الأسهم الأمريكية تصعد لمستويات قياسية وسط تفاؤل بشأن اتفاق تجاري محتمل مع أوروبا    رئيس الوزراء يفتتح معرض الهيئة العربية للتصنيع «أتيكو» للصناعات الخشبية    إعلام فلسطينى: 6 شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال مدينة غزة منذ فجر اليوم    "لوفيجارو": مأساة غزة تختبر إنسانية الغرب وعجزه السياسي    ترامب: "الهجرة تقتل أوروبا.. أوقفوا هذا الغزو الرهيب"    الثالث منذ أمس.. وفاة رضيع نتيجة سوء التغذية والمجاعة في غزة    إنتر ميامي يتعاقد مع صديق ميسي    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 4 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    النيابة العامة بالمنيا ترسل لجنة تحقيق إلى بني سويف للتحري عن والدة أطفال دلجا ال6 المتوفيين    الإعدام والمؤبد ل4 متهمين في قضية ثأر بالصف استمرت 8 سنوات    خلال حفلة بمهرجان العلمين .. النجم تامر حسني يعرب عن سعادته وفخره بالعمل مع الكينج محمد منير    وزير الري يتابع مشروع مكافحة الحشائش المائية في البحيرات العظمى    أعرف التفاصيل .. فرص عمل بالأردن بمرتبات تصل إلى 35 ألف جنيه    انطلاق امتحانات الدور الثاني لصفوف النقل بالسويس    تنسيق الجامعات 2025.. تسجيل الرغبات بموقع التنسيق الإلكتروني مجانا    رئيسة وزراء إيطاليا: أؤيد بشدة قيام دولة فلسطين    كمبوديا تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار مع تايلاند    إلغاء مؤتمر نتيجة الثانوية الأزهرية وعدم الاتصال بالأوائل.. قرار جديد من شيخ الأزهر    القضاء الأمريكى يوقف قيود ترامب على منح الجنسية بالولادة    انخفاض اللحوم والزيت.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق اليوم (موقع رسمي)    مواعيد مباريات السبت 26 يوليو - ليفربول ضد ميلان.. وإيندهوفن يواجه بلباو    "تأقلمت سريعًا".. صفقة الأهلي الجديدة يتحدث عن فوائد معسكر تونس    "قصص متفوتكش".. محمد صلاح يتسوق في هونج كونج.. نداء عاجل لأفشة.. ورسالة إمام عاشور لزوجته    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربى لمحور اللواء عمر سليمان بمحافظة الإسكندرية    بالأرقام.. الحكومة تضخ 742.5 مليار جنيه لدعم المواطن في موازنة 25/26    انخفاض أسعار الدواجن اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    وفاة الموسيقار زياد الرحباني نجل فيروز عن عمر 69 عامًا    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    من رصاصة فى القلب ل"أهل الكهف".. توفيق الحكيم يُثرى السينما المصرية بكتاباته    أسامة قابيل: من يُحلل الحشيش يُخادع الناس.. فهل يرضى أن يشربه أولاده وأحفاده؟    الرعاية الصحية: 276 منشأة طبية معتمدة ضمن منظومة التأمين الشامل    تشغيل قطارات جديدة على خط مطروح    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    بيراميدز يقترب من صفقة الأهلي.. إبراهيم المنيسي يكشف (فيديو)    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    حظك اليوم السبت 26 يوليو وتوقعات الأبراج    حقوق الإنسان والمواطنة: المصريون يعلمون أكاذيب الإخوان ودعواتهم للتظاهر مشبوهة    التليفزيون هذا المساء.. جمال شقرة: الإخوان لم تقدم شيئا لفلسطين    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    إصابة شاب في مشاجرة وتسمم مزارع بحوادث متفرقة في سوهاج    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    مينا مسعود لليوم السابع: فيلم فى عز الظهر حقق لى حلمى    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    «هيسجل إمتى بعيدًا عن ضربات الجزاء؟».. تعليق مثير من الغندور بشأن زيزو مع الأهلي    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    «بالحبهان والحليب».. حضري المشروب أشهر الهندي الأشهر «المانجو لاسي» لانتعاشه صيفية    «جلسة باديكير ببلاش».. خطوات تنعيم وإصلاح قدمك برمال البحر (الطريقة والخطوات)    الجزار: الأهلي تواصل معي لضمي.. وهذا موقفي من الانتقال ل الزمالك    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يكون المحظور مشروعاً؟
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 11 - 2010

الأسئلة التى تثار حول الانتخابات كثيرة، بل كثيرة جداً. نواجهها أينما ذهبنا، فى الداخل أو الخارج. من بين ذلك الخضم من التساؤلات هناك سؤال يدعو للحيرة ويستوجب التوضيح والتفسير، أعترف بأنى لا أجد له جواباً شافياً أو تفسيراً مقنعاً. فأى أمر محظور يعنى بأنه ممنوع وغير مشروع. ليس له كيان قانونى ولا يجوز التعامل معه بل يجب منعه أو إزالته أو عقابه حسب الأحوال.
