عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحف الأحد: برلمان بلا معارضة
نشر في الوفد يوم 05 - 12 - 2010


محمد أبوزهرة
كانت الأخبار والموضوعات الرئيسية في الصحف الصادرة اليوم تتمحور حول انتخابات الإعادة لمجلس الشعب ونتائجها المتوقعة، والحديث حول بطلان الانتخابات، وإعادة التفكير في صياغة الأفكار حول الدولة الدينية، بالاضافة للقضايا المثارة حول فضائح وثائق ويكليكس المسربة من البيت الأبيض، وما تلقيه من ظلال على مستقبل الديبلوماسية والعلاقات الدولية.
انتخابات لم ينجح فيها أحد!!
ونبدأ الحديث عن معركتنا الانتخابية، بكلام جلال عارف - نقيب الصحفيين السابق - ، الذي أكد على أن أي قراءة موضوعية لهذه الانتخابات ستكون نتيجتها أننا أمام انتخابات لم ينجح فيها أحد!!
والسبب ما ذكره في البيان الاماراتية: "اليوم تجرى انتخابات الإعادة..والنتيجة محسومة مقدماً لصالح الحزب الوطني الحاكم، بعدما أسفرت عنه نتائج الجولة الأولى في الأسبوع الماضي التي اكتسحها الحزب، وبعد انسحاب..حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين.. ستقتصر المنافسة على مرشحي الحزب الوطني (377 مرشحاً) وحزب التجمع (ستة مرشحين) وعدد من المستقلين يصل إلى 140 معظمهم من أعضاء الحزب الوطني..لم يرشحهم الحزب فاستقالوا ودخلوا الانتخابات.. ومن سينجح منهم يعود لعضوية الحزب.. وفي كل الأحوال فالبرلمان القادم هو برلمان بلا معارضة."
أما الكاتب السياسي الجميل محمد علي خير فيتناول الموضوع في جريدة الدستور بسخرية لاذعة لا تخلو من خفة دم تنبأ عن المرارة التي يشعر بها: "ربما وبسبب ارتفاع أعمار قيادات الحزب الوطني فإنهم يتبعون نظاما غذائيا (دايت) خال من الكوليسترول والدهون.. لذا فإن تلك القيادات والتي تشرف علي انتخابات مجلس الشعب الحالية قررت أن تحصل بالمرة علي مجلس شعب (دايت) خال من الدهون والكوليسترول أي من المعارضة والأصوات المشاكسة"
انقذوا البرلمان!
ولا يتمتع حازم عبد الرحمن بتلك الروح الساخرة لخير، فيوقظنا في الصباح على صرخة تنخلع لها القلوب وهو يقول في "الأهرام": انقذوا البرلمان!!!
"أرجو بقوة أن يفوز كل المرشحين المستقلين وعلي غير مبادئ الحزب الوطني بما في ذلك أعضاء الجماعة المحظورة ومعهم المرشحون عن أحزاب المعارضة سواء انسحبت أم لم تنسحب‏...فوجود المعارضة في البرلمان هو ضمان لاستمرار الصراع السياسي السلمي والعلني‏.‏ ولا يعني إستبعاد القوي السياسية من البرلمان الإ دفعها للعمل السري تحت الأرض‏.."
ويبدوا أن الأستاذ لم يقرأ ما كتبه عبد المنعم سعيد في الجريدة نفسها بالأمس، يطمأننا فيها على البلد والبرلمان، مما جعلنا ننام ملئ جفوننا التي جافاها بسببه النوم الآن!!
