أثار انتشار ظاهرة البيع المباشر، والتى يشتغل بها بعض حملة المؤهلات العليا، جدلا بين مواطنى المحافظة، فمن جانبهم، أكد عدد من الباعة، أنهم محرومون من أبسط حقوقهم وهو الحصول على فرصة عمل حقيقية، ولذلك لم يجدوا أمامهم سوى البحث عن أى فرصة عمل، وكان البيع المباشر والتعامل مع الجماهير فى الشوارع أحد هذه الحلول بالنسبة لهم، إذ يعتبرونها حلا للزبون أيضا. يقول محمد عبدالفتاح «28 سنة» بائع، نجمع بضاعتنا ونختبئ بها فى مداخل العمارات فى أحد الشوارع الجانبية واذا حدثت حملة أمنية تمشيطية من شرطة الإزالة نفر ونهرب، ناهيك عن البهدلة فى أقسام الشرطة». ويضيف: أفرش بضاعتى المكونة من الإيشاربات الحريمى فى شارع لاجيتيه بالإبراهيمية، وسط إقبال كبير من السيدات والشابات على الشراء، من البضاعة الصينية رخيصة السعر، التى تتراوح بين 5 جنيهات و10 جنيهات، وتقل أحيانا مع الفصال. ويروى عبدالفتاح ل«إسكندرية اليوم» قصته مع العمل فى «البيع المباشر»، قائلا: إنه المجال الوحيد الذى عملت به منذ التخرج فى كلية التجارة منذ 6 سنوات، وبدأت كبائع للعطور المقلدة فى أحد الممرات المقابلة لمركز تجارى، وخسرت فى مشروعى الأول، وعملت لفترة مع صديق لى يشترى الساعات والولاعات والمحافظ الرجالى الصينية، ونبيعها على المقاهى الشعبية كبائعين متجولين، ثم قررت أن أبحث عن عمل لدى الغير، فعملت مندوب مبيعات لمستحضرات التجميل، وكانت هذه التجربة الأسوأ فى حياتى حيث تعرضت لعملية «نصب» من الشركة التى عملت معها، بالإضافة إلى الإهانات والمواقف المحرجة التى تعرضت لها أثناء المرور على المنازل، ثم كان الاختيار الأخير، والذى استقررت عليه منذ 5 سنوات وهو بائع على الرصيف. وقال، ان مشقة العمل والمطاردات المتواصلة، لم تمنعه من الإصرار على نفس العمل، والذى يراه البديل الوحيد المتاح فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية. ويوضح: «فرص العمل لخريجى كليات القمة محدودة، فمابالك بخريجى التجارة شغل المبيعات هو المجال الوحيد المفتوح دلوقتى، فالشركات بتمص دم الموظف، والعمل الحر أحسن وأوفر فى الصحة وربحه أكتر، لكن عدم الأمان هو المشكلة». زبائن عبد الفتاح، أكدوا أن الشراء من بائع الرصيف لم يعد اختيارا مقلقا بالنسبة لهم، بسبب التعود على هذه النوعية من الشراء، مع الزيادة الكبيرة فى الأسعار، والذى رجح كفة البضاعة الرخيصة لباعة الرصيف والمتجولين، عن البضاعة الموجودة فى المحال. وقال أحد جيرانه من المحال المجاورة له، أن هذه الظاهرة تشكل خطورة فى بعض الأحيان على الزبون والمحال المنافسة ؛ فباعة الرصيف، حسب قوله يعتمدون على بيع منتجاتهم والتى تتشابه مع المعروض بالمحال المقابلة لهم، بأسعار تقل عن سعر السوق، يأتى ذلك لقلة تكلفة «الفرشة» بالنسبة لإيجار المحل، وأحيانا على اعتمادهم بيع تقليد طبق الأصل من نفس البضاعة ولكنها تقل جودة عن مثيلتها فى المحال، ويعتقد، أن الحل للمشكلة هو المنع التام لهؤلاء الباعة مع تخصيص مساحات محددة فى كل منطقة لهم بالمجان أو بمبلغ رمزى ليكونوا خاضعين للرقابة. من جانبه، رفض جمال زقزوق، رئيس جهاز حماية المستهلك، أن يعتبر الظروف الاقتصادية مبرراً مقنعاً للتساهل مع هذه الظاهرة، ويرى أنها لا تعكس جشع التجار لزيادة ربحهم عن طريق البيع المباشر، مؤكداً أن الجهاز قد رصد انتشار هذه الظاهرة فى المحافظة بشكل خطير. وقال: «تأتينا يومياً الكثير من البلاغات من مواطنين تعرضوا لعمليات غش تجارى من باعة الرصيف والباعة المتجولين ممن يمرون على المنازل، بل وأيضاً من البيع عن طريق التليفون، تكون أكثر السلع المغشوشة فى الغالب هى أدوات الطهى والأدوات المنزلية وأدوات التجميل». وأوضح، أن كل ما يباع منتجات مجهولة المصدر، حتى إن بعض السلع تباع عليها علامات تجارية مزيفة وهى فى الأصل رديئة، وتظهر المشكلة فى استحالة الوصول للبائع مرة أخرى وهو ما يضيع حق المشترى. وأكد أهمية تنمية الوعى لدى المستهلك، بعدم الاتكال على شراء السلع الأقل سعراً، المجهولة المصدر، لأنها دائما الأقل جودة، وهى كذلك تضيع حق المشترى فى التعويض عن الأضرار التى تلحق به منها، عندما لا يتمكن الجهاز من تنفيذ قوانين حماية المستهلك عليها.