ظهرت في الأيام الأخيرة عدة دلائل ومؤشرات وحقائق، مفادها أن المتابع بقليل من التدقيق سيدرك أن نظرية الثورة المضادة قائمة بلا أدنى شك، وإن لم تكن كل خيوطها واضحة بعد. لست هنا بصدد طرح المزيد من النظريات عن تلك الثورة المضادة أو التكهن بسيناريوهات ما تقوم به أيادي خفية تسعى للإلتفاف حول ثورة يناير، ولكن التدليل على أن مثل تلك السيناريوهات كلها أو غيرها، والتي قد يدعي البعض أن أصحابها يثيرون القلاقل مما لا يتيح فرصة لقواتنا المسلحة للعمل، دائماً ما ينتهي إلى مطلب واحد متمثل في كلمتين: رحيل شفيق! ومن أمثلة تلك الدلائل ما يلي: - وزارات سيادية على رأسها وزراء تحوم حولهم الشبهات، ولا يحظون بقدر كبير من الرضا الشعبي، متمثلة في وزاراتي الداخلية والخارجية، ووزارة العدل. - تضييق إعلامي واضح، ليس له أي موقع من الإعراب حالياً. - بقاء بعض رموز الإعلام المصري والصحافة الحكومية في مناصبهم، على الرغم من الإجماع الشعبي على ضرورة عدم بقاءهم؛ بل ومحاسبتهم، مما يثير الكلام حول تبنيهم لمسئولية التجميل لبعض الوجوه، لأغراض تخدم الثورة المضادة في الفترة القادمة. - إستمرار نشاطات وإجتماعات الحزب الوطني برموزه التي لم يأتي دورها في المساءلة بعد، وبعض الأمور التي حدثت بعد ذلك، والتي كان نسبها للوطني هو الأكثر منطقية وقبولاً، مثل: محاولات الوقيعة بين المتظاهرين والجيش. وبعض الإحتجاجات الفئوية التي قيل أن الحزب الوطني يتبناها لزعزعة الإستقرار. وغيرها من مخططات لم تكشف بعد ولكنها بكل تأكيد قائمة، في محاولة شرسة أخيرة من فلول النظام لإجهاض الثورة أو الإلتفاف على مطلبها الأعم والأشمل؛ ألا وهو ترسيخ مبادئ الديمقراطية والتوجه بمصر نحو الدولة المدنية الكاملة. مثل تلك المؤشرات والدلائل التي ليست هي بالقطع الحقيقة الكاملة أو الصواب المطلق، ان دلت على شيء فانما تدل على أن هناك من تضرر بفعل الثورة، ورجوع الأوضاع لما كانت عليه فيما قبل 25 يناير يحقق له الأمان ويضمن له مزايا سيفقدها في وجود ديمقراطية حقيقية. هؤلاء ممن يسعون للإتجاه نحو ديمقراطية مشوهة مرة أخرى، وبالإستناد الى الدلائل المشار اليها، يجدون في أحمد شفيق وحكومته الملاذ – وأتمنى أن يكون الأخير- ليس للفرار من المساءلة وحسب، وإنما للإلتفاف حول مطالب الثورة، والإلتفاف حول شرعيتها. اذا كنت ممن لا يرون سبباً لضرورة رحيل شفيق وحكومته الفوريان، بإعتبار أنها مرحلة إنتقالية وأن الشباب الثائر لا يفهم شيئاً ويثور لمجرد رغبته في الثورة، فأرجو منك الإجابة عن سؤال واحد: لماذا لا يرحل شفيق المعين من قِبل رئيس مخلوع فاقد للشرعية، وكيف لا يرحل في حين أن بقاءه لا يزيد الأمور الا تعقيداً؟ اذا كانت كلمات على غرار: إستقرار، سيناريو الفوضى، دعهم يعملون، صمام الأمان، من يأتي مكانه.. إلخ. تدور في مخيلتك، فأنا أرجو منك الرجوع للتاريخ، وهو تاريخ أفترض أنك عاصرته بنفسك قبل بضعة أسابيع. لاشك أن كل يوم يمر وشفيق رئيساً للحكومة في ظل الإحتجاج الشعبي المتنامي حوله، انما يرسخ ويؤكد حقيقة واحدة، أن بقاءه في حد ذاته يخدم مصالح الثورة المضادة، التي يكون كاذباً من ادعى علمه بكل تفاصيلها، ويكون غافلاً من أنكر وجودها. ان رحيل شفيق ورحيل حكومته؛ الأمس قبل اليوم، ومن ثم قطع الطريق على كل سيناريوهات الثورة المضادة التي تعدها فلول النظام البائد، يفتح المجال أمام قواتنا المسلحة لإدارة المرحلة الإنتقالية في أجواء نقية غير مضطربة، للإنتقال بمصرنا الحبيبة نحو الديمقراطية، تحقيقاً لمطالب الثورة الشرعية، وإحتراماً لدماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل مستقبل أفضل للبلاد. [email protected]