الحزب المعجزة
لكن إن فاتك مقال سعيد فعليك بمقالة د. طارق عباس في المصري اليوم، التي يقول فيها: "فتشت فى كل الدنيا وفى جميع بلدان العالم المتقدم والنامى والمتخلف وحتى فى عالم الجنون الزرق، لأجد حزبا مثل الحزب الوطنى من حيث الشكل أو الموضوع فلم أجد أبدا، فلهذا الحزب المبارك معجزات وكرامات تعز على الحصر، وتحتاج فى دراستها وفهمها وإدراك مدى عمقها، لأئمة فى تفسير أعاجيب السياسات..فهو الحزب الوحيد الذى يفوز فى انتخابات دون مشاركة الجماهير تقريبا..وهو الحزب الوحيد الذى..يصر على أن يعلن عن الانتخابات ثم ينظمها ثم ينفق عليها الملايين ثم يزورها ثم يفرزها ليخرج بنتائج لم تتغير منذ ثلاثة عقود...وهو الحزب الوحيد الذى لا يستمد شرعيته من القانون أو الدستور أو الشعب" .. فلا تقلق، نحن في أياد مبارك-ة
يا سلام، ها هو سلامة أحمد سلامة يطل علينا من الشروق ليعيد لنا هدوء الصباح ف"نتائج الانتخابات كانت معروفة ومقدرة حتى قبل إجرائها.. ولم تكن تثير لدى العارفين ببواطن الأمور أدنى نزوع إلى حب الاستطلاع أو الدخول فى لعبة التوقعات والمراهنات."
اليوم آخر الأحزان
ومن غير ما تسأل ليه؟ فظني أن محمد العزبي في الجمهورية أراد أن يخفف عنا حيث قال: اليوم آخر الأحزان. ولو إلي حين. فسوف تنتهي انتخابات الإعادة علي خير. ولعلها تجري باردة بعد انسحاب المعارضة رسميا. أما من يبقي منهم يدخل المعركة وراياته منكسة.
لكن، لا تنعم بهذا الهدوء طويلا.. فحين تنتهي من مقالة سلامة وفي الجريدة نفسها ستصطدم بالأستاذ فهمي هويدي وروحه التي لا تتسم بالمرح كثيرا، ليسرد لك سببين لبطلان تلك الانتخابات:
الأمر الأول يتمثل فى "انتداب ألفى قاض من وراء ظهر مجلس القضاء الأعلى، بالمخالفة للنص الصريح فى قانون السلطة القضائية الذى تنص المادة 52 منه على أنه لا يجوز نقل القضاة أو ندبهم أو إعارتهم إلا طبقا للقواعد التى قررها القانون، والتى فصلت فيها المادة 62 إذ أجازت الندب بقرار من وزير العدل بشرطين هما أخذ رأى الجمعية العمومية التابعين لها وموافقة مجلس القضاء الأعلى."
أما الأمر الثانى فيتعلق ب"موقف رئيس اللجنة العليا للانتخابات إزاء الأحكام القضائية التى صدرت عن مجلس الدولة، وقضت بوقف الانتخابات فى بعض الدوائر...وأهل القانون جميعا يعرفون أن ثمة حيلا تمارس فى هذه الحالة من جانب البعض. بمقتضاها تقدم إشكالات (مضروبة) أمام القضاء العادى لتعطيل التنفيذ، ويترتب عليها أن يحكم القاضى فى هذه الحالة بعدم الاختصاص، ويحيل القضية إلى مجلس الدولة مرة أخرى. وهو ما يضيع وقتا ويضيع المصلحة المرجوة، كما يعطل تنفيذ الحكم."
ورغم أن الانتخابات باطلة من الأساس يصر محمد حمدي، في "روزاليوسف"، على إعلامنا أن النتائج النهائية للانتخابات ستؤدي إلي تغييرات درامية في أكبر ثلاثة أحزاب معارضة (الوفد والتجمع والناصري) بحيث تبدو في المستقبل أقرب إلي الحركات الاحتجاجية..وبدلا من أن تؤدي الانتخابات البرلمانية إلي تقوية الحياة الحزبية، وضخ الدماء في عروقها، يبدو أننا نسير في اتجاه حزب واحد كبير.."
«صفر» الإخوان !
ويبدوا أن كرم جبر رئيس مجلس إدارة روزاليوسف ما زالت تأتيه الكوابيس بخصوص المحظورة –أعني الاخوان المسلمين طبعا- فهي أول ما يصحو عليه في مقاله: "استنفرت الحزب الوطني بهجومها العشوائي المستمر" ثم خسرت خسارة كبيرة كشفت أمورًا في منتهي الأهمية، أهمها "الرغبة المتأصلة في نفوس المصريين للتخلص من هواجس الفتن الدينية التي تديرها المحظورة تحت عبارة «السياسة والانتخابات»."
