أفهم .. قبل أن تغضب كثيراً جداً منا يشكو من إساءة الآخرين فهمه ، ويستاء لذلك وينتابه حالة من الغضب ، ويقرر أن يبتعد عنهم وقد يكون محقاً في ذلك من وجهة نظرة . ولكننا أساءنا التقدير وأصدرنا حكماً مسبقاً دون أن ندرك إبعاد الموقف ، لذلك إذا أردت أن يفهمك الناس ، فلابد أن تفهمهم أنت أولاً ، ولكي تحكم عليهم لابد أن تسمعهم وتفهم رؤيتهم ، وتضع نفسك مكانهم ماذا لو كنت مكانهم وفي نفس ظروفهم ، ماذا كنت تفعل؟ . وقد ينتابك الشعور بأن شخص ما في العمل أو جار لك يكرهك ويعاملك معاملة سيئة ، مع انك تكن له كل الحب والخير ، هو لا يكرهك ولكنه قد يكون تركيبته نسيج عدائي منذ الصغر أو لأسباب مرضية أو اجتماعيه .. وعندما تقترب منه تجده مع الآخرين كذلك . تخيل رجل في محطة القطار وهناك جمع قليل من الناس منهم من يقرأ ومنهم من يتكلم مع رفيقه في صوت خافت والجو يسوده الهدوء وهو جالس ينتظر ، فجأة انطلق أربعة صبية في المحطة يلعبون ويلهون بصوت عال وأبوهم قادم ورائهم . جلس الأب إلى جوارك منكساً رأسه وأطفاله قد أثاروا من الإزعاج للناس ما جعلهم جميعاً في ضيق وغضب أقبل صاحبنا على الرجل وقال بأدب " يا أخي أولادك قد أزعجوا الناس ، هلا نهرتهم عن ذلك ؟! نظر الرجل إليه بعين يكسوها طول السهر والتعب وقال : " أنا آسف .. ولكننا .. قد غادرنا المستشفى الآن .. وقد ماتت أمهم وهم لا يعلمون " . من سياق القصة ندرك أن لكل منا رؤيته في معاجلة أو فهم مشكلته من وجهة نظره وقد يتبادر إلى ذهن أي منا أن الأب لم يتخذ موقف ايجابي وانه لم يحسن تربية أولاده ولكن عندما اقتربنا منه وتكلم أدركنا صمته وتصرفه بل وتعاطفنا معه ولم تأخذ المشكلة أبعاد آخري . لذلك فهناك الكثير من المشاكل التي قد تبدو لصحابها أنها كبيرة وهي من السهل حلها إذا أدركنا مع من نتعامل ونفهم طبيعة المشكلة وظروفها حتى نكون على يقين من الوصول لحل لها . قال لينكولن منذ ما يقرب من مائة عام : " ثمة مثل قديم يقول : إن نقطة عسل نحل تصيد به الذباب أكثر مما يصيد برميل من العلقم ، وهذا ينطبق على الرجال ، فإذا أردت أن تكسب رجلاً إلى جانبك أقنعه أولاً بأنك صديقه المخلص ، فهذه هي ( نقطة العسل ) التي تصيد قلبه ، وهذه هي الطريقة المودية إلى قلب الرجل ؟ إن الناس لا يريدون تغير عقولهم ولكن بالود والرحمة واللين والتفاهم والإحسان تستطيع أن تكسب ودهم وقلوبهم بدلاً من الاندفاع والتهور والغضب الذي لن تجني من وراءه إلا تفاقم المشكلة . بقلم / عصام كرم الطوخي .