أوقاف الدقهلية تنظم أكثر من 150 قافلة دعوية حول مواجهة التنمر المدرسي    رئيس الوزراء: الدولة تدعم المحروقات ب75 مليار جنيه رغم الزيادات المقررة    وزير الخارجية يشارك في جلسة حوارية بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس    ياسين منصور نائبا ومرتجي أمينا للصندوق .. محمود الخطيب يعلن قائمته لخوض انتخابات الأهلي    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    شقيق عمرو زكي: أخويا معندوش أى أمراض وسنُقاضى مروّجي الشائعات    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    22 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى لمواجهة سموحة بالدورى    تعديل مواعيد قطارات بعض خطوط السكة الحديد السبت المقبل .. اعرف التفاصيل    بالصور.. هند صبري ويسرا اللوزي تدعمان المسرح الخطير في موسمه الجديد    محمود حجاج مؤلفًا لمسلسل مصطفى شعبان فى رمضان 2026    عبد الله الهوارى نجل غادة عادل يكشف سبب عدم إجرائه عملية التكميم    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    وزير الصحة يستقبل نائب رئيس البنك الدولي لتعزيز التعاون في مجالي الصحة والتنمية البشرية    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    خبيرة: نجاح المالية في جذب اكتتابات تتجاوز 9 مليارات دولار دليل على تحسن رؤية المستثمرين للاقتصاد المصري    معلم يعتدى على زميله بمدرسة فى قليوب.. وتعليم القليوبية تحيل الواقعة للتحقيق    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    موعد انتهاء العمل بالتوقيت الصيفي وبداية تطبيق التوقيت الشتوي 2025    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ المنافسة وبناء "شراكة الثقة مع القطاع الخاص"    الرسوم الجمركية الأمريكية تؤثر سلبًا على إنتاج الصلب الأوروبي (تفاصيل)    5 أفلام عربية تتألق في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي بالبرازيل    خيري الكمار يكتب: منة شلبي في حتة تانية    فيفا يعلن منح أذربيجان وأوزبكستان حق استضافة مونديال الشباب 2027    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    انطلاق مباراة روما وليل بالدوري الأوروبي    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل جديدة في الأردن بمجال الصناعات الخرسانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    سعر الدولار ينخفض لأدنى مستوى عالميًا مع قلق الأسواق من الإغلاق الحكومي الأمريكي    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    «العمل» تشارك في فعاليات تبادل الخبرات حول التوظيف الدامج لذوي الاعاقة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يوجّه نداءً عاجلاً إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة: أنقذوا شعار «الجيش والشعب إيد واحدة»
نشر في التغيير الإلكترونية يوم 12 - 03 - 2011

قلتها من قبل والآن أكتبها وسأظل أكررها قولا وكتابة حتى تملَّها فأواصل قولها وكتابتها لك مجددا: كل التحديات التى تواجهها ثورة الخامس والعشرين من يناير يمكن أن تمر بسلام مهما كان مصدرها وقوة من يقف وراءها سواء فى الخارج أو فى الداخل، إلا تحديين يمكن لهما أن يعصفا بالثورة ويجهضا كل نجاحاتها ويدخلا البلاد فى نفق مجهول لا قدر الله. التحدى الأول يكمن فى إمكانية تخريب العلاقة بين الجيش والثوار،
وهى العلاقة التى بنيت على أساس واضح هو تدخل الجيش لتتويج كفاحات الثائرين وحسم صراع كان مبارك ومن معه يريدون له أن يطول أيا كان الثمن، ثم تعهد الجيش بتلبية مطالب الشعب المشروعة فى ظل إطار زمنى حدده لنفسه، وبرغم اختلافنا معه حول ذلك الزمن إلا أننا ندرك أنه ألزم نفسه بألا يتجاوزه حرصا منه على الالتزام بدوره الذى قرره الدستور فى حماية الوطن وسلامة أراضيه.
