عارف حضرتك ما هو أصعب شىء فى الوجود؟ إنك تأخذ إجازة من عملك.. وتسافر وتسيب البلد باللى فيها.. وتشد الفيشة.. ثم بعد ذلك تضطر إنك ترجع وتضطر إنك تركب الفيشة!!.. ولأننى لم أعد إلا منذ يومين، فلذلك كل ما أحاول أركّب الفيشة أجدنى لسه مش فى الفورمة ولا أستطيع متابعة الأحداث ولا أستطيع أن أكتب شيئا.. وتذكرت ابنى حسن وكيف أننى كنت أقسو عليه عندما كان يعود إلى المدرسة من إجازة ولا يجد فى نفسه عزما لعمل «الهوم وورك».. يا ربى !! ما هذه القسوة التى كنت أتعامل بها معه؟.. الولد لا يستطيع أن يركّب الفيشة بينما أنا كنت بمنتهى الرخامة أضغط عليه ليعمل الواجب.. إذن من الآن فصاعدا أنا هاعمل له «الهوم وورك» بنفسى ، وأهو برضه فعل الخير بيقعد لأصحابه.. يمكن بعد كده لما أسافر تانى ربنا يرزقنى بزميل ابن حلال يكتب لى المقالة بنفسه إلى أن أركب الفيشة.... المهم أننى حتى أتمكن من كتابة أى حاجة تقراها حضرتك فتشعر إن الجنيه الذى تدفعه ماراحش هدر.. قررت أن أنزل مساء أدردش قليلا مع عم فتحى، بائع الجرائد، وأشوف الدنيا فيها إيه.. واستطلعت عناوين الجرائد التى أمامه.. ما هذه العناوين الضخمة: «اليوم انتخاب المستقبل».. «اليوم تُكرم مصر أو تُهان».. «مصر تقول كلمتها».. ماخبيش عليك، قلبى وقع فى رجلى.. فسألت عم فتحى وأنا أقرأ الشهادتين فى سرى: «هو .. إحنا خلاص هنحارب إسرائيل؟».. فنظر لى باندهاش، فلاحقته مفسرة: «أصلى كنت برة مصر أسبوعين وما كنتش متابعة.. و..»، فقاطعنى قائلا: «يعنى حضرتك لا مؤاخذة ماتعرفيش إن بكرة انتخابات مجلس الشعب؟».. وفجأة، التفتنا على مشاجرة هبت فى أحد الشوارع الجانبية فتساءلت: «وده إيه ده كمان ؟».. فأجابنى: «ما هم دول بقى بلطجية الانتخابات بيبدأوا يظهروا من دلوقتى ولو أخذتى لفة بالعربية هتلاقى خناقات من النوع ده فى كل شارع وحارة.. ولسه بقى بكرة هنشوف الجنان اللى على أصوله.. المرشحين المرة دى شغالين بكل حاجة ، فلوس وعجول وبلطجية وسنج وسيوف.. ركبهم جنان النسوان فى موسم الكتاكيت!» -أفندم؟!!!! موسم الكتاكيت؟!! -آه.. أصل حضرتك ماتوعيش عالكلام ده.. زمان بقى يا ستى فى الأربعينيات والخمسينيات كان ستات الطبقة المتوسطة يتجننوا مرتين فى السنة ويتطلقوا فى المرتين دول.. مرة فى موسم الكحك ومرة فى موسم الكتاكيت.. -ده إيه ده بقى؟!! - زمان كان كل ستات الطبقة المتوسطة غاويين يربوا كتاكيت فوق السطوح.. وكان معروف إن أحسن كتكوت هو اللى بيتفقس فى شهر طوبة.. وكان الكتكوت بخمسة تعريفة، فكانت الست من دول ييجى شهر طوبة من هنا ويركبها الجنان الرسمى، وتمسك فى خناق جوزها لأنها عايزة منه اتنين جنيه تشترى بيهم 100 كتكوت.. وبالنسبة لجوزها الاتنين جنيه دول ممكن يبقوا نص مرتبه فكان بيتجنن هو كمان ويرمى عليها يمين الطلاق.. ونفس الحكاية فى موسم الكحك.. كانت الستات تخبز الكحك فى البيوت ويبعتوه الفرن، وكان لازم الكحك يتعمل بالزبدة البلدى وبكميات مهولة فكانت الستات تتجنن وتصمم عالزبدة البلدى وأطنان مهولة من الدقيق فتقوم الرجالة كمان تتجنن وتحلف بالطلاق إن مفيش كحك هيتعمل.. أما دلوقتى بقى راح موسم الكحك وموسم الكتاكيت وبقى فيه جنان موسم الانتخابات زى ما حضرتك شايفة كده. -طب وانت هتسمع كلام الإعلان اللى بيقولك خلى عندك دم وروح انتخب؟ فشهق شهقة وأجابنى مستنكرا: «طب ما يخلى هو عنده دم ويلم تعابينه عشان أعرف أروح أنتخب». -يعنى إنت هتقاطع الانتخابات يا عم فتحى؟ - يا دكتورة صلى عالنبى، هو أنا مستغنى عن عمرى، ده احتمال الدم بكرة يبقى للركب.. آه أنا جبان ومش هاروح أنتخب وعلى رأى المثل ألف كلمة «جبان» ولا كلمة «الله يرحمه»!