عندما يكون هناك نظاماً مريضاً فهذا جائز ويحدث في بعض الأحيان...لكن المأساة الأكبر أن يكون الشعب هو أيضاً مريض وبنفس ذات المرض ... ولكن هيهات ما بين أسباب الإصابة في كلتا الحالتين ... ففي حالة مرض النظام فإن الأسباب تنحصر في أن النظام يسعى وفي كل الأحوال إلى حماية نفسه من أي خطر يتهدده ... ويسعى دائماً وأبداً للبقاء أطول فترة ممكنة ... وإطالة مدة صلاحيته قدر الإمكان رغم أن رائحته النتنة قد ملأت الأجواء في الداخل والخارج ... والأقبح من ذلك أنه يسعى لتحسين الوضع ونشر رائحة طيبة لتخفي أثر رائحته النتنة، ولكن هيهات هيهات ... فرائحته لا تخفيها أي رائحة. لكن ما هو المبرر لمرض الشعب ... ما الذي أصاب هذا الشعب بالشيزوفرنيا ... ما الذي أصابه بانفصام الشخصية ... قد يكون ما يعانيه من قهر وظلم وفساد وغلاء وانهيار في كل شئ ... لكن ماذا تقول عندما يتحدث مثقفو مصر بنفس ذات لهجة المرضى بالشيزوفرنيا، أين مثقفو مصر مما حدث ويحدث في مصر كل يوم ... فنحن قد نلتمس العذر للمواطن البسيط الذي يسعى للحصول على لقمة العيش ويخشى على أولاده ونفسه من بطش الظالمين، ولكن إن لم يكن في النخبة المثقفة خير فأين سيكون هذا الخير؟؟؟ لقد شاهدنا جميعاً بقلوب تقطر دماً آثار تفجير الإسكندرية الإرهابي الذي راح ضحيته أكثر من عشرين مصرياً من أبناء هذا الوطن من غير ذنب اقترفوه، وأدنا وما زلنا ندين هذا العمل البشع، فعندما حدث هذا الانفجار لم يفرق بين المسلم والمسيحي، وهذا الدم الذي أريق على الأسفلت لم يكن له شكل يوحي بأنه دم مسيحي، ولم يكن هناك فارق بينه وبين دم المسلم في اللون، فهو في النهاية دم مصري أريق بخسة ونذالة، ومازلنا وسنظل لفترة طويلة نبكي على ضحايا هذا العمل الإجرامي البشع، ولكن لتفجير كنيسة القديسين ضحايا آخرين ما بين قتيل وجريح، ولكن لم يقتلهم الانفجار ولم يمزقهم أشلاء، ولكن قتلتهم الشيزوفرنيا المرضية للنظام، قتلهم قانون الطوارئ، قتلتهم بلطجة الأمن، هؤلاء الضحايا من أمثال الشهيد "سيد بلال" الذي ذهب لأمن الدولة طواعية منه بدون أن يطالب بأدنى حق من حقوقه التي كفلها لها الدستور، لأنه يعلم تماماً أنه لا يستطيع أن يطالب بهذه الحقوق، وأن عواقب الاعتراض على ذهابه إلى مقر أمن الدولة قد تكون أكثر قسوة من عواقب الجريمة بعينها!!! ذهب "سيد بلال" بعدما طلبه ضابط أمن الدولة هاتفياً، ليذهب مثلما ذهب "خالد سعيد" و"أحمد شعبان" و"مصطفى عطية" إلى ما وراء الشمس، ذهب ليلقى من التجاهل والتواطؤ ما لم يلاقيه هؤلاء الضحايا، أليس هذا الدم البرئ هو هو دم الضحايا الذين ماتوا وهم آمنون، ألم يكن "سيد بلال" آمناً في بيته وسط أسرته، وأريق دمه ظلماً وبهتاناً، أين مثقفو مصر من هذه الجريمة، أين الحناجر والأصوات التي خرجت علينا لتهتف بوحدة الشعب المصري، وتندد بهذه الجريمة البشعة، أين هؤلاء من دم "سيد بلال"؟؟؟ لماذا تجاهلت وسائل الإعلام ما حدث ل "سيد بلال"؟؟؟ هل لأن من قتلته هي الشرطة؟؟؟ أم لأنه كما يحلو لهم أن يلقبوه بال "سلفي"؟؟ هل سنعيش في هذا البلد إلى أن نرى اليوم الذي يقتص فيه من قتلة "سيد بلال" و"مصطفى عطية" و"أحمد شعبان" و"خالد سعيد" وغيرهم ممن ذهبوا في طي النسيان؟؟؟ هل سنعيش إلى أن نرى هذا الوطن وقد شفي من ذلك المرض العضال "الشيزوفرنيا"؟؟ كل ما أتمناه من الله سبحانه وتعالى أن نستفيق من غفوتنا، ونتعامل بالمثل مع كل ما يعترضنا من قضايا.. وفي النهاية لا أملك إلا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل ... حسبي الله ونعم الوكيل