التحدى الثانى يكمن فى تحويل ملايين المواطنين الصامتين والمراقبين من قوة متفرجة وأحيانا متعاطفة وأحيانا ساخطة إلى قوة مواجهة ضد الثورة والثوار بفعل ضغوط الانفلات الأمنى والتردى الاقتصادى ووقف حال البسطاء العاملين فى السياحة والخدمات وغيرهما من الأعمال التى يرتبط الرزق فيها بالعمل اليومى بالإضافة إلى شيوع قلق عام من تداعيات تفجير ملفات ملغومة اجتماعية ظن البعض منا خطأً أن الثورة قد حسمتها، حتى لو كان ذلك التفجير بفعل فاعل كما فى حالة فتنة أطفيح التى توجد شواهد متواترة على وجود أصابع ساهمت فى إعادة إشعال أوضاع كانت قد هدأت قليلا بعد التهابها، وأريد هنا للتدليل على تصاعد خطورة هذا التحدى أن أشير إلى شهادات عدد من الناشطين الذين شهدوا على ما حدث يوم الأربعاء الماضى من مواجهات حدثت فى عز النهار وقبل ساعات من موعد حظر التجول ونجحت فى إخلاء ميدان التحرير من معتصمين لم يتجاوز عددهم 700 مواطن فى أقصى تقدير.
المقلق أن هذا الإخلاء لم يتم بسبب خطأ كارثى قام به المعتصمون أياً كان رأينا فى اعتصامهم، ولم يسبقه تحذير قاطع يدعو لإخلاء الميدان لأى سبب ولم يبدأ بأيدى الشرطة العسكرية كما حصل من قبل، بل تم على أيدى مدنيين وصفهم البعض بالبلطجية، بينما قالت شهادات أخرى بأن بعض المهاجمين يمكن أن ينطبق عليه هذا الوصف، لكن البعض الآخر كان من المواطنين العاديين الذين توجد شهادات على أنهم تنادوا إلى هذا التحرك بعد دعوة تم توجيهها على «جروب» فى ال«فيس بوك»، قالت لى الناشطة والكاتبة نوارة نجم إنها شاهدت فتاة بعد فض الاعتصام تكلم شخصا فى الموبايل بسعادة وتقول له «مبروك ياعمرو.. فضينا الاعتصام»،
وعندما سألتها «هو إنتو مين؟»، حدثتها بسعادة عن ذلك «الجروب» وقالت لها إنهم اتصلوا بالجيش على الأرقام التى وضعها لتلقى بلاغات الاستغاثة من الناس وطلبوا أن يتدخل لفض الاعتصام وإخلاء التحرير، لكن من رد عليهم قال لهم إنه لا يمكن أن يفعل ذلك إلا إذا ثبت له أن غالبية الناس تريد ذلك، وتواصل الفتاة قائلة إنهم اعتبروا ذلك ضوءا أخضر للتحرك، وبناء على ذلك تنادى أعضاء الجروب وقاموا بتجميع عدد من المواطنين وبدأت الحكاية بمظاهرة وهتافات تطلب إخلاء الميدان، هنا تقول شهادات أخرى إن هذه المظاهرة انضم لها بلطجية تنسبهم الشهادات إلى مصادر متعددة وتردد أسماء محددة (لا يمكن لى نشرها هنا دون وجود أدلة، لكننى أدعو من يرددون تلك الأسماء إلى التقدم ببلاغ ضدها إلى النائب العام بدلا من الاكتفاء باللكّ الالكترونى)، تتهم الشهادات هؤلاء الأشخاص بأنهم بدأوا بالاعتداء على المعتصمين الذين دافعوا عن أنفسهم، وتوسعت دائرة المواجهات ليتدخل الجيش ويقوم بالقبض على أعداد من المشتبكين بينهم صحفيون وناشطون لم يقوموا بالاعتداء على أحد، ويقوم باقتياد الجميع إلى مقر احتجاز فى المتحف المصرى، ثم تبدأ قوات منه بمساعدة بعض المدنيين فى هد خيم الاعتصام، وبرغم أن ما حدث على الأرض كان بهذا الترتيب إلا أن الصورة النهائية التى وصلت للناس هى أن الجيش هو الذى فض الاعتصام بالقوة، وبالطبع لم يُحدث ذلك أثرا سلبيا لدى غالبية من عرفوا الخبر، لأنه لم يكن هناك تعاطف شعبى مع المعتصمين، ليس فقط من المتفرجين على الثورة، بل من كثيرين من الثوار الذين دعت ائتلافاتهم صراحة إلى تعليق أى اعتصامات أو تظاهرات دعما لحكومة الثورة التى يرأسها الدكتور عصام شرف.
