وزير التموين يتوجه إلى لبنان للمشاركة في المؤتمر الاستثمارn بيروت وان    ترامب لا يستبعد إرسال قوات إلى فنزويلا.. ومادورو: مستعد للحوار وجها لوجه    ترامب: العالم كان يسخر من أمريكا في عهد بايدن لكن الاحترام عاد الآن    أمريكا تمنح حاملي تذاكر مونديال 2026 أولوية في مواعيد التأشيرات    حالة الطقس اليوم الثلاثاء.. تنبيه لتقلب جوي ما بين حر وبرد    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 فى المنيا    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025.. عيار 21 سجل كام؟    ما بين لعبة "التحالف "ونظرية "العار"، قراءة في المشهد الانتخابي الساخن بدائرة شرق بأسيوط    التفاصيل الكاملة.. ضبط جزار تعدى على زوج شقيقته بسلاح أبيض في الوراق    وزير الزراعة: خفضنا أسعار البنجر لإنقاذ الفلاحين من كارثة.. وأي تلاعب بالأسمدة سيحول للنيابة    دون مساعدات مالية، صندوق النقد الدولي يطلق "برنامج تعاون مكثفا" مع سوريا    ورشة عمل لخبراء "سيشيلد" تكشف عن نماذج متقدمة للهجمات السيبرانية    موضوع بيراوده منذ 3 أيام، كامل الوزير يكشف كواليس ما قبل بيان السيسي بشأن الانتخابات (فيديو)    حبس المتهم بالتعدي على مسنة بالعجوزة    حازم الشناوي: بدأت من الإذاعة المدرسية ووالدي أول من اكتشف صوتي    الدكتورة رانيا المشاط: الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق وظائف جديدة    مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    ترامب: نشكر مصر والإمارات والسعودية وقطر والدول التي دعمت القرار الأمريكي بمجلس الأمن    ترامب يستفسر كم ستربح الولايات المتحدة من تنظيم كأس العالم 2026    السيطرة على حريق داخل مستودع بوتاجاز في أبيس بالإسكندرية دون إصابات    روبيو: قرار مجلس الأمن تاريخي من أجل بناء قطاع غزة يحكمها الفلسطينيون دون حماس    نجاة الفنان فادي خفاجة من حادث سير    تعرف على المنتخبات المتوّجة بلقب كأس العالم منذ انطلاقه عام 1930    روسيا تنتقد قرار مجلس الأمن بشأن غزة    الهيئة الوطنية للانتخابات تُعلن اليوم نتائج الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2025    وزارة الداخلية: فيديو شخص مع فرد الشرطة مفبرك وسبق تداوله في 2022    إثيوبيا تؤكد تسجيل 3 وفيات بفيروس ماربورج النزفي    حركة حماس: قرار مجلس الأمن لا يلبي المطالب الفلسطينية    ضبط 400 كجم لحوم غير صالحة للاستخدام الآدمي ضمن حملة رقابية على الأسواق بمدينة أوسيم    قتلوه في ذكرى ميلاده ال20: تصفية الطالب مصطفى النجار و"الداخلية"تزعم " أنه عنصر شديد الخطورة"    "هواوي كلاود" و"نايس دير" توقعان عقد شراكة استراتيجية لدعم التحول الرقمي في قطاعي التكنولوجيا الصحية والتأمين في مصر    شاهين يصنع الحلم.. والنبوي يخلده.. قراءة جديدة في "المهاجر"    اتجاه لإعادة مسرحية الانتخابات لمضاعفة الغلة .. السيسي يُكذّب الداخلية ويؤكد على التزوير والرشاوى ؟!    