"يورونيوز": زيلينسكي وقادة أوروبيون ينضمون للقمة الثنائية بين بوتين وترامب في ألاسكا    الزمالك يخفف الأحمال البدنية في مران الخميس استعدادًا لمواجهة المقاولون العرب    رئيس القطاع الديني في "المتحدة للخدمات الإعلامية": قناة الناس تخاطب المجتمع الإنساني برسالة الإسلام السمحة والوسطية    إصابة شخص في هجوم بطائرة مسيرة إسرائيلية جنوب لبنان    السيسي يصدق على قانون قواعد تصرف واضعى اليد فى أملاك الدولة    رئيس الجمهورية يوافق على تعديل بعض أحكام قانون التعليم    استعدادًا للعام الدراسي الجديد.. "تعليم القاهرة" توجه بتفعيل "الأتوبيس الطائر"    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 15 جنيها    أشرف زكي: نرحب بالمواهب ونرفض اقتحام مشاهير التطبيقات للفن دون مؤهلات    لقاء فكرى مع الفنان ميدو عادل وحوار عن حرفية الممثل ب"الأعلى للثقافة"    جولات تفقدية علي وحدات الرعاية الصحية بالحسنة والبرث بوسط سيناء    رئيس جامعة المنوفية يعلن إجراء عملية زراعة كبد ناجحة لطفل 7 سنوات    استشارية نفسية: تصرف الأهلي زعزع انتماء عبدالقادر.. ويجب حمايته من شوبير (خاص)    جارناتشو يقترب من الانضمام إلى تشيلسي    ساندي على موتوسيكل من أحدث ظهور على السوشيال ميديا والجمهور يعلق    سيارة وسط البحر وقالب تورتة.. هاجر الشرنوبي تحتفل بعيد ميلادها (صور)    انطلاق الاختبارات الشفوية للخاتمين في القرآن الكريم والتجويد والقراءات بالإسكندرية لدور يوليو 2025    نهاية الجولة 13 والتوقف الدولي.. متى يقام السوبر المصري بعد إعلان رابطة الأندية؟    النيل «ماجاشى»    تعاون بين "الأوقاف" وجامعة بنها لتعزيز الوعي الديني ومواجهة التطرف (صور)    «بحر وميه ولقمة هنية» |انطلاق مهرجان الأجبان المصرية برأس البر    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ أحمد خليل: حادث الواحات جرس إنذار.. جريمة جمعت الأذى والتحرش والرعونة    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    الإعلام المصرى قوى    وزير الخارجية يلتقي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    رسميا انطلاق نظام البكالوريا المصرية الجديد بعد تصديق السيسي على قانون التعليم - التفاصيل كاملة    دمشق تشيد بتقرير لجنة التحقيق الأممية حول أحداث الساحل وتتعهد بدمج توصياته في مسار العدالة والإصلاح    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    السكة الحديد: تخفيض مؤقت لسرعات القطارات لهذا السبب    المشدد 3 سنوات لعاطل بتهمة حيازة سلاح في المنيا    تأهل 4 لاعبات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    خطة وزارة الاتصالات لتطوير بناء أبراج المحمول خلال النصف الثاني من 2025    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    حكم مرور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟| أمين الفتوى يجيب    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    كوريا الشمالية تحذر إسرائيل من احتلال غزة وتطالبها بالانسحاب فورا    وزارة الإسكان توافق على تشكيل مجلس أمناء مدينة أسوان الجديدة    عميد كلية الصيدلة بجامعة الجلالة الأهلية تعلن عن مميزات برنامج "Pharm‐D"    السبت.. عرض أولى حلقات حكاية "بتوقيت 28" على dmc    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    رامي ربيعة يخطر منتخب مصر بموقفه من مباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    طريقة عمل الكيكة العادية فى البيت بمكونات اقتصادية    السجن المؤبد لأفراد تشكيل عصابى تخصص فى الاتجار بالمخدرات بالقناطر الخيرية    ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    حلول "فورية وسريعة".. وزير الصحة يبحث تجاوز عقبات صناعة مشتقات البلازما    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استعادة العقل المصرى هى الأمان الوحيد
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 01 - 2011

لن يوقف الفتنة الدينية السياسية الدموية فى مصر إلا استعادة العقل المصرى الذى تم تغييبه وحبسه وتخويفه من التفكير، مجرد التفكير، ولا أقول الإبداع وخلق الأفكار والقيم الجديدة، والسلوك الجديد اليومى فى البيت وفى الدولة والمجتمع، القائم على احترام حقوق الآخرين ليس حادث كنيسة الإسكندرية ليلة العام الجديد 2011 أمرا جديدا علينا، ألم نشهد مثله من قبل، ألم يطالب أصحاب وصاحبات الفكر المستنير بضرورة علاج جذور الفتنة الدينية السياسية؟ ليس باستنفار رجال البوليس لحماية الكنائس بل باستنفار العقول المصرية لتفكر وتستعيد القدرة على التفكير، القدرة على رفض الخزعبلات السياسية الدينية التى أصبحت تعشش فى عقول الأطفال والتلاميذ والمدرسين والأساتذة، النساء والرجال، الآباء والأمهات ورؤساء الأحزاب والجمعيات والفضائيات الدينية السياسية، هى فتنة دينية سياسية وليست مجرد فتنة طائفية، هى إرهاب للعقل المصرى من الداخل والخارج وليس الخارج فقط، إرهاب لكل من يفكر رجلا أو امرأة، ألا تذكرون قضايا الحسبة التى تم رفعها ضد المفكرين من الرجال والنساء، تحت تهمة الكفر لمجرد أنهم فكروا واستخدموا عقولهم ورفضوا التجارة بالدين والسياسة، كيف تخلت الدولة والحكومة والأحزاب والجمعيات عن هؤلاء المفكرين وتركتهم وحدهم فى المعركة، بل ساعدت فى ضربهم ليكونوا كباش الفداء لأنظمة حكم مستبدة فاسدة فى الداخل والخارج معا، الأسرة والدولة معا.