من المهم أن أؤكد أننى لم أكن من المتعاطفين أبدا مع هذا الاعتصام وأننى من الذين ساندوا قرار تعليق جميع أشكال الاعتصام والتظاهر لمدة أسبوعين، وتركيز الجهود على بلورة موقف واضح تجاه التعديلات الدستورية وطبيعة الفترة الانتقالية، وقد سألت كل من أعرفهم من قيادات الائتلافات المختلفة الذين أشهد لهم أنهم قاموا بعمل تنظيمى تعجز عنه حتى أجهزة الدولة خلال أيام تمركز الثورة فى ميدان التحرير وغيرها من ميادين مصر، ولم تحدث حادثة إخلال واحدة بالأمن طيلة تلك الأيام، وجميعهم أجابونى بأنهم لا علاقة لهم بذلك الاعتصام، وأنه يتكون من مواطنين عاديين وناشطين سياسيين لا ينتمون لأى من الائتلافات المختلفة، وبرغم مبادرتهم لإقناع أولئك الناشطين بضرورة فض الاعتصام إلا أنهم أصروا على مواصلته احتجاجا على التراخى فى تنفيذ مطالب مهمة من بينها عدم حسم ملف جهاز أمن الدولة والإدارة السيئة لملف تعديلات الدستور، واستمر هؤلاء فى اعتصامهم الذى انضم إليه مواطنون عاديون، وساعدت حالة التجمهر المحدودة فى خلق نطاق يتردد فيه باعة جائلون وأطفال شوارع بل ربما حسب بعض الشهادات عناصر مدسوسة إذا أمكن افتراض حسن نواياها فلا يمكن افتراض حسن سلوكياتها.
أعلم أن كل هذه التفاصيل قد لا تعنى شيئا لدى الكثيرين، لكنها يجب أن تعنى الكثير لدى كل من يعتقد بحرية التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى ويعتبرها أمرا لا يجوز التعامل معه بالقوة طالما أنها لم تشكل خطرا داهما على مؤسسات الدولة أو على حرية المواطنين وأمانهم.
نعم، كنت أرفض وبشدة اعتصام التحرير وأراه خطأً سياسياً يقف وراءه حماس شباب تنقصه الخبرة السياسية، لكن من قال إن الشباب لا بد أن يتحلى بالخبرة السياسية، ومن قال إن وجود خطأ يجب أن يدفع لمعالجته بخطيئة أكبر، وماذا سيكون الحال لو كان قد قرر عدد من المواطنين أن يتدخلوا بالقوة لفض اعتصام الإخوة المسيحيين أمام ماسبيرو، أو لو قررت مجموعة أخرى أن تفض الاعتصام المحدود الموجود فى ميدان مصطفى محمود للتعبير عن دعم عدد من المواطنين لمبارك وللدكتور أحمد شفيق، ألم يكن من الأنسب أن يتم التدخل لمنع هذه الاشتباكات قبل وقوعها؟
وهل هناك أحد فعلا أعطى باسم الجيش الضوء الأخضر لمجموعة المواطنين التى تحركت لفض الاعتصام؟ ألم يكن من الأنسب أن يتم تحذير المعتصمين بشكل حاسم وقاطع بأنهم إذا لم يخلوا الميدان قبل حظر التجول فسيتعرضون لتطبيق القانون بحسم؟ ويتم إبلاغ الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء لكى يرسل مندوبا رسميا من المجلس لإبلاغ ذلك والإشراف على تطبيق القرار بشكل رسمى. على الأقل لكى يقع ذنب من رفض التعاون على جنبه، وبالقانون، ودون ممارسة تعذيب كالذى حدث لبعض المعتصمين مثل المطرب رامى عصام الذى تعرض لتعذيب وحشى، وخرج بعد الإفراج عنه لكى يسجله فى فيديو كليب تناقله الملايين على موقع اليوتيوب.
