بعد 5 سنوات على إعادة صياغة السياسة الخارجية الأمريكية لتركيزها على آسيا، يسعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما لطمأنة حلفاء واشنطن في هذه المنطقة، خلال جولة يقوم بها هذا الأسبوع في مرحلة تشهد توترات جيوسياسية شديدة. وسيحاول أوباما تبديد الانطباع بأن الأحداث الجارية في العالم، ولا سيما النزاع في سوريا والصراع بين الشرق والغرب حول أوكرانيا، حولت اهتمام إدارته عن المنطقة. وسيزور الرئيس الأمريكي خلال جولته، التي يبدأها الأربعاء، اليابان وكوريا الجنوبيةوماليزيا والفيليبين، ومن المرجح أن يضطر إلى التطرق خلال هذه الزيارات إلى الخلافات الحدودية القائمة بين حلفاء الولاياتالمتحدةوالصين. وسيؤكد في مختلف محطات جولته على أن سياسة «إعادة التوازن» إلى الاستراتيجية الأمريكية من خلال سحب الموارد العسكرية والاقتصادية والبشرية الأمريكية من الشرق الأوسط والحروب التي خاضتها واشنطن فيه لتركيزها على آسيا، لا تزال على السكة. وقالت مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض، سوزان رايس، إن «رحلة الرئيس إلى آسيا هي مناسبة هامة للتأكيد على الاهتمام المتواصل الذي نوليه لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ». وأضافت أنه «في مرحلة تشهد توترات إقليمية، وعلى الأخص حول كوريا الشمالية وبسبب خلافات جغرافية، فإن هذه الجولة تمنحنا الفرصة لتأكيد تمسكنا بنظام قائم على القانون في المنطقة». وقالت: «هناك طلب كبير على أن تلعب الولاياتالمتحدة دور زعامة في هذه المنطقة واستراتيجيتنا القاضية بإعادة التوازن (إلى السياسة الأمريكية الخارجية) تتعلق بالقطاعات الاقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية في شمال شرق آسيا وجنوب شرقها». وتابعت أن «أوباما» سيشدد على رغبة الولاياتالمتحدة في أن تتم تسوية النزاعات البحرية القائمة في بحر الصين الشرقي وبحر الصينالجنوبي بطريقة سلمية بما يحترم القانون. وكانت بكين أثارت موجة استنكار في المنطقة في نوفمبر، إذ أعلنت بشكل أحادي إقامة منطقة دفاع جوي في بحر الصين الشرقي تشمل جزر سنكاكو، التي تديرها اليابان وتطالب بها الصين باسم جزر دياويو، في خطوة أثارت تنديدًا أمريكيًا. كما تخوض الصين نزاعًا حول السيادة على جزر أخرى في بحر الصينالجنوبي ولا سيما مع الفيليبين وفيتنام. ويبدأ «أوباما» جولته، الأربعاء، بزيارة دولة إلى اليابان حيث سيتناول العشاء مع رئيس الوزراء شينزو آبي. وبعد استقباله في القصر الامبراطوري، يعقد الرئيس الأمريكي في اليوم التالي مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا مع رئيس الوزراء. ويبحث «أوباما» و«آبي سير» المفاوضات الشاقة الجارية مع اليابان حول اتفاق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ الذي يضم 12 بلدًا تمثل 40% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي. والمفاوضات التي كانت واشنطن تود إنجازها في نهاية 2013 تعثرت عند عقبات عزتها واشنطن بشكل أساسي إلى اليابان التي قاومت الدعوات الأمريكية الملحة بشأن فتح سوقها الزراعية. وأكد مسؤولون أمريكيون طلبوا عدم كشف أسمائهم أن المفاوضين الأمريكيين واليابانيين يعملون على تقريب وجهات النظر بين البلدين بشأن الوصول إلى السوق الزراعية وسوق السيارات. وفي سول، سيلتقي «أوباما» الرئيسة بارك جوين-هيي، وسيبحث بصورة خاصة مسألة كوريا الشمالية، كما سيسعى لخفض حدة التوتر بين سيول وطوكيو. وأوضح مساعد مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض، بن رودز، أن «أوباما» سيلقي كلمة في مركز قيادة القوات المشتركة الأمريكية الكورية الجنوبية وسيطلع على الجهود المبذولة للتصدي ل«استفزازات» بيونج يانج. وفي ماليزيا، سيكون أول رئيس أمريكي يزور هذا البلد منذ ليندون جونسون عام 1966 وسيقام على شرفه عشاء دولة في 26 أبريل قبل أن يجري محادثات مع رئيس الوزراء نجيب رزاق على أن يزور في اليوم التالي المسجد الوطني في كوالا لمبور. ويشارك الرئيس الأمريكي في جامعة مالايا في جلسة أسئلة وأجوبة مع شبان من جنوب شرق آسيا. وأخيرًا، يتوجه «أوباما» في 28 أبريل إلى الفيليبين، حيث يلتقي الرئيس بنينيو أكينو ويعقد معه مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا قبل حضور حفل عشاء. كما سيضع باقة ازهار في مقبرة أمريكية لقتلى الحرب العالمية الثانية.