و نتقصى نتيجة استفتاء السودان قبل شهرين من بدئه.. هذا إن بدأ في موعده.. و النتيجة هي استمرار السودان موحداً.. و انهيار القوى الانفصالية في ما بدا حدث مفاجئ لكثيرين.. هذا هو توقعي.. السودان.. حسنا.. بادئ ذي بدء فانني اثمن و اؤيد السلطات المصرية التي اعطت للسودانيين مسبقا حق اختيار الاستمرار او الانفصال عن مصر في خمسينيات القرن الماضي.. و من هنا نُطلق تحليلنا.. يوجد فارق ضخم بين قرار السلطة السياسية و بين قرار الشعوب.. مثلما الفارق الضخم بين قرار مجلس ادارة منشأة ما و بين الجمعية العمومية الخاصة بها.. او بين الفارق بين قرار رب اسرة و بين رؤية ابنائه!!.. و التشبيهات مع الفارق.. الضغط الشعبي على صانع القرار السياسي قد يجعله ينساق وراء الشعب الذي يفتقر للرؤية المستقبلية.. لا اريد ان أوجه تهوينا للعقلية الشعبية.. الا ان مفاتيح المعرفة و النهر المعلوماتي يملكه صانع القرار.. و ترك الامر للشعوب هو اطار لا اميل اليه الا ان اتيحت المعلومات للشعوب مثلما هي متاحة لصاحب القرار.. لو اقيم استفتاء شعبي نهاية السبعينيات في مصر و اسرائيل حول الارض مقابل السلام لراينا عجبا.. الشعب الاسرائيلي يوافق و الشعب المصري يرفض.. القيادة الاسرائيلية ترفض و القيادة المصرية توافق.. لو اقيم استفتاء شعبي الآن في سوريا و اسرائيل حول الارض مقابل السلام لراينا عجبا.. الشعب الاسرائيلي يرفض و الشعب السوري يوافق.. القيادة الاسرائيلية ترفض و القيادة السورية توافق.. فكر في المعادلة.. و خذ وقتك.. السودان.. حجر الزاوية هو وجود استفتاء شعبي.. بل و هذا الاستفتاء يتم برقابة لضمان نزاهته.. و على هذا الاساس يعتمد تحليلنا الخالص الى استمرار وحدة السودان.. انظر الى القيادة السياسية السودانية.. التمييز بين الشماليين و الجنوبيين عبر عقود عديدة و الحرب الاهلية و التباين الاقتصادي و الجهاد السياسي و العسكري للسيد جون جارانج و سوء التقدير السياسي للسلطة السودانية و عدم ادراك موجات المستقبل و عولمة الكوكب و الانفصال عن المشهد التطوري لحركة التاريخ و عوامل كثيرة ادت الي اتفاق اوصل السودان الى الاستفتاء المزمع اقامته بعد شهرين.. هل اغفلنا عوامل اخرى.. بالتاكيد.. ياتي على راسها.. القوى الكبرى.. و القوى المساعدة.. و القوى المستترة صوريا و الكيانات المستفيدة.. معظم المترقبين يهدفون الى الانفصال.. و العوامل الداخلية و التاريخية سارت نحو هذا الاتجاه.. مع الاعتبار ان اتفاق نيفاشا يؤمِّن واقعا متميزا تحت رقابة اممية في حالة استمرار الوحدة.. لذلك.. لماذا سيختار الجنوبي الوحدة على الرغم من شحن ذهنه دون قلبه بالانفصال؟!.. ذلك لأنه انسان لا يملك المعلومات الكافية التي تجعله يشترك في الرؤية الاستراتيجية للسلطات الجنوبية ليؤمن بالانفصال.. الشكاوى و المعضلات التي عانى منها الجنوبي هو هو يدرك انه لا يوجد مانع من استمرارها بعد الانفصال مع اختلاف المفردات و الوجوه و الاسماء.. و اسباب اخرى مجهولة.. بل و لا يمكن التنبؤ بها.. اما الوحدة فهي تؤمِّن ذوبان كل هذه الامور نتيجة لاتفاق دولي يحظى برعاية اممية وسط تصعيد معنوي هائل لكافة القوى السياسية و غيرها الحريصة على الوحدة.. في حالة اقرارها.. هذه القوى التي ستعوض الاستياء السياسي الذي سيتبدى على استحياء او بغضب من قوى اخرى تسعى الى الانفصال.. الجنوبي يختار الوحدة امام الصندوق لأن المشاعر و العاطفة ستقوده اليها.. المشاعر ستقوده الى رفض المجهول الذي لا فكاك منه الا باستفتاء 2031 الذي تم الوصول اليه باتفاق الاقصر و رعاية دولية لفصل ايبي عن .. لست اعلم.. خاطرة ساخرة.. ارجو ان تظل كذلك.. الجنوبي.. الانسان.. ذو المشاعر.. و بلا معلومات.. سيختارها .. الجنوبي يختار الوحدة.. د.باسم مراد الصواف www.sawwaf.com