أعلم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تواجهه تحديات سياسية وأمنية واقتصادية ضخمة هو بإذن الله قدها وقدود، ولا أعتقد أن هناك أحدا لا يقدر كل ذلك ولا يحترمه، بمن فيهم الشباب المعتصمون الذين تألمت عندما علمت من الفنان هشام عبدالله أن بعضهم وجّه نداءات إلى الجيش لكى يحمى خروجه من الميدان برأس مرفوع ودون أن يتعرض للاعتداء من البلطجية، لكن أحدا لم يستجب لهم حتى تطور الموقف وتحول إلى مواجهات مؤسفة. لكن من قال إن تلك التحديات الضخمة التى يواجهها جيشنا العظيم يمكن أن تقل عندما يحدث تعذيب لمدنى واحد، حتى لو كان ذلك بحسن نية.
لقد سمعت شهادات تقول إن بعض أفراد الجيش الذين قاموا بإنهاء الموقف كانوا يتهمون المعتصمين بأنهم ينشرون الفتنة الطائفية ويريدون تخريب البلاد وأن هناك اتهامات أخلاقية تطالهم، ربما استنادا إلى ما قاله البعض حول وجود ممارسات لا أخلاقية فى الميدان، وهو ما كان ينبغى التحقق منه بشكل قانونى حرصا على سمعة الناس، بدلا من أن يتم تشويههم ثم ضربهم والاعتداء عليهم بفعل اتهامات أثق أنها رُوّجت بفعل أذناب أمن الدولة وفلول نظام مبارك. لست أشك لحظة فى أن الشدة التى فض بها أفراد الجيش الاعتصام وراءها رغبة مخلصة فى إنهاء ذلك الوضع الغريب الذى لم يعتده جيش تعود على الحسم وإطاعة الأوامر، ولا يمكن أن نطلب منه أن يتفهم فجأة طبيعة العمل السياسى المعقد الذى يوجب علينا أن نصبر على المتشددين فى إبداء الرأى طالما لم يرتكبوا مخالفة صريحة للقانون، ولكن كان يجب أن تكون هناك إدارة مدنية سليمة لعملية الإخلاء تستعين أولاً بكل من يمكن أن يقدم عونا فيها من منظمات المجتمع المدنى، ثم توجه إنذارا صريحا بالإخلاء فى حالة فشل ذلك العون، ثم تطبق القانون بحسم منضبط فى موعد حظر التجول، لا أن يتطور الأمر إلى تعذيب بشع يتطلب تحقيقا عاجلا تعلن نتائجه للناس فورا حتى لو كان قد تم بحق شخص واحد.
أرجو أن يتنبه قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى أن هناك حملات ضارية أغلبها سيئ النية يتم شنها فى العديد من المواقع الإلكترونية لتخريب العلاقة بين الجيش والثوار، وقد قلت فى مقالى يوم الثلاثاء الماضى إن البعض يستجيب لتلك الحملات بحسن نية، ويربطها بعدم رضاه عن بعض قرارات المجلس الأعلى كتعديلات الدستور مثلا، وهو ما يتفاقم أثره للأسف داخل الشارع المصرى فى ظل الأداء المخزى للإعلام المصرى المقروء والمرئى الذى قرر المجلس الأعلى أن يترك قيادته لحفنة من عديمى الكفاءة الذين يظنون أن تعبيرهم عن الولاء للجيش كاف لجعلهم يظلون على مناصبهم، وليس خافيا كيف أدت تلك المعالجات الرديئة إلى تعقيد الأزمة فى حالة قرية صول بأطفيح، وهو ما جعل الأقباط المعتصمين أمام ماسبيرو يضيفون إلى مطالبهم طلبا بتغيير القيادات الإعلامية التى وصفوها بالفاشلة، وهو طلب يبشرنا بأن الوحدة الوطنية واقع لايزال معاشا على الأقل فيما يخص هذا المطلب.
