أولويات الغلابة منار الشوربجي منذ 18 ساعة

التصريحات المنشورة بخصوص الأوضاع الاقتصادية متناقضة. ولكنها لا تقل تناقضاً عن العلاقة بين الأزمة وأولويات الخروج منها. اقرأ مثلاً تصريحات رئيس الوزراء للفاينانشيال تايمز البريطانية بخصوص دعم الطاقة. فهو أعلن أنه «فى المحصلة النهائية سيكون هناك بعض الدعم. فنحن سنخفض نسبة الدعم فى الميزانية من 25% إلى 10% أو 8%، وهو ما لا يمكن تحقيقه دفعة واحدة، إذ يحتاج لخطة زمنية من خمس لسبع سنوات. فالأمر يحتاج لتأييد من الناس، لذلك علينا أن نشن حملة إعلامية». وأكد الببلاوى أن ارتفاعاً فى الأسعار سيحدث «بالقطع» وحكومته فى السلطة، «وربما نحدد حصة من المتلقين تحصل على نسبة عالية من الدعم بينما تقل النسبة لكل الباقين».
وحوار رئيس الوزراء نشرته الفاينانشيال تايمز الأربعاء 18 ديسمبر، فإذا بالعنوان الرئيسى للأهرام السبت 21 يقول «الدعم باق والبنزين بلا قيود». وفى الخبر حذرت الحكومة من «الأخبار الكاذبة» وقال وزير التخطيط إن حصة الدعم «مدرجة فى الموازنة العامة»، دون أن يتطرق للنية فى خفضها كما قال الببلاوى. ثم صرح الوزير بأنه سيتم صرف البنزين على الكروت الذكية «دون قيود أو تحديد الكميات أو الأسعار».
وأنت تسأل نفسك إذن عن الهدف من الكروت أصلاً إذا لم يكن لتحديد الكمية والأسعار! ثم تكتشف الأحد 22 فى تصريح جديد للببلاوى أن الكروت الذكية هدفها «القضاء على التهرب الضريبى»(!)، دون أن ينفى أنها تهدف أيضاً «لضمان وصول الوقود المدعوم لمستحقيه»، أى تحديد الكمية والأسعار!!
لكن أهم ما جاء فى تصريحات رئيس الوزراء الجديدة كان أن ترشيد الدعم خلال خمس سنوات لن يمس «الخبز وأسعار السولار والبنزين والبوتاجاز والبطاقات التموينية».
يا مثبت العقل، ما هو إذن «دعم الطاقة» الذى سيتم تقليصه فى الميزانية، وأى الأسعار تلك يا ترى التى سترتفع «بالقطع» كما قال الببلاوى للفاينانشيال تايمز؟ هل المقصود الكهرباء مثلاً؟ لا أظن. فوزير الكهرباء أعلن فى اليوم نفسه أن قطاع الكهرباء «مهدد بالانهيار لعجز الوزارة طوال ثلاثة أشهر عن دفع ثمن الوقود الذى تورده وزارة البترول»!
وكل هذه التناقضات بخصوص الدعم إذا ما وضعتها مع تصريح وزير التخطيط بأن معدل البطالة «وصل إلى 13% وأن نسبته بين الشباب وصلت إلى 30%»، بل والتصريح الخطير لوزير التجارة الذى نشرته بوابة الأهرام، ولم ينفه أحد من أن «علينا أن نشد الحزام.. ونعمل من أجل هذا البلد الذى أفلس فعلاً»، ستدرك أن تعافى الاقتصاد المصرى يحتاج بالضرورة ترتيباً للأولويات. غير أن اليوم نفسه الذى تم فيه الإعلان عن أن الحكومة تقترض 5.5 مليار من البنوك، زفت لنا الصحف خبر الإنفاق على تجهيز كل السجون بالكبائن الزجاجية لئلا يتواصل المعتقلون مع ذويهم بشكل مباشر. فبدلاً من الإنفاق على بناء المصانع والمدارس، تبنى مصر المزيد من السجون، بل وتجهزها بكل ما هو متطور! وإياك أن تسأل عن الغلابة الذين هم أغلبية الشعب المصرى.