ممدوح الليثي.. ضابط الشرطة الذي هجر «الميري» إلى الفن (بروفايل)

«ثرثرة فوق النيل»، و«السكرية»، و«ميرامار»، و«الكرنك»، و«أميرة حبي أنا».. أعمالًا خالدة في تاريخ السينما المصرية، وإرثًا فنيًّا ضخمًا تركه، السيناريست الكبير ممدوح الليثي، الذي رحل عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد مسيرة مهنية حافلة بدأها بالصحافة ثم الشرطة التي هجرها إلى إلى المجال الفني، وكأنه في ذلك التحول من «الميري» إلى الفن اختار السير على خطى الكاتب المسرحي الكبير سعد الدين وهبة.
رغم ما انتهى إليه ممدوح فؤاد الليثي، المولود في الأول من ديسمبر عام 1937، من قرار العمل في الحقل السينمائي حتى وافته المنية مطلع 2014، إلا أن بداياته العملية كانت في حقل مختلف تمامًا، فهو الضابط الذي حصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس ثم بكالوريوس الشرطة عام 1960، ومارس خلال دراسته العمل بالصحافة، حتى بدأت ميوله الفنية في الإفصاح عن نفسها باتجاهه لمعهد السينما الذي أتم دراسة السيناريو به عام 1964.
في كلٍ من العاصمة ومحافظة الفيوم، عمل «الليثي» ضابطًا لمدة 7 سنوات بعد تخرجه، ليتمرد بعد عام 1967 ويقرر هجرة «الميري» إلى المجال الفني الإبداعي، الذي تقلد فيه عدة مناصب بالإذاعة والتليفزيون، من بينها «مدير عام أفلام التليفزيون عام 1982، ورئيس أفلام التليفزيون عام 1985»، حتى أصبح مسؤول الإنتاج في «ماسبيرو» بعد تقلده منصب رئيس قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون عام 1985، وذلك بجانب عضويته في جهات فنية منها غرفة صناعة السينما، كما أنه اختير في ديسمبر 1989 نقيبًا للمهن السينمائية، ورئيسًا لاتحاد النقابات الفنية.
لم يكتف «الليثي» بالعمل في أروقة «ماسبيرو» أو تمثيل العاملين نقابيًا ليشبع ميوله الفنية، فبعد بداياته التي كانت بممارسة العمل الصحفي وكتابة القصة لمجلتي «صباح الخير» و«روزاليوسف» وهو لم يزل طالبًا، اتجه إلى كتابة السيناريو والذي وٌفق فيه إلى كتابة سيناريوهات لمؤلفات أديب «نوبل» العالمي نجيب محفوظ، لتتحول النصوص الورقية التي تناولت المجتمع المصري بأحواله وشرائحه الاجتماعية المختلفة في النصف الأخير من القرن الماضي إلى مرئيات، فكان أن ظهر لجمهور السينما في السبعينيات أفلام مثل «ثرثرة فوق النيل، والسكرية، وميرامار» بسيناريو وحوار ممدوح الليثي.
كما تعاون أيضًا في فيلمي «الكرنك، وأميرة حبي أنا» مع «سندريلا الشاشة» سعاد حسني، وهي الفنانة التي شارك «الليثي» فيما بعد في صناعة مسلسل «السندريلا» عن سيرتها الذاتية ومسيرتها الفنية، وذلك بجانب مشاركته في صناعة أعمال منها «فيلم معالي الوزير، والطريق إلى إيلات، ومسلسل ضمير أبلة حكمت».
أثمرت مسيرة «الليثي» الفنية التي شملت الكتابة والإنتاج، وتجاوزت الأربعين عامًا، عن وضع توقيعه على 164 فيلمًا دراميًا تليفزيونيًا، و600 فيلم تسجيلي، وما يزيد على 1500 ساعة دراما «مسلسلات وسهرات»، حسبما ينسب له موقع «السينما. كوم»، كما نال عدد من الجوائز والأوسمة والتكريمات، كان منها جوائز منحتها له وزارة الثقافة عن أفلام «أميرة حبي أنا، والسكرية، والمذنبون».
على الجانب الآخر، لم تخل رحلة «الليثي» من المنغصات، حيث واجه العديد من المعارضات خلال تصدره سدة مقعد «جهاز السينما» الذي تركه عقب احتجاجات العاملين به في 2011، ليصرح بعدها بأن أزمة الجهاز تكمن في «المطالب الفئوية».
على الصعيد السياسي، كان لممدوح الليثي موقف مؤيد لقرار نجله الإعلامي عمرو الليثي، بعد استقالته من منصب مستشار رئيس الجمهورية في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي في سبتمبر الماضي، حيث أكد في تصريحات إعلامية عدم تقاضي نجله أي مقابل مادي أو امتيازات مقابل عمله مع الرئيس الذي التقاه «الليثي» ضمن وفد من الفنانين، ووصفه حينها بأنه «شخص متدين ومصري صميم، يقترب يوميًا من قلوب الناس».