إن التيارات السلفية السياسية الدينية (تسمى اليوم التيارات الأصولية) ليست ظاهرة سياسية جديدة، بل هى قديمة منذ العبودية أو سيطرة طبقة الأسياد على العبيد وجنس الذكور على النساء، لو قرأنا التاريخ لعرفنا أن هذه التيارات السلفية الأصولية تبرز فى عصور الانحطاط الثقافى وتغييب العقل لتمرير قوانين طبقية أبوية استبدادية استعمارية تنهب حقوق الشعوب، النساء والأطفال تحت شعارات دينية مقدسة، تبيح قتل المفكرين والمفكرات بتهمة الكفر والزندقة والخيانة الوطنية، يتم ترويض التلاميذ فى المدارس على الهتاف فى طابور الصباح «الله الوطن الملك» (أو الإمبراطور أو الرئيس)، أى تلميذة أو تلميذ لا يهتف مع التلاميذ يفصل بقرار من وزير التربية والتعليم، أصبحت وزارات التربية والتعليم هى البوليس المتحكم فى العقل، هى الأداة التى تلغى التفكير وتغيب العقل منذ الطفولة، فلماذا لا تحاكموا وزراء التربية والتعليم فى مصر بدلا من استنفار رجال البوليس لحماية الكنائس من مذابح ما تسمونه الاحتقان الطائفى؟ أنه الاختناق العقلى أيها السادة وليس الاحتقان الطائفى، وهو ظاهرة تاريخية قديمة تتجدد على الدوام للقضاء على مقاومة الشعوب.
ليست السلفية الأصولية الدينية السياسية مقصورة على دين واحد أو قومية واحدة، الإسلام مثلا أو العرب كما هو واضح فى هذا العصر، بل هى ظاهرة متكررة فى كل الأديان والقوميات والعصور، لو تذكرنا ما حدث فى القرن السابع عشر، حين غزا المسيحيون الإنجليز السلفيون الأصوليون ما أطلقوا عليه اسم «إنجلترا الجديدة» على الأرض الأمريكية التى استولوا عليها بقوة السلاح. وفى هذا القرن الواحد والعشرين ألا يعلن نتنياهو وجيشه المحتل لأرض فلسطين، أن دولة إسرائيل هى دولة يهودية تؤمن بالتوراة، كتاب الله، الذى وعدهم بالأرض الموعودة لأنهم هم بنو إسرائيل المؤمنون بالإله ياهوه، وقد أمرهم بإبادة سكان الأرض المحتلة لأنهم يعبدون إلها آخر غيره هو ياهوه؟
وهاهو الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش يعلن أن «كل ما ليس معنا ولا يؤمن بحضارتنا الأمريكية المسيحية هو من أهل الشيطان فى «محور الشر»، وفى هذا العصر الحالى أيضا ألم يصدر زعيم المسيحيين فى كنيسة مورمون (وارين جيف) فتوى تؤكد أن من حق الرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء، وقد تزوج وارين جيف بأربعين امرأة على الأقل، وقد قبض عليه البوليس مؤخرا بتهمة اغتصاب الأطفال جنسيا، واتضح أن جماعته المورمون تدفع له ما يقرب من ثلاثة ملايين جنيه إسترلينى شهريا وقد استخدم هذا المال الضخم لإشباع شهواته ونزواته تحت اسم أمر الله، هل تختلف حياة هذا الزعيم الدينى السلفى عن أمراء الجماعات الإسلامية السياسية التى تصاعدت فى هذا القرن؟
إن المذبحة الأخيرة فى كنيسة الإسكندرية ليلة أول العام الجديد 2011، ليست الا واحدة من مذابح كثيرة حدثت فى السنين الأخيرة وسوف تتكرر حتى تنقسم مصر كما تنقسم السودان إلى جنوب مسيحى وشمال إسلامى، هذه هى الخطة السياسية الدينية التعليمية التربوية أيها السادة، التى يعرفها وينكرها الجميع، «فرق تسد» هى سياسة خارجية وداخلية من سالف القرون لضرب وحدة المقاومة الشعبية فقراء ونساء وأطفالا.
إن المسألة ليست مجرد احتقان طائفى بل هى اختناق العقل المصرى وتغييبه وقتله تحت اسم حماية دين الله من المفكرين الكفرة، والعلاج ليس بزيادة عدد المتاريس ورجال البوليس حول الكنائس بل برفع الحظر عن العقل المصرى، بالحرية الفكرية والثقافية أيها السادة، بمحاكمة علنية لوزراء التعليم والتربية والإعلام والثقافة منذ القرن الماضى، الذين جعلوا الفتاوى والخزعبلات والحجاب والنقاب والرعب من الجحيم وعذاب القبر يقتل عقول النساء والرجال والأطفال، انظروا إلى الأطفال البنات المحجبات المنكسرات المطأطئات الرؤوس فى المدارس الابتدائية، انظروا كيف تؤمن المرأة الجامعية أن من حق زوجها أن يضربها ليؤدبها حسب أمر الله، ومن حقه أن يخونها ويتزوج عليها أربع نساء، آخرهن أصغر منه بنصف قرن، انظروا ما يدور فى الفضائيات من حوار تافه رخيص يتاجر بالتدين الزائف، انظروا العلاقة بين الفساد فى الدولة والعائلة، فى الانتخابات وفى التجارة والبيزنس والسوق الحرة، انظروا أيها السادة وشغلوا العقل المقهور المحبوس على مدى السنين من الطفولة حتى آخر العمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.