التأمين الصحي الشامل للطلاب الأبرز، إجراءات جديدة من جامعة الأزهر للوافدين    الهيئة العامة للخدمات الحكومية تعلن عن مزاد علني لبيع سيارات الجمارك غدا    وول ستريت جورنال: زيلينسكي يبدي استعدادا للتنازل عن أراض أوكرانية لوقف الحرب    أوقفوا مذابح غزة، يويفا يوجه نداء إنسانيا للعالم عبر مباراة السوبر الأوروبي    وزير العمل يثمن جهود الداخلية في ضبط 10 شركات وهمية لإلحاق العمالة بالخارج    ضيف شرف ب "نكهة خاصة".. خالد أنور يكشف سر حماسه ل "فلاش باك"    نجم المصري البورسعيدي: نستحق التتويج بالبطولات مثل بيراميدز    رئيس الأركان الإسرائيلي: نواجه حربًا متعددة الساحات ونتبنى استراتيجية جديدة    السكة الحديد تُعلن مواعيد تشغيل قطارات خط القاهرة - السد العالي    مدحت قريطم يدعو لاستئناف قوافل التوعوية بقواعد المرور بالمدارس والجامعات    انطلاق بطولة كأس مصر للتجديف الجمعة القادمة من مياه قناة السويس بالإسماعيلية    كريم محمود عبد العزيز ينتظر عرض فيلمه طلقنى خلال الفترة المقبلة.. صورة    استشاري نفسي يُحلل شخصية محمد رمضان: «يُعاني من البارانويا وجنون العظمة»    رمزى عودة: الانقسام الداخلى فى إسرائيل يضعف نتنياهو وقد يسرّع الدعوة لانتخابات    أنا زوجة ثانية وزوجى يرفض الإنجاب مني؟.. أمين الفتوى يرد بقناة الناس    أمين الفتوى: اللطم على الوجه حرام شرعًا والنبي أوصى بعدم الغضب    إجراءات صارمة وتوجيهات فورية فى جولة مفاجئة لمحافظ قنا على المنشآت الخدمية بنجع حمادي    محافظ المنيا ورئيس الجامعة يفتتحان وحدة العلاج الإشعاعي الجديدة بمستشفى الأورام    نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: حماس عليها أن تقدم أولوية إنقاذ شعبنا    ارتفاع مخزونات النفط الخام ونواتج التقطير في أمريكا وتراجع البنزين    جامعة الفيوم تنظم قافلة طبية بقرية اللاهون    إخلاء سبيل 6 متهمين بالتشاجر في المعادى    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    محافظ الجيزة يعتمد تخفيض تنسيق القبول بالثانوية العامة ل220 درجة    موراتا: سعيد بالانضمام إلى كومو ومستعد لتقديم كل ما لدي    الرئيس والإعلام ورهانه الرابح    رئيس اتحاد اليد بعد التأهل التاريخي: قادرين على تخطي إسبانيا    كرة سلة.. سبب غياب إسماعيل مسعود عن منتخب مصر بالأفروباسكت    بيكو مصر تخفض أسعار أجهزتها المنزلية 20%    محمود ناجي حكما لمباراة أنجولا والكونغو في أمم إفريقيا للمحليين    لتركه العمل دون إذن رسمي.. إحالة عامل ب«صحة الباجور» في المنوفية للتحقيق    انتشار حرائق الغابات بجنوب أوروبا.. وفاة رجل إطفاء وتضرر منازل ومصانع    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    تفاصيل أول مشروع ل راغب علامة بعد حل أزمته مع نقابة الموسيقيين    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    رئيس الوزراء يؤدي صلاة الجنازة على الدكتور علي المصيلحي بمسجد الشرطة    روبيو: لا أفق للسلام في غزة مع بقاء حماس في السلطة    وزير الخارجية بدر عبد العاطي ضيف أسامة كمال الليلة على dmc    قناديل البحر تعطل أحد أكبر المفاعلات النووية في فرنسا    التنمية المحلية: مسار العائلة المقدسة من أهم المشروعات التراثية والدينية    أتالانتا يقدم عرضًا ب40 مليون يورو لضم رودريجو مونيز من فولهام    تفاصيل توقيع بنك القاهرة وجهاز تنمية المشروعات عقدين ب 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر.. صور    ثنائي العود يحيي أمسية في حب فيروز وزياد الرحباني بقصر الأمير طاز    مفتي القدس: مصر تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى برِّ الأمان    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    شروط تقليل الاغتراب لأبناء مطروح الناجحين فى الثانوية العامة    حبس وغرامة 2 مليون جنيه.. عقوبة الخطأ الطبي الجسيم وفق "المسؤولية الطبية"    وزير الصحة يشكر النائب العام على سرعة الاستجابة في واقعة "مستشفى دكرنس"    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسكوت عنه فى الموازنة العامة.. وخفايا ألاعيب المحاسبة (1)
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 02 - 2011


عبد الخالق فاروق
تمثل الموازنة العامة للدولة فى مصر- كما فى غيرها من دول العالم- حجر الزاوية فى معرفة نمط أولويات النظام والحكم تجاه كثير من قضايا الحاضر الاقتصادى والسياسى فى آن معاً.