لا أدّعى أننى أملك معرفة وثيقة بالطريقة التى يفكر بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولا كيف يدير سياساته، ولكننى أعتقد أن قراءة البيانات والتصريحات التى تصدر عنه تدل على وجود عقول واعية وقلوب مخلصة، وذلك الوعى والإخلاص يجعلان الناس تتقبل بطء بعض القرارات وعدم توفيق بعضها، ولذلك أتمنى أن يدرك أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة خطورة أى شائبة تعكر صفو الثقة التى يمتلكها الثوار فى الجيش،
ففى أوقات حرجة كالتى نعيشها تزيد خطورة تلك الشوائب ويستفحل أثرها فى زمن قياسى، وإذا كان الناس قد تناسوا ما حدث من معالجة خاطئة لخطأ الاعتصام أمام مقر مجلس الشعب قبل أسابيع بفعل بيان الجيش العظيم الذى عالج المسألة بحكمة وشجاعة، فلا نريد للتراكمات التى تترتب على أحداث من هذا النوع المؤسف أن تتطور. لذلك ولذلك كله أرى أنه لا مفر من اتخاذ قرارات عاجلة بالتحقيق فى ملابسات ما حدث يوم الأربعاء الماضى، وما حدث قبله أمام مقر أمن الدولة فى لاظوغلى، والذى أكرر أننى كتبت هنا أننى أراه خطأً فادحاً وقع فيه الناشطون السياسيون بفعل مؤامرة نُصبت لهم على شبكة الإنترنت، ومع ذلك فإن ما حدث لبعضهم من تعذيب يستوجب التحقيق فيه وإعلان المسؤولين عنه،
فمن قال إن الخطأ السياسى يمكن أن يبرر خطيئة كالتعذيب الذى توجد عليه شهادات موثقة بعضها سمعت عنه من مسؤولى مركز النديم لحقوق الإنسان، وكلها حالات موثقة لديه ولدى مراكز حقوقية أخرى، وبعضها موجود على موقع اليوتيوب بالصوت والصورة، وعلى مواقع أخرى بالكلمة والصورة، وسيكون من الحكمة وبعد النظر أن يشكل الجيش لجنة للتحقيق فيما حدث تُوقّع العقوبة على من تورط فى أى حالة تعذيب أيا كان مبرره، خصوصا أن هناك شهادات بعضها نشره موقع المصريون تقول إن التعذيب وقع على أيدى عناصر أمن دولة ترتدى ملابس الجيش، وهى شهادة خطيرة تتطلب التحقيق السريع لإيقاع العقوبة على كل من خالف القانون عسكريا كان أو مدنيا أو ثائرا وأيا كان مبرره، طالما كانت هناك أدلة قاطعة، لتتم إحالته إن كان ناشطا سياسيا إلى محكمة مدنية لأن من خرج لكى يعبر عن رأيه من أجل تقدم وطنه وحرية شعبه لا يمكن أن يقارن أبدا بمن خرج لكى ينشر الفوضى ويعتدى على الآمنين، ولعلها تكون فرصة سانحة أن نجدد طلبا عاما توجه به الكثيرون إلى سيادة المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى نعلم وطنيته وانحيازه للعدل لكى يفرج عن الناشط السياسى عمرو البحيرى الذى نال حكما عسكريا بالسجن خمس سنوات، مع أنه خرج من أجل حرية المصريين وكرامتهم، وكان يستحق فى أسوأ الأحوال محاكمة مدنية تنظر فى قضيته بدلا من أن يعامل معاملة البلطجية والخارجين على القانون.
عشمنا فى الجيش المصرى كبير، وثقتنا فيه لا تنتهى، ونعلم أنه يدرك أن هيبة الجيش لن يقلل منها أبدا الاعتراف بخطأ وقع أثناء ممارسته واجباً مدنياً فرضته الظروف عليه، وأنه سيقطع الطريق على كل محاولات إفراغ شعار (الجيش والشعب إيد واحدة) من معناه النبيل الذى تحتاج مصر إلى أن يظل مرفوعا إلى الأبد.