مندوب أمريكا بمجلس الأمن: غزة شهدت عامين من الجحيم    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية بالأردن تستقبل وفدًا من قادة كنائس أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة    نتيجة وملخص أهداف مباراة ألمانيا ضد سلوفاكيا في تصفيات كأس العالم 2026    هولندا تضرب ليتوانيا برباعية وتتأهل إلى كأس العالم للمرة ال 12    مصرع شاب وإصابة 2 آخرين بطلق ناري في ظروف غامضة بقنا    ضبط التيك توكر دانا بتهمة نشر الفسق والفجور في القاهرة الجديدة    رئيس منطقة بني سويف عن أزمة ناشئي بيراميدز: قيد اللاعبين مسؤولية الأندية    أكرم توفيق: الأهلي بيتي.. وقضيت بداخله أفضل 10 سنوات    رئيس حي شرق شبرا الخيمة بعد نقل مكتبه بالشارع: أفضل التواجد الميداني    الصحة ل ستوديو إكسترا: تنظيم المسئولية الطبية يخلق بيئة آمنة للفريق الصحي    شاهد.. برومو جديد ل ميد تيرم قبل عرضه على ON    صدور ديوان "طيور الغياب" للشاعر رجب الصاوي ضمن أحدث إصدارات المجلس الأعلى للثقافة    اليوم عيد ميلاد الثلاثي أحمد زكى وحلمى ومنى زكى.. قصة صورة جمعتهم معاً    تطورات حالة الموسيقار عمر خيرت الصحية.. وموعد خروجه من المستشفى    عبد اللطيف: نهدف لإعداد جيل صانع للتكنولوجيا    أوقاف البحيرة تنظم ندوة حول مخاطر الذكاء الاصطناعي بمدرسة الطحان الثانوية    مستشفى الشروق المركزي ينجح في عمليتين دقيقتين لإنقاذ مريض وفتاة من الإصابة والعجز    أفضل أطعمة لمحاربة الأنيميا والوقاية منها وبدون مكملات    توقيع الكشف الطبى على 1563 مريضا فى 6 قوافل طبية مجانية بالإسكندرية    توقيع الكشف الطبي على 1563 مريضًا خلال 6 قوافل طبية بمديرية الصحة في الإسكندرية    غيرت عملة لشخص ما بالسوق السوداء ثم حاسبته بسعر البنك؟ أمين الفتوى يوضح    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    بث مباشر.. مصر الثاني يواجه الجزائر للمرة الثانية اليوم في ودية قوية استعدادًا لكأس العرب    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسكوت عنه فى الموازنة العامة.. وخفايا ألاعيب المحاسبة (1)
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 02 - 2011


عبد الخالق فاروق
تمثل الموازنة العامة للدولة فى مصر- كما فى غيرها من دول العالم- حجر الزاوية فى معرفة نمط أولويات النظام والحكم تجاه كثير من قضايا الحاضر الاقتصادى والسياسى فى آن معاً.
وقد تعرضت الموازنة العامة للدولة فى مصر إلى تغيرات عديدة وعميقة طوال الخمسين عاماً الماضية، سواء من حيث الهيكل المحاسبى أو من زاوية درجة الإفصاح والشفافية.
فعلى سبيل المثال، كانت الموازنة العامة للدولة قبل عام 1952 تتضمن جميع جوانب الإنفاق الحكومى ومصادر الإيرادات كافة، كما كانت تتضمن بياناً تفصيلياً عن عدد قيادات الجيش والبوليس ودرجاتهم الوظيفية وغيرها. وهو الأمر الذى تغير تماماً بعد عام 1952، واستمر حتى يومنا.
وقد شهدت الموازنة العامة كذلك تغيرات جوهرية من حيث البنية الهيكلية لها ففى عام 62/1963 جرى تقسيمها إلى موازنتين، إحداهما للخدمات والثانية لقطاع الأعمال، ومرة أخرى يجرى تقسيمها إلى خمس موازنات (كما حدث بعد يونيو عام 1967) ومرة ثالثة يجرى دمجها فى موازنة واحدة (كما فى قانون 53 لسنة 1973)، ثم فى عام 1979 جرى فصل موازنات الهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام عن بقية الموازنة العامة (القانون رقم 11 لسنة 1979) بحجة إتاحة الفرصة لهذه الهيئات الاقتصادية والشركات الحكومية للعمل بحرية وفقاً لآليات السوق ومعايير الأداء الاقتصادى السليم بعيداً عن اللوائح والقيود الحكومية.
