تسببت الأحداث السياسية التي تمر بها مصر، في عدم التزام المؤتمر الأول لأدباء أقاليم مصر، الذي تنعقد دورته من 28 إلى 31 ديسمبر الجاري، في الخروج عن مناقشة جدول أول الموائد المستديرة في المؤتمر، والتي كان عنوانها «نحو رؤية ثقافية للخروج من الأزمة الراهنة»، بمشاركة الروائي سعيد الكفراوي، والدكتور الشاعر فارس خضر، والتي أدارها دكتور زين عبدالهادي. وطرح الشاعر الدكتور فارس خضر، مجموعة من التساؤلات أهمها: «إلى أي فكر سياسي تميل الجماعة الشعبية التي أعطت أصواتها ل(الإخوان)، التي نزلت فيما بعد في (30 يونيو) لتسقطهم، وهل هذه الجماعة تملك قيمًا داعمة لكل القيم الإنسانية النبيلة؟». وأضاف «فارس»، خلال كلمته في المائدة المستديرة:«في تراثنا الشعبي الكثير من القيم السلبية التي تقف ضد التحديث، فالسيرة الهلالية مثلاً تبرر الغزو والقتل وتتلون فكرة الشرف فيها حسب الأحوال والمصالح، والخلاصة أن هناك جوانب في العقلية الشعبية تدعم التسامح، لكن هناك جوانب أخرى ترسخ العداوة والتناحر، وبعد ثورة (25 يناير) حدث اختلال حاد في منظومة القيم وحدثت حالة من الاستقطاب المجتمعي مزقت المجتمع المصري، والخروج من الأزمة يكمن في تحديث المجتمع المصري». وقال الروائي سعيد الكفراوي: «الثقافة المصرية عبر 60 عامًا الماضية تعيش أزمة حقيقية، والغلو في الحديث عن ازدهار فترة الستينيات في المسرح والرواية حديث يحتاج لمراجعة وتأمل، ورواد الثقافة في تلك الفترة تميزوا باللوعي الليبرالي لرواد هذه الثقافة مثل لويس عوض، وسلامة موسى، لذا ظلت الفنون بكل أشكالها تستمر فعالياتها وتأثيرها من هؤلاء الرواد في الحياة العامة والثقافية، وغياب هؤلاء عن الثقافة المصرية آخر كثيرًا بالثقافة المصرية، وأرى أن جيل الستينيات الرواد كانوا من اليسار مثل يوسف إدريس ونعمان عاشور». واختلف د. محمود قنديل مع الروائي سعيد الكفراوي قائلًا«جيل الستينيات نتاج للمرحلة الليبرالية السابقة عليه، والمؤثر في جيل الستينيات هو المشروع القومي الذي أعطى استمرارية لهذا الجيل، ودل على ذلك أن المؤثر الحقيقي لإخفاق جيل السبعينيات هو انتفاء المشروع القومي». وأضاف «قنديل»: «ما ينقصنا رؤية مجتمعية موحدة للتغيير تخلق تطلعًا موحدًا، والطليعة الثورية في ثورة 25 يناير كانت من الطبقة البرجوازية من طلبة الطبقة المتوسطة، ولم يشارك فيها العمال والفلاحون، والحل من وجهة نظري يكمن في إعادة تفعيل وزارة الثقافة بإعادة هيكلتها لتقوم بدورها الثقافي باستقلالية بعيدًا عن السلطة السياسية». من جانبه، هاجم الكاتب الجميلي أحمد الحاضرون قائلًا: «عنوان المائدة المستديرة لم يقترب منه أحدًا، وأرى أن جيل الستينيات الأكثر فسادًا في الوسط الثقافي فهو لم يقدم إلا لذاته فقط، واحتل مناصب كثيرة في وزارة الثقافة، ولم يحاول أحد منهم أن يقدم أديب شاب». وهاجمت القاصة انتصار عبدالمنعم المثقفين الذين ساهموا في الأزمة الراهنة قائلة: «ليس من حقهم انتقاد جيل الستينيات الآن، والتعليم مسؤول عن تعميق التعصب الديني، ولا أعلم عن أي تنوع نتحدث ونحن لا نقبل كمثقفين اختلافنا في الرأي». وطالب الكاتب حمدي عبدالرازق بإعادة هيكلية لوزارة التعليم، سواء في المناهج أو في فلسفة التعليم، وأكد الشاذلي بشير، أن المثقفين في مصر هم سبب الأزمة التي تشير إليها، فهم لم ينجحوا في التأثير على الشعب المصري، وأشار الكاتب خالد الصاوي إلى الهجمة الشرسة المتفشية في المجتمع المصري بالنيل من كل الرموز، وهو ما جعل الشباب المصري يفتقد الرمز الذي يحتذى به.