وقد تعرضت الموازنة العامة للدولة فى مصر إلى تغيرات عديدة وعميقة طوال الخمسين عاماً الماضية، سواء من حيث الهيكل المحاسبى أو من زاوية درجة الإفصاح والشفافية.
فعلى سبيل المثال، كانت الموازنة العامة للدولة قبل عام 1952 تتضمن جميع جوانب الإنفاق الحكومى ومصادر الإيرادات كافة، كما كانت تتضمن بياناً تفصيلياً عن عدد قيادات الجيش والبوليس ودرجاتهم الوظيفية وغيرها. وهو الأمر الذى تغير تماماً بعد عام 1952، واستمر حتى يومنا.
وقد شهدت الموازنة العامة كذلك تغيرات جوهرية من حيث البنية الهيكلية لها ففى عام 62/1963 جرى تقسيمها إلى موازنتين، إحداهما للخدمات والثانية لقطاع الأعمال، ومرة أخرى يجرى تقسيمها إلى خمس موازنات (كما حدث بعد يونيو عام 1967) ومرة ثالثة يجرى دمجها فى موازنة واحدة (كما فى قانون 53 لسنة 1973)، ثم فى عام 1979 جرى فصل موازنات الهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام عن بقية الموازنة العامة (القانون رقم 11 لسنة 1979) بحجة إتاحة الفرصة لهذه الهيئات الاقتصادية والشركات الحكومية للعمل بحرية وفقاً لآليات السوق ومعايير الأداء الاقتصادى السليم بعيداً عن اللوائح والقيود الحكومية.
وهو ما كان يخفى فى الحقيقة غرضاً آخر تبين فيما بعد فى مطلع التسعينيات فيما سمى «برنامج الخصخصة» وبيع هذه الشركات العامة إلى القطاع الخاص المصرى والعربى والأجنبى.
ثم جاء القانون الجديد للموازنة رقم 87 لسنة 2005 بإعادة تبويب وتصنيف الموازنة العامة للدولة تحت زعم (أن التقسيم النمطى للموازنة العامة كان يشوبه العديد من المآخذ أهمها عدم القدرة على التفرقة بين الموارد والمصروفات (كذا ..!!) من ناحية والمعاملات التمويلية من ناحية أخرى وفيما بين التحويلات ومعاملات المبادلات وكذا عدم التفرقة بين التبويب الاقتصادى والإدارى وعدم التبويب السليم لبعض البنود).
والحقيقة أن هذه المبررات المزعومة لإحداث هذا الانقلاب الهيكلى فى الموازنة العامة ليست صحيحة على الإطلاق كما سوف نرى ونشاهد بعد قليل.
وجوهر الأمر أنه فى إطار الإدماج القسرى للاقتصاد المصرى والمالية العامة فى الهيكل الاقتصادى العالمى الذى ترعاه مؤسسة صندوق النقد الدولى التزمت الحكومة المصرية ووزير ماليتها الموظف السابق فى صندوق النقد الدولى الدكتور يوسف بطرس غالى أمام بعثات إدارتى الإحصاء والشؤون المالية بالصندوق باتباع النظام المعمول به إحصائياً لدى الصندوق فى تصنيف وتبويب البيانات المالية وذلك وفقاً لما يسمى «موجز إحصاءات المالية الحكومية» الصادر عام 2001 من جانب هذه المؤسسة الدولية.