وهو ما كان يخفى فى الحقيقة غرضاً آخر تبين فيما بعد فى مطلع التسعينيات فيما سمى «برنامج الخصخصة» وبيع هذه الشركات العامة إلى القطاع الخاص المصرى والعربى والأجنبى.
ثم جاء القانون الجديد للموازنة رقم 87 لسنة 2005 بإعادة تبويب وتصنيف الموازنة العامة للدولة تحت زعم (أن التقسيم النمطى للموازنة العامة كان يشوبه العديد من المآخذ أهمها عدم القدرة على التفرقة بين الموارد والمصروفات (كذا ..!!) من ناحية والمعاملات التمويلية من ناحية أخرى وفيما بين التحويلات ومعاملات المبادلات وكذا عدم التفرقة بين التبويب الاقتصادى والإدارى وعدم التبويب السليم لبعض البنود).
والحقيقة أن هذه المبررات المزعومة لإحداث هذا الانقلاب الهيكلى فى الموازنة العامة ليست صحيحة على الإطلاق كما سوف نرى ونشاهد بعد قليل.
وجوهر الأمر أنه فى إطار الإدماج القسرى للاقتصاد المصرى والمالية العامة فى الهيكل الاقتصادى العالمى الذى ترعاه مؤسسة صندوق النقد الدولى التزمت الحكومة المصرية ووزير ماليتها الموظف السابق فى صندوق النقد الدولى الدكتور يوسف بطرس غالى أمام بعثات إدارتى الإحصاء والشؤون المالية بالصندوق باتباع النظام المعمول به إحصائياً لدى الصندوق فى تصنيف وتبويب البيانات المالية وذلك وفقاً لما يسمى «موجز إحصاءات المالية الحكومية» الصادر عام 2001 من جانب هذه المؤسسة الدولية.
هذا الانقلاب فى الهيكل المالى للموازنة سوف نرى مقدار التضارب وعدم الوضوح وغياب الشفافية وعدم الكفاءة المصاحب له فى التعامل مع بيانات الموازنة العامة للدولة منذ عام 2005/2006 بعد قليل.
وسوف نعالج فى هذه السلسلة من المقالات عدة موضوعات أساسية نظراً لما لاحظته من أخطاء بعض الأصدقاء والزملاء الذين تناولوا بالبحث والنقد بعض قضايا الموازنة العامة فوقعوا بحُسن نية فى أخطاء بسبب غموض بعض المفاهيم والمصطلحات عليهم وهذه الموضوعات التى سوف نتناولها هى:
مجالات التلاعب فى المخصصات المالية المعتمدة بالموازنة من جانب وزير المالية ورئيس مجلس الوزراء بما يخالف تصديق المجلس التشريعى عليها.
الترتيب والتصنيف الراهن لأبواب وبنود الموازنة لا يساعد على الشفافية والإفصاح.
حدود ونطاق صلاحية مجلس الشعب فى مناقشة وتعديل أبواب وبنود مشروعات الموازنة (التعديل الدستورى المزعوم).
مخاطر استمرار فصل موازنات الهيئات الاقتصادية والشركات التابعة عن الموازنة العامة للدولة.
أكذوبة عجز الموازنة العامة للدولة وحدوده.
حقيقة الأجور والرواتب ومجالات التلاعب فيهما.
بند الاعتماد الإجمالى يتحول إلى بند الاحتياطيات العامة، فهل تغير المضمون؟
أين تنفق الحكومة أموالها؟ أو أوجه الإسراف والتبذير فى الموازنة العامة.
حكاية الدعم والمشتقات البترولية.