والدستور المصرى واضح فى منع قيام أى حزب دينى، إذ ينص صراحة فى المادة (5) على أنه لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى، أو قيام أحزاب سياسية على أى مرجعية دينية أو أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس.
ذلك يعنى أنه إذا قام حزب على أساس الدين أو الجنس فإنه لا يكون مشروعاً ولا تكون له صفة حزب ولا تتعامل معه الأجهزة والمؤسسات المختلفة وكأنه حزب. لكن الواقع يقول غير ذلك ويؤكد أن هناك فى الساحة حزباً دينياً اسمه «المحظورة».
وهذه ليست المشكلة فهناك أمور كثيرة محظورة لكنها موجودة. الغريب فى هذه الحالة أننا قمنا بتقنين وضع غير مشروع. جعلنا من المحظور مباحا، وأصبح الممنوع متاحاً وأسبغنا عليه الشرعية، بحيث أصبح له مرشحون وقوائم يعلن عنها، وتتعامل معه الصحافة على أنه حزب، وتشير إليه المنظمات الأهلية كأنه حزب، بل تتعامل معه الأجهزة الرسمية كحزب اسمه «المحظورة».
الجرائد بأنواعها: القومية، والمعارضة، والصفراء، تنشر أنباء «المحظورة» فى نفس سياق نشر أخبار الوفد أو التجمع أو الوطنى، والأمثلة كثيرة:
«القبض على ثلاثة من المحظورة بكفر الشيخ»، «سامح فهمى يوجه ضربة للمحظورة»، «طعن ضد مرشح المحظورة بالفيوم»، «مرشحة المحظورة تشيد بدور سوزان مبارك فى دعم المرأة»، «المصيلحى للمحظورة: لسنا خفافيش ظلام»، «المحظورة تشن هجوماً على داعية»، «المحظورة تواصل البلطجة»، «المحظورة ترصد تحركات المحجوب»، «الوطنى يساعد خطيباً لمواجهة المحظورة»، «صالون المحظورة يتصدى للمحجوب». ويتعامل المجتمع المدنى معها على أنها حزب: يعلن رئيس إحدى الجمعيات الأهلية لحقوق الإنسان أن «المحظورة» تنتهك القانون باستخدام الشعارات الدينية. حزب الوفد اعتبر هذه المجموعة نداً لهم ويصرح بأنهم «سوف يلقنون المحظورة درساً فى المعارك الانتخابية». أكثر من ذلك تتلقى منهم الأجهزة الرسمية قوائم مرشحيهم وكأنهم حزب. «بل تعترض المحظورة» على عدم إدراج مرشحيها فى مقعد العمال بالإسكندرية!! ويعلن القضاء الإدارى ضم 99 مرشحاً: وطنى ومحظورة ومستقلين!
إنه «حزب» يتجاهل القوانين ويتحدى الدولة: «يعلن وزير الداخلية أنه إذا تقدم أى شخص باعتباره إخوانياً سيطبق عليه القانون». بينما يعلن على عبدالفتاح أن مرشحيهم سيدخلون الانتخابات باسم الإخوان. «تؤكد محكمة القضاء الإدارى أن شعار (الإسلام هو الحل) مخالف لقانون مباشرة الحقوق السياسية ثم نقرأ أن المحظورة تتحدى القانون وأن الجماعة لها مواقع انتخابية على الإنترنت تحت شعار (الإسلام هو الحل) وأن طلاب الإخوان يطلقون حملة (إصلاحيون) للتعريف ب(فكر الجماعة) وجمع توقيعات المطالب السبعة».
