في المواصلات: 90 دقيقة رحلة تحرش داخل عربة السيدات في «المترو»

لم يكن تخصيص عربة للسيدات فى مترو الأنفاق لتمييز دون داع، بل لظروف تلك الأنثى التى تحتاج إلى إرضاع طفلها أو رفع نقابها، أو من يفضلن عدم الاختلاط فى العربات الأخرى، تلك الحوائج الإنسانية الطبيعية يخبط بها عرض الحائط بشكل يومى، مع دخول الباعة الجائلين إلى العربتين اللتين يجدون فيهما مصدر رزقهم، مع الفئة الأكثر شراء «السيدات»، ولا يقتصر الوضع على الباعة الجائلين الذين يتبارون فى رفع أصواتهم واستخدام مؤثرات صوتية «الخبط على الأبواب» للفت الأنظار إلى بضاعتهم، إلا أن للمتسولين مكانا داخل العربتين أيضا. فى ظل هذا يقضى مئات الآلاف من النساء مابين 30 دقيقة إلى ساعة ونصف من وقتهن داخل عربات مترو الأنفاق بشكل يومى «حوالى 3 ملايين و200 ألف هن المترددات على المترو يوميا تصريح سابق لرئيس هيئة المترو لجريدة المصرى اليوم»، يعتمدن عليه كوسيلة أساسية فى الذهاب والعودة من العمل أو الجامعة أو المدرسة، مُطالبات بتحمل كافة أشكال العنف المقصود وغير المقصود الذى يتعرضن له ونرصد بعض وقائعه فى السطور التالية:
منال أحمد «موظفة» أم لثلاثة أولاد أكبرهم بنت فى الثالثة عشرة قالت «كنت فى المترو أنا وأولادى وابنتى بجوارى وفجأة امتدت يد طفل عمره لا يزيد عن 10 سنوات، لمحته عندما انتفضت مع صرخة البنت لأرى ماذا حدث، قام بجذبها من شعرها وكسر لها التوكة من شدة الجذب مع بدء سير القطار، وبالرغم من أننى قمت بسبه، لكن البنت ظلت تبكى ورفضت الخروج من البيت لعدة أيام ولم أجد ما أقوله لها أو أفسر به ما حدث لأننى نفسى عاجزة عن تفسير ذلك، موقف ابنتى ليس الأول فالكثير من الفتيات يتعرضن لمضايقات بشكل يومى، والأشخاص من نوعية هذا الطفل موجودون كبارا وصغارا يروعون الفتيات ويقومون بتصرفات تؤذيهن نفسيا، والأمن الموجود بالمحطات مجرد موظفين!».
سارة طالبة بكلية التربية «لا أعلم كيف وأنا التى اخترت أن أستقل عربة السيدات يأتى بائع ويحتك بى وبجسدى ويصر على المرور من بيننا، وإذا تكلمنا يرد بعنف: وأنا عملت لك إيه هتتلككى، احتكاكه بى وبغيرى سواء كان بقصد أو بدون، يؤلمنى يشعرنى بمشاعر مختلفة من القرف والانكسار والحزن»، أشارت دراسة حديثة للمركز الديمجرافى التابع لمعهد التخطيط القومى على عينة قوامها 2800 فتاة موزعات على محافظات القاهرة، الإسكندرية، الدقهلية، الاسماعيلية، الغربية، أسيوط، إلى أن 44 % من المبحوثات اللاتى تعرضن لوقائع تحرش شعرن بألم نفسى شديد وخوف عند حدوث التحرش بهن.
المهندس عبدالله فوزى رئيس هيئة مترو الأنفاق، فقال «الباعة الجائلون يقطعون تذاكر ويدخلون كركاب، ومعاهم شنط بلاستيك عادية، فموظف الأمن لن يمنعه من المرور، إلا أننا نقوم من وقت لآخر بعمل حملات على المترو، ونحرر لهم مخالفات» (الغرامة المترتبة على المخالفة قيمتها 15 جنيها).
وأضاف فوزى «هناك رقم ساخن للإبلاغ عن هؤلاء الباعة والمتسولين هو (16048)، يمكن للراكبة الاتصال فى الحال، وسوف يتم إيقاف القطار فى المحطة التالية واتخاذ اللازم».
عندما عرضنا كلام المهندس عبدالله على جميلة أحمد «موظفة» قالت: الباعة الجائلون يدخلون بشنط كبيرة وواضحة وفى بعض المحطات يفترشون الأرض ويبيعون، لا ننكر أن أحيانا يكون هناك حملات لكنها قليلة وغير مجدية ومنذ وقت طويل لم نر حملة فى المترو. وأضافت: أكثر من 5 بائعين وبائعات يتواجدون فى نفس اللحظة يروجون لبضاعتهم بصوت عال وحاد، وأحيانا يتشاجرون ويسببون رعباً فى العربة، ناهيك عن المتسولين الذين يدعون البلاهة والجنون ويقتربون من الفتيات ويحتكون بهن وبأجسادهن، لولا تدخل بعض السيدات «الجدعان» فيقمن بالحديث معهم بلهجة حادة وطردهم من العربة.