هذا الانقلاب فى الهيكل المالى للموازنة سوف نرى مقدار التضارب وعدم الوضوح وغياب الشفافية وعدم الكفاءة المصاحب له فى التعامل مع بيانات الموازنة العامة للدولة منذ عام 2005/2006 بعد قليل.
وسوف نعالج فى هذه السلسلة من المقالات عدة موضوعات أساسية نظراً لما لاحظته من أخطاء بعض الأصدقاء والزملاء الذين تناولوا بالبحث والنقد بعض قضايا الموازنة العامة فوقعوا بحُسن نية فى أخطاء بسبب غموض بعض المفاهيم والمصطلحات عليهم وهذه الموضوعات التى سوف نتناولها هى:
مجالات التلاعب فى المخصصات المالية المعتمدة بالموازنة من جانب وزير المالية ورئيس مجلس الوزراء بما يخالف تصديق المجلس التشريعى عليها.
الترتيب والتصنيف الراهن لأبواب وبنود الموازنة لا يساعد على الشفافية والإفصاح.
حدود ونطاق صلاحية مجلس الشعب فى مناقشة وتعديل أبواب وبنود مشروعات الموازنة (التعديل الدستورى المزعوم).
مخاطر استمرار فصل موازنات الهيئات الاقتصادية والشركات التابعة عن الموازنة العامة للدولة.
أكذوبة عجز الموازنة العامة للدولة وحدوده.
حقيقة الأجور والرواتب ومجالات التلاعب فيهما.
بند الاعتماد الإجمالى يتحول إلى بند الاحتياطيات العامة، فهل تغير المضمون؟
أين تنفق الحكومة أموالها؟ أو أوجه الإسراف والتبذير فى الموازنة العامة.
حكاية الدعم والمشتقات البترولية.
أولاً: التأشيرات العامة والتلاعب فى الموازنة العامة للدولة:
منذ أن عرفت الشعوب والمجتمعات الحديثة فكرة «البرلمان» أو المجلس المنتخب من جانب الشعب ليمثله أمام السلطة التنفيذية أو الحكومية، وهناك قاعدة مستقرة فى العمل الدستورى المكتوب أو غير المكتوب تقضى بأنه لا ضريبة دون موافقة البرلمان ولا عمل بميزانية للحكومة والدولة دون مناقشتها والموافقة عليها من جانب هذا البرلمان.
وقد نصت المادة (115) من الدستور المعمول به فى مصر منذ عام 1971 على ضرورة «عرض مشروع الموازنة العامة للدولة على مجلس الشعب قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية ولا تعتبر نافذة إلا بموافقته عليها»، بل زاد التعديل الدستورى الأخير (عام 2007) على ذلك بالنص على إمكانية تعديل بعض أبواب الموازنة من جانب مجلس الشعب.
فما هو مناط التلاعب إذن؟
يبدأ التلاعب منذ السطر الأول فى إصدار قانون الموازنة العامة حيث يتضمن القانون الصادر عن مجلس الشعب ما يسمى «مواد الإصدار المعروضة باسم التأشيرات العامة للموازنة» التى تسلب مجلس الشعب فعلياً أى سلطة مسبقة أو لاحقة على الموازنة العامة التى سبق أن ناقشها أعضاء المجلس واعتمدها المجلس ذاته.
خُذ مثلاً التأشيرات العامة المصاحبة لقانون إصدار موازنة عام 2009/2010 والتى تتضمن 46 مادة نجد منها 12 مادة تسلب مجلس الشعب سلطته السابقة على الموازنة وهى المواد (1، 3، 4، 8، 9، 10، 11، 28، 29، 31، 36، 37).
فالمادة (28) مثلاً تنص على حظر صرف الأجور الإجمالية المدرجة بالباب الأول بمختلف الموازنات إلا بعد توزيعها على مختلف المجموعات والبنود والأنواع وبموافقة وزير المالية أو من يفوضه بعد استطلاع رأى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.
ولما كانت هذه المجموعة يتراوح حجمها بين 5.9 مليار جنيه فى موازنة 2005/2006 وحوالى 9 مليارات جنيه عام 2010/2011 فإن الواقع الفعلى يعنى أنه لا يجرى صرف هذه الأموال بما يجعلها رقماً مخادعاً وغير حقيقى فى باب الأجور والمرتبات الذى اعتمده مجلس الشعب سابقاً أو أنه سوف يجرى تحويلها إلى جهات معينة (قطاع الأمن والدفاع) من وراء ظهر المجلس وموافقته.