إن تكرار التعامل معهم على أنهم حزب جعل الرأى العام يتعامل معهم على ذلك الأساس أليس فى ذلك خطورة وتضليل؟!
هذا التناقض والتعارض فى إسباغ الصفة الشرعية على مرشحى «الجماعة» يثير التعجب خارجيا والقلق داخلياً، وقبل ذلك يدعو للتساؤل كيف نجعل المحظور مشروعاً ثم نتحدث عن سيادة القانون ولماذا لا يشار إليهم على أنهم من المستقلين إن كانوا كذلك أو أنهم دعاة الدولة الدينية.
ألا يعتبر هذا سابقة لقيام أحزاب أو جماعات أخرى، فيشكل الشيعة حزباً يطلق عليه «المحظورة 2» ويصبح للمسيحيين المصريين «محظورة 3» وتقوم المرأة بتشكيل حزب نسائى وكذلك اليهود والبهائيون وغيرهم؟!.. أليس فى ذلك دعوى إلى التفتيت الذى يتمناه – ويسعى إليه – المتربصون بمصر؟
وماذا يمنع أن نخالف القانون والدستور ونتغاضى عن أفعال أو ممارسات مرفوضة قانوناً ثم نكتفى بأن نطلق عليها المحظورة؟ أليس فى كل هذا تناقض مبالغ فيه لا نخدع به إلا أنفسنا؟
إن المهادنة فى حسم هذا الخلط سوف تصبح سابقة خطيرة، بل خطوة تعنى أن عدم الالتزام بالقانون يمكن أن يصبح معترفاً به طالما نعطيه صفة «محظور» حتى فى أبسط الأمور، مثلا: نتغاضى عن أهمية بل حتمية منع التدخين فى المدارس، فنترك الطلبة يدخنون، وكل ما نفعله هو أن نطلق عليها «مدارس المحظور». نتغاضى عن تقديم الخمور فى أندية شباب أو مراكز رياضية ونطلق عليها «أندية المحظور» أو نسمح بقيام جماعات تدعو للتعصب والتفرقة بما يهدد استقرار الوطن ونكتفى بأن نسميها المحظورة!! وهنا التناقض واضح: نسمح بقيام أحزاب تعمل دون ترخيص تهدم تماسك المجتمع، بينما نهدم ونزيل منشآت تدعو للخير والمحبة لأنها دون ترخيص!
إن من الدستور ترسى قاعدة مهمة، والفصل بين الدين والسياسة له حكمته، ذلك أن فيه تكريماً لمكانة الدين وتفعيلاً لمسيرة السياسة، وفيه تأكيد لمبادئ المساواة والمواطنة والعدل التى جاءت بها الأديان جميعاً، والخلط بين الدين والسياسة يتجاهل ماهية كل منهما. السياسة أمور مادية يحددها الإنسان، قابلة للنقد والنقاش والتغيير والتطوير، أما الدين فهو مسألة روحانية سامية، مسألة عقيدة وإيمان لا تخضع قواعدها للإنسان بل للخالق، لا مجال فيها للنقاش والنقد والتصحيح. كما أن العلاقة السياسية بين الحاكم والمحكوم تقوم على المساواة، السلطة فيها للشعب فوضها للحاكم له محاسبته وتوجيهه ونصحه أما العلاقة مع الخالق فإنها لا تقوم على الندية، إنما المخلوق فيها عبد مطيع.
إن التمسك بمدنية الدولة ومدنية الأحزاب أمر لا يجوز أن يكون محل نقاش أو جدال أو لانتهاك القانون وفرض الأمر الواقع، والفرق كبير بين أحزاب تحترم الأديان وتدعم تعاليمها وأحزاب تدعو إلى دولة دينية. نريد أن نكون شعباً متديناً فى دولة مدنية تحترم القانون. وعندما يكون القانون سيداً فإن المحظور يكون محظوراً فعلاً وليس اسماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.