مسؤولون ومصرفيون: الدولار سيواصل الصعود أمام الجنيه

أشاد مسؤولون ومصرفيون بتوجه الحكومة نحو تحريك سعر الدولار فى مواجهة الجنيه، للقضاء على السوق السوداء، والحد من الاستيراد، ودعم الصناعة المحلية.
وتوقعوا استمرار صعود الدولار أمام الجنيه، مؤكدين أن صندوق النقد الدولى طالب مصر بضرورة تحريك سعر الدولار، والحد من التدخل الحكومى فى سعر الصرف.
وقال مصدر حكومى، طلب عدم نشر اسمه، إن صندوق النقد طالب الحكومة بالسماح بتحرك تدريجى للدولار أمام الجنيه، معتبرا أن السعر السائد للدولار ليس منطقيا، ولا يعتمد على آليات العرض والطلب، وأن هناك تدخلات من جانب البنك المركزى لدعم موقف الجنيه أمام الدولار.
وتابع أن مطلب الصندوق برز بشكل واضح أثناء مفاوضات الحصول على قرض ال4.8 مليار دولار التى توقفت عقب ثورة 30 يونيو، إلا أنه شدد على أن توجه الحكومة بتحريك سعر الدولار نابع من رغبتها فى القضاء على السوق السوداء.
وقال أحمد قورة، رئيس البنك الوطنى المصرى السابق، إن البنك المركزى مضطر إلى زيادة سعر الدولار أمام الجنيه، فى ظل نقص المعروض من الدولار، وتراجع الحصيلة الدولارية.
وأضاف أن مصادر الحصيلة الدولارية كالسياحة والصادرات وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس لم تعد إلى سابق عهدها قبل ثورة 25 يناير، وبالتالى فلا مفر أمام البنك المركزى من زيادة سعر الدولار أمام الجنيه.
وأشار قورة إلى أن سعر الدولار سيواصل الصعود أمام الجنيه، طوال الفترة المقبلة، وهو سعر منطقى مقارنة بحجم الطلب والمعروض من العملة الأمريكية، بجانب تزايد الطلب عليه فى الفترة الحالية لتلبية احتياجات الاستيراد.
وتوقع زيادة الاستثمارات الأجنبية، ولاسيما العربية، خلال الفترة المقبلة، عقب الانتخابات الرئاسية، ما يسهم فى زيادة تدفق الدولار للداخل.
وقال حسام ناصر، نائب رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال، إن توجه الحكومة والبنك المركزى بتحريك سعر الدولار يحقق أهدافا أبرزها الحد من فاتورة الاستيراد التى تتجاوز 50 مليار دولار سنويا، وبعضها يمكن الاستغناء عنه، بجانب القضاء على السوق السوداء عبر تحريك السعر الرسمى للدولار.
ووصف التوجه الجديد للمركزى بأنه «جيد»، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولى طالب مصر بضرورة تحريك سعر الدولار، ومعتبرا أن السعر السائد للجنيه أمام الدولار غير منطقى، وأن هناك تدخلات من الحكومة ممثلة فى البنك المركزى لدعم الجنيه أمام العملة الأمريكية.
وقال إن محافظ البنك المركزى السابق فاروق العقدة استنزف 20 مليار دولار من الاحتياطى الأجنبى، للحفاظ على سعر ثابت للجنيه أمام الدولار، مضيفا أن الحكومة لو أدركت ضرورة تحريك سعر الدولار لاستطاعت الحفاظ على الاحتياطى الأجنبى.
وأوضح أنه فى ظل الأحوال الأمنية المضطربة، عقب الثورة، كان من الصعب الحفاظ على سعر ثابت للجنيه أمام الدولار، وأن المركزى لم يدرك ذلك إلا مؤخرا.
وتابع أن الادعاء بأن زيادة سعر الدولار ترفع فاتورة الواردات حق يراد به باطل، لأن الأَوْلى للحكومة تقليل الاستيراد، وتشجع الصناعة المحلية، بدلا من استنزاف الدولار فى استيراد سلع يمكن تعويضها محليا. وشكك الدكتور رؤوف الكدوانى، أستاذ التمويل، فى أن يكون صندوق النقد الدولى وراء اتجاه البنك المركزى إلى اتباع سياسات مرنة فى سوق الصرف، ما يؤدى إلى ارتفاع الدولار أمام الجنيه، موضحا أن صانع القرار فى مصر لديه رؤية لعدة قضايا تدفعه إلى اتخاذ قرارات فى أوقات محددة ليس بالضرورة تكون مرتبطة بصندوق النقد أو البنك الدوليين.
