ربما تشهد الانتخابات العامة في الهند إنهاء هيمنة حزب المؤتمر الوطني على السلطة طيلة عقد من الزمان، حيث أدى تعثر الاقتصاد وتفشي الفساد إلى تراجع ثقة الشعب به. ويتوجه 815 مليون ناخب هندي إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تجري على 9 جولات بين 7 إبريل إلى 12 مايو لاختيار برلمان جديد تنبثق عنه حكومة جديدة في أكبر وأعقد انتخابات في تاريخ البلاد. وتدور المعركة الانتخابية بين حزب المؤتمر، الذي هيمن على المعترك السياسي على مدى تاريخ الهند منذ استقلالها قبل 67 عاما، وحزب «بهارتيا جاناتا» القومي الهندوسي الذي بدأ يصعد نجمه مجددا. وأدى الفساد الحكومي والفضائح المالية إلى إذكاء الغضب الشعبي ضد حكومة التحالف التقدمي المتحد بقيادة حزب المؤتمر. وبات المواطنون يتطلعون إلى التغيير في ظل وصول معدل النموإلى أقل من 5% سنويا وهو أبطأ معدل في 10 سنوات وارتفاع معدل البطالة وضعف السياسة الخارجية. ويعد مرشح حزب بهارتيا جاناتا، ناريندرا مودي (63 عاما)، وهو رئيس وزراء ولاية جوجارات غربي البلاد ومؤيد لقطاع الأعمال، الأوفر حظا في السباق على منصب رئيس الوزراء. وينسب له فضل الاشراف على تحقيق تنمية سريعة في ولايته لكنه يظل شخصية تميل إلى الاستقطاب وعلى صلات مزعومة بأعمال الشغب المعادية للمسلمين في 2002. على الجانب الآخر ومع تنحي رئيس الوزراء المحاصر بالمشاكل مانموهان سينج (81 عاما)، يقود الآن راؤول غاندي، وهو من الجيل الرابع من أسرة «نهرو - غاندي»، حملة حزب المؤتمر. لكن «غاندي» (43 عاما) بدا غير قادر على التغلب على التيار القوي المعارض للحكم الحالي لحزب المؤتمر. يذكر أنه منذ عام 1984 لم يتمكن حزب بمفرده على ضمان حاجز الاغلبية المحدد ب 272 عضوا في البرلمان المؤلف من 545 عضوا، ولذلك فإن دور الأحزاب الصغيرة في تأييد الأحزاب الوطنية يعد حاسما في تشكيل الحكومة. وفي حال إخفاق حزب «بهارتيا جاناتا» في الفوز بأعداد ذات قيمة من المقاعد فربما تشكل الأحزاب الأقليمية والشيوعية الحكومة. كما أن حزب «آم أدمي» (الرجل العادي) وهو حزب جديد صاعد بقوة ومناهض للفساد، يجتذب الآن أنصارا في العديد من المدن. وقد يفوز بعدد من المقاعد ويلعب دور «سارق الأصوات» في دوائر أخرى. وتتركز الأضواء على مدينة فارانسي المقدسة، حيث يتنافس زعيم حزب «آم أدمي» أرفيند كيجريوال مع «مودي». يذكر أن الانتخابات في الهند يحسمها في العادة جمهور الناخبين الذي يمنح صوته بناء على الهوية المستمدة من طبقة المبوذين أو الدين أو الأقاليم. ومن بين الملامح المهمة في الانتخابات وجود معارضة واسعة لمودي من جانب السكان المسلمين بالبلاد والذين يشكلون 14% من إجمالي عدد سكان الهند - حيث تردد أن لهم تأثيرا على النتائج بعدد يزيد على 100 مقعد. ويحاول «مودي» تهدئة طائفة المسلمين قائلا إنه أعرب عن أسفه إزاء الاضطرابات الدينية في جوجارات في 2002 والتي راح ضحيتها ألف شخص غالبيتهم من المسلمين. كما تخوض النساء الانتخابات بأعداد متزايدة وصرن يمثلن قوة سياسية حيث شهدت آخر انتخابات انتخاب 59 إمرأة في البرلمان وهو أعلى عدد على الاطلاق. وعلى نقيض ما يعتبره البعض قيادة مترددة من جانب «سينج»، يطرح «مودي» نفسه كشخص سيحقق الانطلاقة للاقتصاد.