وربما راود سعيد الحمد الحلم نفسه، ولذا وجدناه ينتقد الجماعة بحدة في "الأيام البحرينية" حيث قال: منذ سقوط الاخوان المسلمين في الانتخابات الأردنية عام 2007 وصولاً إلى سقوطهم المتزامن في البحرين ومصر في 2010 مروراً بسقوطهم في الكويت وتراجعهم في انتخابات اليمن لم نقرأ في أدبياتهم وكتاباتهم ومقابلاتهم وأحاديثهم تفسيراً أو تحليلاً يخرج او يتجاوز «دائرة الشماعة» التي تبرر السقوط ولا تحلّله من الداخل من حيث الأداء البرلماني وعلاقتهم بمصالح جمهورهم العريض وخدمة ناخبيهم او من حيث هياكلهم الحزبية التي شاخت اسلوباً ومنهجاً ولم تترك الفرصة للرأي الآخر داخل تنظيماتهم واحزابهم."
بين تجربة الإسلاميون العرب والأتراك
ويتفق داود الشريان في عدد من النقاط مع الحمد وجبر، فيقول ب"الحياة اللندنية": "على رغم كل ما يقال عن التزوير، والتعامل مع قضية «الإخوان» باعتبارها ملفاً أمنياً وليست حالة سياسية، إلا أن هناك أسئلة تثار في ذلك التوقيت على خلفية نتائج الانتخابات البرلمانية المصرية، أهمهما: هل بدّد فشل «الإخوان المسلمين» في انتخابات مجلس الشعب (البرلمان) المصري، حلم الدولة الدينية في مصر؟.. وهل جاز القول ان الناس لم تعد ميّالة الى مشروع الإسلاميين للحكم؟..وهل يفضي هذا الإخفاق الى التفكير على الطريقة التركية؟
ودون التماس أي أعذار، يقرر الشريان أن "التفاؤل بالإسلاميين في منطقتنا الى درجة استدعاء التجربة التركية يبدو كأنه استعجال وترف في التفكير."
ف"الإسلاميون الأتراك ذهبوا بعيداً في رؤيتهم المتحضرة للحفاظ على الهوية الإسلامية للمجتمع، والتمسك بلحمة الدين، بعدما تعذر عليهم تأسيس الدولة الدينية. هم على نحو ما، استلهموا تجربة الأحزاب المسيحية والشيوعية في أوروبا"...و"الإسلاميون الأتراك (عرفوا) ان الناس أعلم بأمور دنياهم. فاستبدلوا التعايش والمصالح، بالشعارات...من دون ان يجلس الشيخ على كرسي الحاكم."
لماذا تخاف الأنظمة العربية من المعارضة؟
لكن لماذا هذا الخوف من الاخوان أو غيرهم من المعارضة؟ أو بصيغة وليد نويهض في "الوسط البحرينية": "لماذا تهاب معظم الأنظمة العربية من قوى الاعتراض وتتعامل معها وكأنها جاليات أجنبية (خارجية) جاءت إلى البلاد من وراء الحدود؟ "يكمن السبب المباشر في المخاوف المتبادلة إلى اختلاف طبيعة السلطة عن طبيعة قوى الاعتراض. والسبب البعيد يتركز في ضعف بنية الدولة وهشاشة تجربتها السياسية مقابل الصفة الانقلابية التي تتمتع بها عادة طبيعة قوى الاعتراض العربية."