أولاً: التأشيرات العامة والتلاعب فى الموازنة العامة للدولة:
منذ أن عرفت الشعوب والمجتمعات الحديثة فكرة «البرلمان» أو المجلس المنتخب من جانب الشعب ليمثله أمام السلطة التنفيذية أو الحكومية، وهناك قاعدة مستقرة فى العمل الدستورى المكتوب أو غير المكتوب تقضى بأنه لا ضريبة دون موافقة البرلمان ولا عمل بميزانية للحكومة والدولة دون مناقشتها والموافقة عليها من جانب هذا البرلمان.
وقد نصت المادة (115) من الدستور المعمول به فى مصر منذ عام 1971 على ضرورة «عرض مشروع الموازنة العامة للدولة على مجلس الشعب قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية ولا تعتبر نافذة إلا بموافقته عليها»، بل زاد التعديل الدستورى الأخير (عام 2007) على ذلك بالنص على إمكانية تعديل بعض أبواب الموازنة من جانب مجلس الشعب.
فما هو مناط التلاعب إذن؟
يبدأ التلاعب منذ السطر الأول فى إصدار قانون الموازنة العامة حيث يتضمن القانون الصادر عن مجلس الشعب ما يسمى «مواد الإصدار المعروضة باسم التأشيرات العامة للموازنة» التى تسلب مجلس الشعب فعلياً أى سلطة مسبقة أو لاحقة على الموازنة العامة التى سبق أن ناقشها أعضاء المجلس واعتمدها المجلس ذاته.
خُذ مثلاً التأشيرات العامة المصاحبة لقانون إصدار موازنة عام 2009/2010 والتى تتضمن 46 مادة نجد منها 12 مادة تسلب مجلس الشعب سلطته السابقة على الموازنة وهى المواد (1، 3، 4، 8، 9، 10، 11، 28، 29، 31، 36، 37).
فالمادة (28) مثلاً تنص على حظر صرف الأجور الإجمالية المدرجة بالباب الأول بمختلف الموازنات إلا بعد توزيعها على مختلف المجموعات والبنود والأنواع وبموافقة وزير المالية أو من يفوضه بعد استطلاع رأى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.
ولما كانت هذه المجموعة يتراوح حجمها بين 5.9 مليار جنيه فى موازنة 2005/2006 وحوالى 9 مليارات جنيه عام 2010/2011 فإن الواقع الفعلى يعنى أنه لا يجرى صرف هذه الأموال بما يجعلها رقماً مخادعاً وغير حقيقى فى باب الأجور والمرتبات الذى اعتمده مجلس الشعب سابقاً أو أنه سوف يجرى تحويلها إلى جهات معينة (قطاع الأمن والدفاع) من وراء ظهر المجلس وموافقته.
وفى المادة (1) من التأشيرات تتيح لوزير المالية أو من يفوضه نقل الاعتمادات المالية من باب إلى باب بما لا يتجاوز نسبته 10٪ من الاعتمادات الأصلية لكل باب.
وكذلك تتيح هذه المادة لوزير المالية أو من يفوضه التصريح باستخدام وفورات فى اعتمادات بنود وأنواع أحد الأبواب غير المحظور استخدام وفورها.
وكذلك تتيح له هذه المادة استحداث بنود وأنواع فى نطاق التقسيم الاقتصادى للموازنة العامة.
وفى المادة (29) تتيح لوزير المالية أو من يفوضه تجاوز اعتمادات المكافآت التشجيعية أو حوافز العاملين .. إلخ.
وفى المادة (31) تتيح لوزير الدولة للتنمية الاقتصادية وبموافقة مجلس الوزراء نقل الاعتمادات الاستثمارية من جهة إلى أخرى دون حاجة إلى الرجوع إلى مجلس الشعب وإصدار قانون جديد.
وفى المادة (37) تتيح للوزير المختص استبدال أحد المشروعات الواردة بالخطة بمشروع آخر.
