل بكل غشومية حرمانهم من حقوقهم السياسية المشروعة التى تكفلها كل دول العالم المتقدم لأبنائها، والجميل أيضا أنه جاءتنى رسائل من مواطنين عرب من جميع الجنسيات تمنعنى المساحة ولو كانت شاسعة من نشر أسمائهم وجنسياتهم لكى نفخر بعروبتنا وبتقدير إخوتنا العرب لثورتنا العظيمة.
ختاما، أطلب للجميع، مسلمين ومسيحيين، الثواب من الله عز وجل، ليس بقدر مساهماتهم المالية، بل بقدر حبهم لمصر وثورتها العظيمة، وأُبشّرهم أنه فى الليلة التى سبقت نشر مقالى الذى أخرت الظروف نشره يوما كاملا، كان جمع المبلغ اللازم لعلاج أحمد غريب قد اكتمل بإسهامات رائعة من أقاربه وأصدقائه وتم الاتفاق على سفره إلى سويسرا للعلاج لدى طبيب متخصص فى حالته الدقيقة، وسيسافر بالفعل إلى هناك بعد غد بإذن الله، وهو وأسرته يسألونكم الدعاء له بالشفاء فى صلاتكم وصلواتكم، هو وكل جرحى هذه الثورة العظيمة الذين أتمنى أن تتوجه لعلاجهم ودعمهم كل الأموال التى نويتم التبرع بها، وأعدكم بأننى سأنسق مع إدارة تحرير «المصرى اليوم» والرمز الوطنى الدكتور محمد أبوالغار ومع الأستاذ كارم محمود بنقابة الصحفيين لدراسة كيفية وجود آلية موثوق بها تتلقى الأموال التى تودون التبرع بها لعلاج الجرحى ودعم أسرهم، وسأعلن عن ذلك خلال أيام لكى يسهل على المصريين والعرب المقيمين خارج مصر توجيه أموالهم لهذا الغرض الوطنى النبيل، وختاماً أشكر لكم ثقتكم التى سأظل أحملها وساماً على صدرى طالما عشت وكان لى عمر ونشر.
تحيا مصر.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.