شكر وتقدير
لا أدرى كيف أشكر القراء الأعزاء الذين أرسلوا إلىّ مئات الرسائل، والتى انهالت على بريدى الإلكترونى (حوالى 600 رسالة) بدءا من صباح الخميس وحتى كتابتى هذه السطور، والتى تعرض تقديم المساهمة المالية فى علاج البطل أحمد غريب خارج مصر بعد أن تعرض للدهس من عربة مدرعة فى واقعة مازلنا ننتظر أن يأمر سيادة المشير بالتحقيق فى ملابساتها. لست مندهشا من تلك الروح الوطنية،
فقد كنت معتادا عليها حتى قبل اندلاع الثورة بسنوات، لا أذكر أننى لجأت إلى القراء الكرام لكى أستنجد بهم فى واقعة إنسانية إلا وكانوا دائما كراما وقدّ العشم وأكثر، لكن الاستجابة هذه المرة كانت مدهشة واستثنائية، لدرجة أننى فشلت فى قراءة كل الرسائل التى جاءتنى واكتفيت بتصفح عناوينها فقط، لأجد أن هناك رجال أعمال كبارا عرضوا التكفل بدفع المبلغ كاملا، وبعضهم تكفل بدفع نصفه، ثم تنوعت المساهمات التى قرأتها أو جاءتنى تليفونيا ليصل بعضها إلى عرض دفع عشرة جنيهات من مصروف أطفال مدارس، وهى رسائل أبكتنى من فرط النشوة، أشير هنا أيضا إلى أن هناك رسائل جاءتنى تعرض المساهمة من مصريين يقيمون فى كل أنحاء الدنيا بدءا من أمريكا وبريطانيا وصولاً إلى الصين، أى والله الصين، وهو ما يجعلنا نفخر بأبناء مصر المغتربين الذين نواصل بكل غشومية حرمانهم من حقوقهم السياسية المشروعة التى تكفلها كل دول العالم المتقدم لأبنائها، والجميل أيضا أنه جاءتنى رسائل من مواطنين عرب من جميع الجنسيات تمنعنى المساحة ولو كانت شاسعة من نشر أسمائهم وجنسياتهم لكى نفخر بعروبتنا وبتقدير إخوتنا العرب لثورتنا العظيمة.
ختاما، أطلب للجميع، مسلمين ومسيحيين، الثواب من الله عز وجل، ليس بقدر مساهماتهم المالية، بل بقدر حبهم لمصر وثورتها العظيمة، وأُبشّرهم أنه فى الليلة التى سبقت نشر مقالى الذى أخرت الظروف نشره يوما كاملا، كان جمع المبلغ اللازم لعلاج أحمد غريب قد اكتمل بإسهامات رائعة من أقاربه وأصدقائه وتم الاتفاق على سفره إلى سويسرا للعلاج لدى طبيب متخصص فى حالته الدقيقة، وسيسافر بالفعل إلى هناك بعد غد بإذن الله، وهو وأسرته يسألونكم الدعاء له بالشفاء فى صلاتكم وصلواتكم، هو وكل جرحى هذه الثورة العظيمة الذين أتمنى أن تتوجه لعلاجهم ودعمهم كل الأموال التى نويتم التبرع بها، وأعدكم بأننى سأنسق مع إدارة تحرير «المصرى اليوم» والرمز الوطنى الدكتور محمد أبوالغار ومع الأستاذ كارم محمود بنقابة الصحفيين لدراسة كيفية وجود آلية موثوق بها تتلقى الأموال التى تودون التبرع بها لعلاج الجرحى ودعم أسرهم، وسأعلن عن ذلك خلال أيام لكى يسهل على المصريين والعرب المقيمين خارج مصر توجيه أموالهم لهذا الغرض الوطنى النبيل، وختاماً أشكر لكم ثقتكم التى سأظل أحملها وساماً على صدرى طالما عشت وكان لى عمر ونشر.
تحيا مصر.
المصرى اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.