ذكر تحليل نشره المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية على موقعه الإلكتروني، أن قضايا الفساد التي هزت تركيا الشهر الماضي، ستعيد تشكيل توازنات القوى في تركيا، وسيكون الخاسر الأكبر فيها هو رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الذي أحكم قبضته السياسية على تركيا خلال السنوات ال12 الماضية. وأوضح التحليل، الذي كتبه الباحث في الشؤون التركية، محمد عبد القادر خليل، أن تركيا «واجهتا خلال الشهور القليلة الماضية العديدَ من التحديات الداخلية والخارجية، على نحو وضع حزب العدالة والتنمية الحاكم أمام إشكاليات وعقبات لم يواجهها منذ أن تم تأسيسه قبل نحو اثني عشر عامًا وصل خلالها إلى السلطة». وتابع أن هذه التحديات، التي حصرها في احتجاجات ميدان تقسيم، وفضيحة الفساد التي زلزلت عرش «أردوغان»، أفضت «لاستقالة العديد من نواب الحزب الحاكم، فضلا عن الوزراء المتهمين، وتشكيل حكومة جديدة جاءت على عجل من أقرب المقربين، لم يكن تشكيلها -تزامنًا مع تبني خطاب يحمّل (المؤامرة) مسؤولية تفجر ملفات الفساد- كفيلا بشحذ المؤيدين، ودافعًا لتخفيف حدة الانتقادات الموجهة، أو دراماتيكية المشكلات القائمة، أو تنوع السيناريوهات المطروحة». ولفت الباحث إلى أن تفجر هاتين القضيتين يأتي قبل 3 استحقاقات انتخابية مهمة، هي الانتخابات البلدية في مارس 2014، والرئاسية في أغسطس من العام نفسه، والبرلمانية في عام 2015، والتي كان ينوي حزب العدالة والتنمية، بزعامة «أردوغان»، لفرض سيطرته على مفاصل الدولة «من خلال التخلص من الشركاء القدامى، من حركة فتح الله كولن، المعروفة ب(الخدمة)، وهي استراتيجية انتهجت بعد أن تخلصا معًا (كولن-أردوغان) من (دولة الوصاية العسكرية)». واعتبر أن جموح «أردوغان» الذي «لا يتورع عن خوض المواجهات السياسية»، لم يحل دون «حلول لحظة الحقيقة التي كشفت عن أن العديد من معارضي (أردوغان) لم يكن ينقصهم إلا الظرف السياسي المناسب للكشف عن الملفات وقضايا الفساد التي تورط فيها، سواء على نحو مباشر أو غير مباشر». ويرصد البحث نوعية الصراع السياسي في تركيا، بين «أردوغان» الذي يسعى للحفاظ على مكاسبه وعدم الابتعاد عن السلطة، فيما يسعى «كولن» إلى الحفاظ على مصالح جماعته ومناصريها ومؤسساتها والتي «بسببها بزغت دوافع خوض غمار السياسة، وإعداد قيادات تتمتع بالكفاءة في مختلف المجالات لتكون قادرة على قيادة المؤسسات الاقتصادية والسياسية، دون أن يتعلق ذلك بالرغبة في حيازة السلطة، وإنما محض دعم من يعد مرشحًا حقيقيًّا لحيازتها لضمان عدم استهداف الجماعة في صورتها الكلية». ويتوقع الباحث أن يلجأ الطرفان إلى استراتيجية «الضرب تحت الحزام» التي يعتبرها من «القواعد القانونية في المباراة الصفرية» المتحققة شروطها في الصراع بين الطرفين. وأضاف أن «أردوغان» سيلجأ إلى «محاولة تصفية وجود الجماعة في مؤسسات الدولة خصوصًا الشرطية والقضائية»، أما «كولن» فسيحاول «بدأب كشف مزيد من الأسرار التي تقف وراء صعود (أردوغان) السياسي، والعديد من قضايا الفساد التي صاحبت صعود تركيا الاقتصادي، وإظهار (أردوغان) باعتباره الزعيم المتورط في قضايا فساد»، وستعمل على ذلك بالتعاون والتنسيق مع أحزاب المعارضة الرئيسية. واعتبر أن الخطر الأكبر الذي سيواجه «أردوغان» خلال المرحلة المقبلة سيتمثل في «احتمال تصاعد وتيرة الانشقاقات التي يشهدها حزبه، وتصاعد الاتجاه الذي يتنامى داخل الحزب بأن (أردوغان) تحول من (ميزة) إلى (عبء)، بما يجعل التفكير في الانشقاق وتشكيل حزب جديد فكرة رائجة لها مبرراتها».