وفى المادة (1) من التأشيرات تتيح لوزير المالية أو من يفوضه نقل الاعتمادات المالية من باب إلى باب بما لا يتجاوز نسبته 10٪ من الاعتمادات الأصلية لكل باب.
وكذلك تتيح هذه المادة لوزير المالية أو من يفوضه التصريح باستخدام وفورات فى اعتمادات بنود وأنواع أحد الأبواب غير المحظور استخدام وفورها.
وكذلك تتيح له هذه المادة استحداث بنود وأنواع فى نطاق التقسيم الاقتصادى للموازنة العامة.
وفى المادة (29) تتيح لوزير المالية أو من يفوضه تجاوز اعتمادات المكافآت التشجيعية أو حوافز العاملين .. إلخ.
وفى المادة (31) تتيح لوزير الدولة للتنمية الاقتصادية وبموافقة مجلس الوزراء نقل الاعتمادات الاستثمارية من جهة إلى أخرى دون حاجة إلى الرجوع إلى مجلس الشعب وإصدار قانون جديد.
وفى المادة (37) تتيح للوزير المختص استبدال أحد المشروعات الواردة بالخطة بمشروع آخر.
وهكذا يبدو واضحاً أن مواد التأشيرات العامة تمنح تفويضاً مفتوحاً لوزير المالية أو من يفوضه من قيادات وزارة المالية وإلى وزير التنمية الاقتصادية وإلى الحكومة إجمالاً إجراء تغييرات جوهرية على الموازنة العامة للدولة التى سبق أن وافق عليها مجلس الشعب، مما يهدم بالأساس جوهر مفهوم «المشروعية المالية» حيث لا مصروف ولا ضريبة دون موافقة المجلس الرقابى والتشريعى الأول الممثل للأمة أو هكذا يجب أن يكون.
ثانيا: التصنيف والتبويب الجديد ودوره فى الالتباس. تعرضنا فى المقطع السابق إلى أثر «التأشيرات العامة» المصاحبة لقانون الموازنة العامة على تغيير ملامح وشكل الموازنة بما يخل بمبدأ المشروعية المالية والآن نتعرض لنماذج أخرى لحالة عدم الشفافية والإفصاح فى ظل التصنيف والترتيب الجديد للموازنة العامة الذى بدأ عام 2005/2006 وإخضاع شكل موازناتنا العامة إلى مقتضيات صندوق النقد الدولى وإدارة الإحصاء فيه، والسؤال هو:
هل التصنيف الجديد يؤدى إلى الشفافية والإفصاح؟
استقر تصنيف وترتيب «موازنة البنود» منذ عقود طويلة على بنية محددة قائمة على رباعية الأبواب، بمعنى أن المصروفات (أو الاستخدامات) توزع على أربعة أبواب هى:
الباب الأول: الأجور والرواتب.
الباب الثانى: النفقات الجارية والتحويلات الجارية.
الباب الثالث: الاستخدامات الاستثمارية.
الباب الرابع: التحويلات الرأسمالية.
وداخل هذه الأبواب هناك عدد من المجموعات والبنود والأنواع والأفرع بما يرسم خريطة تفصيلية متكاملة لاتجاهات الإنفاق الحكومى وأنواعه فيما ينفى عنه الادعاء الكاذب الذى قدمته وزارة المالية فى عهدها الجديد بأنه لم يكن يتيح التفرقة بين الموارد والمصروفات.. إلخ.
وبالنسبة للإيرادات كانت مقسمة أيضاً إلى أربعة أبواب واضحة هى:
الباب الأول: الإيرادات السيادية (الضرائب الجمارك .. إلخ).
الباب الثانى: الإيرادات الجارية والتحويلات الجارية.
الباب الثالث: إيرادات رأسمالية متنوعة.
الباب الرابع: قروض وتسهيلات ائتمانية.
وداخل هذه الأبواب الأربعة عدد كبير من المجموعات الموزعة بدورها عدة بنود وأنواع وفروع بما يمكن من عرض تفصيلى لجوانب الإيرادات العامة.
وبين هذه الأبواب للاستخدامات (المصروفات) و(الإيرادات) تتوزع على تقسيمات الموازنة العامة للدولة وفقاً لثلاثة أنواع من التقسيمات:
الأول: التقسيم الإدارى (جهاز إدارى- إدارة محلية- هيئات خدمية).