وهكذا يبدو واضحاً أن مواد التأشيرات العامة تمنح تفويضاً مفتوحاً لوزير المالية أو من يفوضه من قيادات وزارة المالية وإلى وزير التنمية الاقتصادية وإلى الحكومة إجمالاً إجراء تغييرات جوهرية على الموازنة العامة للدولة التى سبق أن وافق عليها مجلس الشعب، مما يهدم بالأساس جوهر مفهوم «المشروعية المالية» حيث لا مصروف ولا ضريبة دون موافقة المجلس الرقابى والتشريعى الأول الممثل للأمة أو هكذا يجب أن يكون.
ثانيا: التصنيف والتبويب الجديد ودوره فى الالتباس. تعرضنا فى المقطع السابق إلى أثر «التأشيرات العامة» المصاحبة لقانون الموازنة العامة على تغيير ملامح وشكل الموازنة بما يخل بمبدأ المشروعية المالية والآن نتعرض لنماذج أخرى لحالة عدم الشفافية والإفصاح فى ظل التصنيف والترتيب الجديد للموازنة العامة الذى بدأ عام 2005/2006 وإخضاع شكل موازناتنا العامة إلى مقتضيات صندوق النقد الدولى وإدارة الإحصاء فيه، والسؤال هو:
هل التصنيف الجديد يؤدى إلى الشفافية والإفصاح؟
استقر تصنيف وترتيب «موازنة البنود» منذ عقود طويلة على بنية محددة قائمة على رباعية الأبواب، بمعنى أن المصروفات (أو الاستخدامات) توزع على أربعة أبواب هى:
الباب الأول: الأجور والرواتب.
الباب الثانى: النفقات الجارية والتحويلات الجارية.
الباب الثالث: الاستخدامات الاستثمارية.
الباب الرابع: التحويلات الرأسمالية.
وداخل هذه الأبواب هناك عدد من المجموعات والبنود والأنواع والأفرع بما يرسم خريطة تفصيلية متكاملة لاتجاهات الإنفاق الحكومى وأنواعه فيما ينفى عنه الادعاء الكاذب الذى قدمته وزارة المالية فى عهدها الجديد بأنه لم يكن يتيح التفرقة بين الموارد والمصروفات.. إلخ.
وبالنسبة للإيرادات كانت مقسمة أيضاً إلى أربعة أبواب واضحة هى:
الباب الأول: الإيرادات السيادية (الضرائب الجمارك .. إلخ).
الباب الثانى: الإيرادات الجارية والتحويلات الجارية.
الباب الثالث: إيرادات رأسمالية متنوعة.
الباب الرابع: قروض وتسهيلات ائتمانية.
وداخل هذه الأبواب الأربعة عدد كبير من المجموعات الموزعة بدورها عدة بنود وأنواع وفروع بما يمكن من عرض تفصيلى لجوانب الإيرادات العامة.
وبين هذه الأبواب للاستخدامات (المصروفات) و(الإيرادات) تتوزع على تقسيمات الموازنة العامة للدولة وفقاً لثلاثة أنواع من التقسيمات:
الأول: التقسيم الإدارى (جهاز إدارى- إدارة محلية- هيئات خدمية).
الثانى: تقسيم اقتصادى (زراعة- صناعة- ثقافة- وإعلام- تعليم- شؤون صحية- شؤون اجتماعية- خدمات رئاسية- دفاع وأمن وعدالة .. إلخ).
الثالث: تقسيم تفصيلى لكل قطاع إدارى أو اقتصادى من هذه القطاعات لكى يتحدد نصيب كل وحدة أو جهة أو منظمة إدارية تابعة لهذا القطاع أو ذاك.
