المصرى اليوم

على بعد نحو 45 كيلو متراً من واحة الفرافرة بالوادى الجديد تقع محمية الصحراء البيضاء، التى يطلق عليها «واحة الثلوج»، الوصول إليها ينقلك إلى عالم آخر مختلف حيث تتعانق متعة الحياة وجمال الطبيعة مع الأساطير، حيث يعود تكوين المنطقة الجيولوجى إلى عصور ما قبل التاريخ، لما تتمتع به من مقومات فريدة لا تتوفر فى أى مكان آخر على مستوى العالم، ما خلق حالة من الرواج السياحى لها وحرص عدد من شباب الواحات على تنظيم رحلات سفارى ومغامرات لها لاقت إقبالاً كبيراً من المصريين والأجانب.
«المصرى اليوم» رصدت ملامح المنطقة ومقومات الجذب السياحى الفريدة بها من خلال المشاركة فى إحدى الرحلات التى ينظمها عدد من الشباب بمركز الداخلة للمنطقة.
البداية كانت من قرية القصر الإسلامية بالداخلة حيث يتجمع العشرات من المصريين لانتظار سيارات الدفع الرباعى، التى تقلهم لمسافة أكثر من 340 كيلو متراً إلى محمية الصحراء البيضاء بالفرافرة، وبالرغم من عناء السفر وطول المسافة إلى أنه سرعان ما تنتهى هذه المعاناة بمجرد دخول المنطقة حيث تنتشر الرمال والصخور البيضاء التى كونت بفعل عوامل التعرية مناظر خلابة، فمنها ما يجسد عيش الغراب (المشروم) أو الدجاجة وغيرها من المشاهد الطبيعية البيضاء.
برنامج الزيارة بدأ بمشاهدة مكونات المحمية والاستمتاع بالسباحة فى المياه الجوفية الساخنة التى تخرج طبيعياً من بئر«عين السرو» التى تصل درجة حرارته لأكثر من 40 درجة مئوية وبحلول المساء ومع التأمل فى مشهد غروب الشمس فى هذه البقعة البيضاء يتم نشر «كامب» يضم العديد من المخيمات لتبدأ فعاليات الأمسية البدوية والفلكلور الشعبى الواحاتى، التى تستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، بالإضافة إلى تنظيم حفلات «شواء» لحوم الضأن للتجهيز لوجبة العشاء، ويقضى الجميع ليلته فى الخلاء.
قال إسلام محمود، 23 سنة، أحد منظمى رحلات الصحراء البيضاء، إنه واثنين من أصدقائه ينظمون هذه الرحلات للمصريين أكثر منها للأجانب بعدما تأثرت السياحة بالأوضاع الأمنية التى صاحبت ثورتى 25 يناير و30 يونيو وغالباً ما يكون برنامج الرحلة يوماً واحداً مع قضاء ليلة داخل المحمية، مشيراً إلى أنه استخدم شبكات التواصل الاجتماعى، خاصة «فيس بوك» للترويج للرحلات التى لاقت إقبالاً كبيرا من شباب الواحات والمحافظات الأخرى.
وأضاف أن أهمية منطقة الصحراء البيضاء ترجع إلى أنها تمثل نموذجاً فريداً لظاهرة «الكارست»، كما تعتبر متحفاً مفتوحاً لدراسة البيئات الصحراوية والظواهر الجغرافية والحفريات والحياة البرية واحتوائها على آثار وأدوات ترجع إلى عصر ما قبل التاريخ، حيث تشتمل على مجموعة من المقابر والكهوف النادرة وبقايا مومياوات قديمة ونقوش منحوتة وتتميز المحمية بجمال مناظر الكثبان الرملية والتكوينات الجيولوجية لصخور الأحجار الجيرية ناصعة البياض وما تحتويه من حفريات متميزة.
وأضاف أن الرياح وعوامل الطبيعة فى المنطقة شكلت منحوتات تعجز يد الفنان عن صُنعها بعضها يوحى لك بأشياء معروفة كتمثال أبى الهول مثلا لكن ب«رأس غنمة»، وبعضها الآخر يتحدّى قوانين الطبيعة ككتلة صخرية ضخمة تعلو بصورة مائلة، ولها قاعدة ضعيفة دون أن تسقط، متحدّية قانون الجاذبية، وفى بعض الأماكن تغطّى طبقة رقيقة من الكلس الأبيض رمال الصحراء فتبدو وكأنك أمام منظر شتائى ثلجى رغم حرارة الشمس الملتهبة.