الثانى: تقسيم اقتصادى (زراعة- صناعة- ثقافة- وإعلام- تعليم- شؤون صحية- شؤون اجتماعية- خدمات رئاسية- دفاع وأمن وعدالة .. إلخ).
الثالث: تقسيم تفصيلى لكل قطاع إدارى أو اقتصادى من هذه القطاعات لكى يتحدد نصيب كل وحدة أو جهة أو منظمة إدارية تابعة لهذا القطاع أو ذاك.
إذن مقولة وزير المالية الجديد والطاقم المعاون له والمتضمنة فيما سمى «الدليل المبسط لتصنيف الموازنة العامة للدولة وفقاً لموجز إحصاءات مالية الحكومة لعام 2001م» الصادر بعد عام 2006م، بأن التقسيم النمطى أو التقليدى القديم لم يكن يتيح الشفافية والإفصاح هى مقولة خادعة وغير صحيحة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن العمل بالتقسيم الجديد المتفق مع أدبيات صندوق النقد الدولى -رب الأرباب لدى العقول التى تربت فى المؤسسات المالية الدولية والأمريكية- قد جاء حافلاً بالغموض وعدم الوضوح المتعمد، وإليكم بعض الأمثلة من عشرات الأمثلة التى تسبب إرباكاً فى التحليل لدى الكثيرين:
1- أن التقسيم الجديد للأبواب جاء غريباً وغير دقيق، فالاستخدامات على سبيل المثال وزعت بين ثمانية أبواب بينما الإيرادات وزعت بين ثلاثة فقط ..!!
فأبواب الاستخدامات جاءت كالتالى:
الباب الأول: الأجور وتعويضات العاملين.
الباب الثانى: شراء السلع والخدمات.
الباب الثالث: الفوائد (كانت سابقاً تتضمن داخل الباب الثانى المسمى النفقات الجارية والتحويلات الجارية).
الباب الرابع: الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية (كانت تتضمن أيضاً داخل البابين الثانى والرابع).
الباب الخامس: مصروفات أخرى (بها الكثير من الغموض والارتباك).
الباب السادس: ما سمى شراء الأصول غير المالية أى الاستثمارات التى كانت تدرج عادة فى الباب الثالث سابقاً.
الباب السابع: الحيازة من الأصول المالية المحلية والأجنبية وكانت عادة تدرج فى الباب الرابع المسمى «التحويلات الرأسمالية».
الباب الثامن: ما سمى «سداد القروض» وكان عادة يدرج فى الباب الرابع «التحويلات الرأسمالية».
وداخل هذه الأبواب الكثير من المجموعات والبنود والأنواع والفروع كذلك.
أما تقسيم الإيرادات الجديدة فتوزعت بين ثلاثة أبواب فقط هى:
الباب الأول: الضرائب.
الباب الثانى: المنح.
الباب الثالث: إيرادات أخرى.
وتحليل الإيرادات الأخرى سوف يكشف أنها أيضاً تتضمن أشكالاً ضريبية ورسوماً وإتاوات وعوائد الملكية وعوائد بيع الشركات العامة (الخصخصة).
- أما عن التقسيم الجديد لقطاعات الموازنة والذى سمى «التقسيم الوظيفى» و«التقسيم الاقتصادى» فقد زاد الأمر سوءاً وإرباكاً ذلك أن قطاعات الموازنة قبل عام 2005/2006 كانت توزع على 16 قطاعاً وكان يعيب هذا التقسيم إدماجه بعض الأنشطة داخل أنشطة أخرى مما يصعب تحليل المخصصات المالية ونمط الأولوية والاهتمام الذى تحظى به أنشطة مثل البحث العلمى أو الشباب .. إلخ حيث كان يقسم القطاعات كالتالى :
1- قطاع الزراعة والرعى
2- قطاع الصناعة والبترول أو الصناعة والتعدين
3- قطاع الكهرباء والطاقة
4- قطاع النقل والمواصلات
5- قطاع التجارة والتموين
6- قطاع المال والاقتصاد
7- قطاع الإسكان والتشييد والمجتمعات الجديدة
8- قطاع الخدمات الصحية والشؤون الدينية والقوى العاملة
9- قطاع التعليم والبحوث والشباب
10- قطاع الثقافة والإعلام
11- قطاع السياحة والطيران
12- قطاع الدفاع والأمن والعدالة
13- قطاع الخدمات الرئاسية
14- قطاع التأمينات والشؤون الاجتماعية
15- الأقسام العامة
16- شؤون المديريات والدواوين العامة
فإذا به فى النظام الجديد للسيد يوسف بطرس غالى يزيد الأمر سوءاً حيث جرى دمج القطاعات إلى 10 قطاعات فقط فتاهت معالم الوضوح المالى فمثلاً استحدث ما سمى «قطاع الخدمات العمومية العامة» الذى يشمل عدداً كبيراً جداً من الأنشطة مثل الأجهزة التشريعية والتنفيذية والمالية والشؤون الخارجية والبحوث الأساسية ولا نعرف بالضبط ما الرابط الإدارى أو الاقتصادى لمثل هذه الأنشطة والقطاعات إلا إذا كان المقصود إضافة المزيد من الغموض والالتباس على المخصصات المالية وإنفاق بعض هذه الجهات.