من وحي الانتخابات المصرية
ومع "جريدة الشرق الأوسط" نختم تلك المعركة الانتخابية الحامية في هدوء شديد مع خالد الدخيل الذي يسجل ملاحظات مهمة مسترشدا بدلالات الانتخابات المصرية، أبرزها أن: أخطر ما يمكن أن تقترفه الطبقة الحاكمة في حق نفسها، وحق الدولة التي تتربع على سدتها، أن تسن قانوناً لتداول السلطة، ثم تتجاهله، أو تحيله إلى مجرد صورة قانونية مفرغة من مضامينها وضوابطها القانونية، أو تكون أول من ينتهكه لتفقده هيبته.. قانون الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية مثال على ذلك. في العالم العربي أصبح من المعروف والشائع الآن أن الانتخابات الرئاسية هي في ظاهرها لتأمين التداول السلمي والديموقراطي للسلطة. في حين أنها في حقيقتها وفي نتائجها النهائية ليست أكثر من آليات سياسية لتأمين أن يخلف الرئيس نفسه مرة بعد أخرى. وهو ما يحدث في كل الجمهوريات العربية تقريباً..الانتخابات البرلمانية هي الأخرى آلية سياسية يفترض أن تخضع لقانون ينظم التداول السلمي لسلطة المؤسسة التشريعية للدولة. لكنها ليست كذلك في العالم العربي أيضاً."
فضائح العرب في وثائق ويكيليكس..
أما المعركة الأخرى التي ناقشتها الصحافة هذا اليوم فكانت بشأن وثائق ويكليكس المسربة.
والتي نبدأ فيها بما ورد من تساؤل للكاتب ياسر سعد في جريدة "العرب القطرية" حول مصدرها المشبوه فهل "تم تسريبها لتفضح السياسة والدبلوماسية الأميركية ولتحدث ما اعتبره البعض ثورة أو زلزالا سياسيا ضرب أمريكا في الصميم.. فعلا؟ وهل أضافت تلك الوثائق شيئا كان الناس يجهلونه؟"..أم أن الأمر كله مجرد "تسريبٌ متعمد أرادت واشنطن من خلاله...بث رسائل ما كان لها أن تفعلها بشكل طبيعي وعلني؟"
فإذا كانت تلك الوثائق فعلا تم تسريبها فإين يا ترى تلك الوثائق التي تتحدث"عن الأسرار الحقيقة والمحرجة، فعلا للأنظمة العربية مثل: صفقات السلاح الضخمة..مع الولايات المتحدة وآلية إتمامها والعمولات والرشاوى التي تصاحبها.. والحديث عن تهريب المليارات العربية للبنوك الغربية وعن مآسي التخصيص في الدول العربية وعن نفوذ الشركات الأميركية على أصحاب القرار."
تساؤل وجيه..
حديثٌ في الأسئلة الكبرى
لكن الكاتب وائل مرزا لا يريدنا أن نحصر أنفسنا في تلك الزاوية الضيقة فيقول في جريدة "المدينة السعودية": إن قضية وثائق ويكليكس برغم كل الملابسات وكل التشكيك والتعجب، وهي كلها أمورٌ مشروعة. إلا أنها تختصر بشكلٍ ممتاز "واقع العالم في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات. ودور الكلمة العائد معها بقوة ليفرض نفسه على الإنسان وواقعه." وتختصر أيضا "قصة الإعلام نفسه في هذا العصر...وحق القارىء في أن يعرف المعلومة..ودور الكلمة في النظام السياسي العالمي، حيث تُبنى سياسات، وتصدر قرارات، وتُشنّ حروب، ويتغير العالم، بناءً على كلمة، قد يتبين فيما بعد أنها كُتبت عن سوء فهمٍ أو سوء نية."
سخافات!
مهلاً.. ما هذا الكلام عن إثارة الأسئلة الكبرى وخلافه فوثائق ويكي ليكس ما هي إلا مجموعة من السخافات.
هذا ما رآه –وله كل الحق في أن يرى ما يشاء- الدكتور فيصل القاسم، محاور "قناة الجزيرة الشهير" في مقاله اليوم ب"الشرق القطرية" حيث يقول: "تنطوي –وثائق ويكي ليكس- على قدر كبير من السذاجة والسخف والصبيانية، فالكثير منها لا يتعدى كونه مجرد نميمة إعلامية تافهة لا يشتريها دهاقنة السياسة بفلس صدئ، لأنها تفسر الماء بعد الجهد بالماء."