وقال إن قيمة الجنيه الحقيقية أمام الدولار تخضع لعوامل منها ميزانية الدولة، وحجم الاستيراد والتصدير، وميزان المدفوعات، مشيرا إلى أن تراجع الجنيه أمام الدولار يساهم فى زيادة معدلات التصدير.
وتوقع الكدوانى أن يكون خفض الجنيه أمام الدولار إجراء مؤقتا يساهم فى ضرب السوق السوداء من خلال التكالب على شرائه، فى الوقت الذى سيشهد فيه الاقتصاد تقدما، خلال الفترة المقبلة، وهو ما بدا من خلال برامج مرشحى الرئاسة، حيث يحتل ملف الاقتصاد المصرى الأولوية لديهما، وبالتالى هناك توقعات بزيادة الاستثمارات، وتحسن السياحة، وتشغيل المصانع، وزيادة الإنتاج، وارتفاع الصادرات، ما يؤدى إلى تراجع الدولار.
وبشأن عدم وضوح المعلومات التى تتخذ على أساسها قرارات معنية بسياسات صرف مرنة، قال إن الغموض لابد أن يحيط بالقرارات الخاصة بالعملات، وتحريك أسعارها، بصفة خاصة، لأن الشفافية فى مثل هذه المعلومات تضر الدولة.
وأكدت الدكتورة بسنت فهمى، خبيرة مصرفية، أن اتخاذ قرار تحريك سعر الدولار يساهم فى الحد من الاستيراد، وتشجيع التصدير، لافتة إلى أن القرار يستهدف تحقيق مصلحة الدولة.
وأشارت إلى ضرورة اتخاذ قرارات سريعة، وتطبيقها قبل الانتخابات الرئاسية، موضحة أن تخفيض العملة خطوة إيجابية نحو جذب الاستثمار الخارجى، ما يساهم فى زيادة تدفق الاستثمارات، عقب الانتخابات.
ودعت إلى أن يكون الدعم للسلع وليس العملة، لأن دعم العملة على مدى السنوات الماضية أدى إلى الإضرار بالاقتصاد، من خلال التوسع فى استيراد سلع بأسعار تقل عن مثيلتها المحلية، ما أدى إلى ضعف الصناعة الوطنية، وأوضحت أن زيادة سعر الدولار ستؤدى إلى تصحيح خريطة الاستيراد، من خلال التركيز على السلع الأساسية والمهمة فقط، دون اتخاذ إجراءات لا يتم الالتزام بها عادة كما حدث بشأن إصدار قرار تقليص استيراد السلع التى لها بديل محلى أو زيادة الجمارك على سلع أخرى.
وطالبت فهمى بتوجيه الدعم إلى مستلزمات الإنتاج، لدعم الصناعة المحلية والسلع الأساسية ومنها احتياجات إنتاج رغيف الخبز وغيرها، ما يؤدى إلى تجنب إلحاق الضرر بالفقراء والصناعة.
وقال رضا عواد، صاحب شركة صرافة، إن سعر الدولار فى السوق الموازية لم يشهد نفس الارتفاع الذى حدث فى السوق الرسمية، ويتراوح بين 7.50 قرش و7.55، مقابل 7.40 قبل الإجراءات الأخيرة. فيما ارتفع فى السوق الرسمية من 6.95 إلى 7.16 قرش.
وأضاف أن السيطرة على السوق السوداء يجب أن تكون من خلال ضخ المزيد من الدولار فى السوق لتغطية الاحتياجات الفعلية، لافتا إلى أن السعر الحقيقى لصرف الدولار هو سعره فى السوق السوداء، لأنه يعبر عن حجم الطلب الحقيقى، مطالبا البنك المركزى بأن يرفع يده عن السوق، ويتركها لآليات العرض والطلب.