ونفس الأمر ينطبق على ما اسماه «الشباب والثقافة والشؤون الدينية» وما أطلق عليه «النظام العام وشؤون الأمن العام» أو «الشؤون الاقتصادية».
هذا التقسيم الغبى وغير الشفاف لم يقدم إضافة حقيقية للشؤون المالية والتحليل المالى بقدر ما أضاف غموضاً وتمويهاً على حقائق الأولويات المالية للحكومة والنظام.
مسميات البنود والغموض غير البناء:
يلجأ خبراء الموازنة العامة منذ سنوات بعيدة إلى بعض الألاعيب المحاسبية والإحصائية التى تؤدى إلى وضع صعوبات أمام الباحثين والدارسين المستقلين لأنماط الإنفاق وأوجه الإيرادات للحكومة المصرية،
وقد زاد هذا الأثر السلبى بعد عام 2005/2006 ونشير هنا إلى مجموعة من هذه الألاعيب المحاسبية والإحصائية المقصودة:
يقدم القائمون على إعداد الموازنة العامة للدولة منذ عام 2005/2006 بيانات تفصيلية عن بنود معينة فى بعض السنوات ثم يعرضونها مدمجة فى سنوات أخرى مما يصعب مهمة الباحث فى بناء سلسلة زمنية متكاملة تجاه بعض البنود والأنواع.
تغيير مسمى نفس البند من سنة إلى أخرى (مثل فوائد قروض تمويل الاستثمارات فيطلق عليه فى سنوات أخرى مسمى فوائد لبنك الاستثمار القومى).
فى الباب الرابع فى بعض السنوات يقسم الدعم إلى مؤسسات عامة ومؤسسات خاصة وفى سنوات أخرى (موازنة 2009/2010) لا يذكر فيها المؤسسات الخاصة وكأنها غير موجودة بينما هى مدرجة داخل بنود أخرى.
«دعم فائدة القروض الميسرة» أحيانا يجرى فصله بين دعم إسكان محدودى الدخل ودعم فائدة القروض الميسرة وأحيانا أخرى لا يتم فصلا بل يدمجان معاً مما يصعب مهمة الباحث وكذلك أعضاء مجلس الشعب.
فى موازنة 2009/2010 مثلاً جاء بند الضرائب على دخول الأفراد موزعاً على بعض الفروع والأنواع وغير موزع فى بقية السنوات مما يصعب إجراء مقارنة زمنية بين تلك المخصصات أو الإيرادات.
نفس الأمر تقريباً بالنسبة لبنود الضرائب على الرواتب المحلية والضرائب على الرواتب ورسم تنمية على الرواتب والضرائب على رسم التنمية على صافى أرباح النشاط التجارى والصناعى والضرائب على الفوائد.
أيضاً الضريبة على الأراضى فى عام 2006/2007 وضريبة المبانى منذ ذلك العام.
كذلك رسوم التنمية على السيارات التى بدأت منذ عام 2006/2007 ورسم التنمية على السيارات الجديدة المنتجة محلياً.
كل هذه التلاعبات المحاسبية والإحصائية تؤدى إلى إرباك مقصود للباحثين من أجل التعرف على جوهر الأداء المالى الحكومى وتمثل تلاعباً بالمجلس التشريعى ذاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.