إذن مقولة وزير المالية الجديد والطاقم المعاون له والمتضمنة فيما سمى «الدليل المبسط لتصنيف الموازنة العامة للدولة وفقاً لموجز إحصاءات مالية الحكومة لعام 2001م» الصادر بعد عام 2006م، بأن التقسيم النمطى أو التقليدى القديم لم يكن يتيح الشفافية والإفصاح هى مقولة خادعة وغير صحيحة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن العمل بالتقسيم الجديد المتفق مع أدبيات صندوق النقد الدولى -رب الأرباب لدى العقول التى تربت فى المؤسسات المالية الدولية والأمريكية- قد جاء حافلاً بالغموض وعدم الوضوح المتعمد، وإليكم بعض الأمثلة من عشرات الأمثلة التى تسبب إرباكاً فى التحليل لدى الكثيرين:
1- أن التقسيم الجديد للأبواب جاء غريباً وغير دقيق، فالاستخدامات على سبيل المثال وزعت بين ثمانية أبواب بينما الإيرادات وزعت بين ثلاثة فقط ..!!
فأبواب الاستخدامات جاءت كالتالى:
الباب الأول: الأجور وتعويضات العاملين.
الباب الثانى: شراء السلع والخدمات.
الباب الثالث: الفوائد (كانت سابقاً تتضمن داخل الباب الثانى المسمى النفقات الجارية والتحويلات الجارية).
الباب الرابع: الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية (كانت تتضمن أيضاً داخل البابين الثانى والرابع).
الباب الخامس: مصروفات أخرى (بها الكثير من الغموض والارتباك).
الباب السادس: ما سمى شراء الأصول غير المالية أى الاستثمارات التى كانت تدرج عادة فى الباب الثالث سابقاً.
الباب السابع: الحيازة من الأصول المالية المحلية والأجنبية وكانت عادة تدرج فى الباب الرابع المسمى «التحويلات الرأسمالية».
الباب الثامن: ما سمى «سداد القروض» وكان عادة يدرج فى الباب الرابع «التحويلات الرأسمالية».
وداخل هذه الأبواب الكثير من المجموعات والبنود والأنواع والفروع كذلك.
أما تقسيم الإيرادات الجديدة فتوزعت بين ثلاثة أبواب فقط هى:
الباب الأول: الضرائب.
الباب الثانى: المنح.
الباب الثالث: إيرادات أخرى.
وتحليل الإيرادات الأخرى سوف يكشف أنها أيضاً تتضمن أشكالاً ضريبية ورسوماً وإتاوات وعوائد الملكية وعوائد بيع الشركات العامة (الخصخصة).
- أما عن التقسيم الجديد لقطاعات الموازنة والذى سمى «التقسيم الوظيفى» و«التقسيم الاقتصادى» فقد زاد الأمر سوءاً وإرباكاً ذلك أن قطاعات الموازنة قبل عام 2005/2006 كانت توزع على 16 قطاعاً وكان يعيب هذا التقسيم إدماجه بعض الأنشطة داخل أنشطة أخرى مما يصعب تحليل المخصصات المالية ونمط الأولوية والاهتمام الذى تحظى به أنشطة مثل البحث العلمى أو الشباب .. إلخ حيث كان يقسم القطاعات كالتالى :
1- قطاع الزراعة والرعى
2- قطاع الصناعة والبترول أو الصناعة والتعدين
3- قطاع الكهرباء والطاقة
4- قطاع النقل والمواصلات
5- قطاع التجارة والتموين
6- قطاع المال والاقتصاد
7- قطاع الإسكان والتشييد والمجتمعات الجديدة
8- قطاع الخدمات الصحية والشؤون الدينية والقوى العاملة
9- قطاع التعليم والبحوث والشباب
10- قطاع الثقافة والإعلام
11- قطاع السياحة والطيران
12- قطاع الدفاع والأمن والعدالة
13- قطاع الخدمات الرئاسية
14- قطاع التأمينات والشؤون الاجتماعية
15- الأقسام العامة
16- شؤون المديريات والدواوين العامة
فإذا به فى النظام الجديد للسيد يوسف بطرس غالى يزيد الأمر سوءاً حيث جرى دمج القطاعات إلى 10 قطاعات فقط فتاهت معالم الوضوح المالى فمثلاً استحدث ما سمى «قطاع الخدمات العمومية العامة» الذى يشمل عدداً كبيراً جداً من الأنشطة مثل الأجهزة التشريعية والتنفيذية والمالية والشؤون الخارجية والبحوث الأساسية ولا نعرف بالضبط ما الرابط الإدارى أو الاقتصادى لمثل هذه الأنشطة والقطاعات إلا إذا كان المقصود إضافة المزيد من الغموض والالتباس على المخصصات المالية وإنفاق بعض هذه الجهات.
