كان يداعب نجلتيه الصغيرتين «حبيبة وحنين»، فى الطابق الثالث من منزله، أثناء فض قوات الأمن إحدى مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين، فأصابته رصاصة فى منطقة كتفه اليمنى، والصدر فأردته قتيلاً فى التو واللحظة. هو محمد فتحى المنشاوى، 32 سنة، مهندس زراعى فى إحدى شركات الدواجن بمنطقة 6 أكتوبر. قالت أسرة «المنشاوى»، ل«المصرى اليوم»، إنه كان سيسافر إلى المملكة العربية السعودية، بعد يومين من الحادث، لكن القدر لم يمهله لتربية نجلتيه. فى منزل بسيط بأحد الشوارع الضيقة «الحوارى» خلف منطقة الصهاريج، تقطن أسرة الضحية الثانية لأحداث العنف التى دارت بين أعضاء الجماعة وقوات الشرطة فى قرية العطف، الجمعة الماضى، حيث لقى مصرعه بعد نحو نصف الساعة من وفاة جاره بنفس المنطقة، على مجدى، طالب الثانوية الأزهرية. يطل المنزل على حارة فيما عدا شرفة وحيدة تطل على الشارع الرئيسى على طريق «مصر- أسيوط» الزراعى الذى شهد مظاهرة أعضاء الجماعة، وقال إسلام، ابن شقيق الضحية، إن عمه كان يشاهد وصول الأمن من الشرفة، وفجأة وقع على الأرض، والدماء تسيل منه بغزارة. تبكى زوجة المجنى عليه بمرارة، وتشير إلى أنها لم تر زوجها وقت لحظة وفاته، حيث كانت مع والدته وشقيقاته وحدهن فى المنزل، فاتصلوا بأشقائه الذين حضروا لمحاولة إسعافه، لكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة، وأكدت أن إصابته نتيجة رصاصة قناص، لأنه أصيب برصاصة واحدة من مسافة بعيدة تتعدى ال350 متراً. وقال فتحى، 70 سنة، والد الضحية: «ابنى راح هدر دون اقتراف ذنب، حيث كان يقف أعلى المنزل. يموت فى بيته برصاص الشرطة تبقى مصيبة، علماً بأن لى 3 من الأبناء يعملون خفراء نظاميين، ونحن لسنا معادين لقوات الأمن، والجميع يعرف أننا لا ننتمى لأى فئة أو تيار سياسى». المصادفة وحدها سمحت لعماد، شقيق الضحية، ليكون شاهداً على الأحداث، حيث يعمل خفيراً نظامياً بنقطة شرطة العطف. قال إنه كان وقت مقتل شقيقه فى نقطة الشرطة يعاون الحملة الأمنية التى جاءت إلى القرية لفض مظاهرة الجماعة، حيث نشبت مناوشات بينهم وبين بعض الصبية الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 سنة. وأضاف: «حذرت اللواء علاء عبدالقادر حلبظ، رئيس فرقة الجنوب، من حمل المجندين والأفراد السلاح الآلى، لكنه رد: (اسكت ادخل جوه خليك فى خدمتك)، بعد دقائق تلقيت اتصالاً من أسرتى بوفاة شقيقى متأثراً بإصابته بطلق نارى فى الكتف والصدر، ولم أحتمل الصدمة للوهلة الأولى، وتذكرت ما رأيته من مشاهد قيام الرائد محمد فيصل، رئيس مباحث قسم العياط، الذى كان على رأس تلك الحملة الأمنية، ويحمل سلاحاً آلياً بنفسه، لذا أتهم هؤلاء بقتل شقيقى، لأنهم مسؤولون عن إطلاق الرصاص العشوائى على أسطح المنازل لإرهاب المواطنين وتأديب القرية بسبب خروج مسيرات الجماعة». عمر، الشقيق الثانى للمهندس الزراعى، خفير نظامى بنقطة أبوالنمرس، أكد أنه فور سماعه نبأ مقتل شقيقه، هرول إلى المنزل، مرتدياً زى الشرطى، لكن قائد الفرق وجه له إنذارا بأنه لو تعدى خطوات معينة سيطلق النيران عليه، وأشار إلى أن الرعب والفزع انتشرا بين الأهالى فى هذا اليوم المشؤوم، وما كان منه سوى ارتداء ملابسه المدنية ثانية والسير وحده، وعندما وجهوا له الإنذار مرة أخرى أكد أنه مستعد للموت: «عاوزكم تموتونى»، و«فى تلك المرة تركونى أذهب إلى منزلنا عندما علموا بوفاة أخى متأثراً بإصابته بطلق نارى».