وثائق (غير) ديبلوماسية
ويصفها جهاد الخازن في الحياة اللندنية بالبرقيات (غير) الديبلوماسية، فهو لم يجد فيها شيئا غير أنها كونت "إجماعاً عربياً عاماً، ونادراً جداً في هذا الزمان السيئ، على القلق من سياسة إيران، وبرنامجها النووي الذي تقول إنه سلمي فلا يصدقها أحد." ولا ينتهي من مقاله حتى ينبهنا إلى أمر آخر فيقول: "وإذا وضعنا الرئيس الإيراني وسياسته جانباً فالضحية الأولى للتسريبات الديبلوماسية الأميركية هي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، لأن في أساس عملها الاتصال مع زعماء الدول الأجنبية، وبرقيات وزارتها أهانت نصف الزعماء الحاضرين على الأقل. بل ان البرقيات تكشف أن الوزارة طلبت من الديبلوماسيين الأميركيين في الخارج التجسس على البلدان حيث يعملون..".
انسياق العرب وراء السياسة الأمريكية
لكن الكاتب سلامة أحمد سلامة في "الشروق" يقول: إن "فضيحة تسريب أسرار الدبلوماسية الأمريكية من موقع «ويكيليكس» يكشف ما يحدث في الجوانب "الخلفية" للدول العربية ولدولة مثل مصر، ولتكشف أسلوب «اللعب مع الكبار» فى القضايا الاستراتيجية الكبرى.
ويختم مقاله بقول الصحفى البريطانى روبرت فيسك عندما سأل عن رأيه فى تبعات الوثائق على الدول العربية وسياساتها: إن العرب منساقون وراء السياسة الأمريكية مهما ارتكبت. والسبب فى ذلك غياب الديمقراطية.. ضاربا المثل على ذلك بما يجرى حاليا فى الانتخابات المصرية!"
جزء من المؤامرة!!
ويبدوا أن هناك جانبا خفيا لم يفطن إليه أحد ممن تابع قضية وثائق ويكليكس، لكن الحمد لله أن فطن إليه سامي سعيد حبيب في مقاله اليوم ب"المدينة السعودية" ألا وهو أن "الرابح الأكبر –من نشر الوثائق- هي "إسرائيل التي نجحت في صرف الأنظار عن جرائمها ضد الإنسانية والمضي قدمًا دون معارض في المزيد من قضم الأراضي الفلسطينية...كجزء من المؤامرة الصهيونية الكبرى ضد العالم أجمع".
والدرس لنا كمسلمين هو عدم الانسياق وراء كل ناعق وعدم تشتيت تركيزنا على قضايانا المصيرية.
استغلال ودروس
ونختم تلك المعركة بالمناقشة الهادئة التي أجراها عبد الله اسكندر بالحياة اللندنية فقال: "لعل الأسوأ في تفسيرات عربية لوثائق «ويكيليكس»، هو ذلك الاندهاش من «اكتشاف» الاسرار الاكثر شيوعاً في منطقتنا. ومن ثم البناء عليها من اجل تأكيد المعلوم من المواقف واستخدامها في مواجهة الخصوم..لكن ما يطرحه نشر هذه الوثائق..هو "كيفية التعامل مع هذه الحالة غير المسبوقة لنشر وثائق تعتبر سرية، بغض النظر عن مضمونها." فصاحب موقع «ويكيليكس» الاسترالي جوليان اسانج لم يوجه إليه اتهام حول كيفية تسرب هذه الوثائق...وما اذا كان من الممكن اتهامه بالتجسس، واخضاعه لنص قانوني يعاقب هذه الممارسة. وهذا يعني أن ثمة فراغاً قانونياً، او ان الجانب القانوني غير واضح المعالم.. وهذا بدوره يطرح مشكلة ايجاد نص قانوني يتعلق بهذا الشأن، وكيفية ايجاد توافق عليه عابر للدول، ومدى توريط الامم المتحدة بقرار دولي ملزم، كما حصل بالنسبة الى مكافحة الارهاب مثلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.