ونفس الأمر ينطبق على ما اسماه «الشباب والثقافة والشؤون الدينية» وما أطلق عليه «النظام العام وشؤون الأمن العام» أو «الشؤون الاقتصادية».
هذا التقسيم الغبى وغير الشفاف لم يقدم إضافة حقيقية للشؤون المالية والتحليل المالى بقدر ما أضاف غموضاً وتمويهاً على حقائق الأولويات المالية للحكومة والنظام.
مسميات البنود والغموض غير البناء:
يلجأ خبراء الموازنة العامة منذ سنوات بعيدة إلى بعض الألاعيب المحاسبية والإحصائية التى تؤدى إلى وضع صعوبات أمام الباحثين والدارسين المستقلين لأنماط الإنفاق وأوجه الإيرادات للحكومة المصرية،
وقد زاد هذا الأثر السلبى بعد عام 2005/2006 ونشير هنا إلى مجموعة من هذه الألاعيب المحاسبية والإحصائية المقصودة:
يقدم القائمون على إعداد الموازنة العامة للدولة منذ عام 2005/2006 بيانات تفصيلية عن بنود معينة فى بعض السنوات ثم يعرضونها مدمجة فى سنوات أخرى مما يصعب مهمة الباحث فى بناء سلسلة زمنية متكاملة تجاه بعض البنود والأنواع.
تغيير مسمى نفس البند من سنة إلى أخرى (مثل فوائد قروض تمويل الاستثمارات فيطلق عليه فى سنوات أخرى مسمى فوائد لبنك الاستثمار القومى).
فى الباب الرابع فى بعض السنوات يقسم الدعم إلى مؤسسات عامة ومؤسسات خاصة وفى سنوات أخرى (موازنة 2009/2010) لا يذكر فيها المؤسسات الخاصة وكأنها غير موجودة بينما هى مدرجة داخل بنود أخرى.
«دعم فائدة القروض الميسرة» أحيانا يجرى فصله بين دعم إسكان محدودى الدخل ودعم فائدة القروض الميسرة وأحيانا أخرى لا يتم فصلا بل يدمجان معاً مما يصعب مهمة الباحث وكذلك أعضاء مجلس الشعب.
فى موازنة 2009/2010 مثلاً جاء بند الضرائب على دخول الأفراد موزعاً على بعض الفروع والأنواع وغير موزع فى بقية السنوات مما يصعب إجراء مقارنة زمنية بين تلك المخصصات أو الإيرادات.
نفس الأمر تقريباً بالنسبة لبنود الضرائب على الرواتب المحلية والضرائب على الرواتب ورسم تنمية على الرواتب والضرائب على رسم التنمية على صافى أرباح النشاط التجارى والصناعى والضرائب على الفوائد.
أيضاً الضريبة على الأراضى فى عام 2006/2007 وضريبة المبانى منذ ذلك العام.
كذلك رسوم التنمية على السيارات التى بدأت منذ عام 2006/2007 ورسم التنمية على السيارات الجديدة المنتجة محلياً.
كل هذه التلاعبات المحاسبية والإحصائية تؤدى إلى إرباك مقصود للباحثين من أجل التعرف على جوهر الأداء المالى الحكومى وتمثل تلاعباً بالمجلس التشريعى ذاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.