«مانديلا» و«عبدالناصر»: جنوب النضال.. شمال الثورة

لم تكن القاهرة محطة عادية فى رحلة كفاح الزعيم الأفريقى، نيلسون مانديلا، فقد كانت ملهمة كفاحه كما قال فى إحدى زياراته لمصر. ففى 19 مايو 1990 زار «مانديلا»، نائب رئيس منظمة المؤتمر الأفريقى، القاهرة مع زوجته، وكان فى استقباله بطرس غالى، وزير الدولة للخارجية وقتها، ومنحته جامعة القاهرة الدكتوراه الفخرية فى احتفال ضخم، باعتباره رمزاً للتضحية من أجل استقلال أفريقيا، وسلمها له الدكتور مأمون سلامة، رئيس الجامعة، بحضورعدد من السفراء والوزراء العرب والأفارقة.وقال «مانديلا»، خلال حفل تكريمه، إن قارة أفريقيا، والشعب الأفريقى الأسود، يفخرون بأن القارة تضم دولة مثل مصر، قوة النضال ضد العنصرية والتمييز العنصرى، مشيراً إلى أن سياسة مصر الخارجية تسير فى ثلاث دوائر، أهمها الصعيد الأفريقى.وفى رده على صحفية إسرائيلية حول سبب عدم زيارته إسرائيل، قال «مانديلا»: «لا نغفل أى دولة فى العالم، لكننا نحكم عليها أساساً من موقفها تجاه نضالنا من أجل التحرر، وأى دولة فى العالم لا تؤمن بحق شعبنا فى نضاله للقضاء على التفرقة العنصرية لن تلقى اعترافنا».فى 20 أكتوبر 1997 حضر «مانديلا» إلى القاهرة، واستقبله الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، وتناولا تطورات عملية السلام فى الشرق الأوسط، والقضايا الأفريقية، ووسائل تعزيز العلاقات بين البلدين، وفى حفل أقيم فى اليوم التالى، تبادل الرئيسان أعلى القلادات الرسمية فى البلدين، إذ قلّد «مبارك» رئيس جنوب إفريقيا قلادة «النيل العظمى»، ومنحه «مانديلا» قلادة «الرجاء الصالح».وعن «مانديلا» قال «مبارك» إنه قرر منذ 1962 محاربة قوى الظلام بتصميم عنيد، حتى استطاع أن يقهرما كان يعتقد أنه لا يقهر، والذى فعله «مانديلا» فى جنوب أفريقيا كان من أجل القارة كلها، والحرية التى أتى بها لبلاده تسطع فوق أفريقيا، وهو يشاركنا قيمنا، وطموحاتنا من أجل رخاء أفضل للجميع. زار «مانديلا» القاهرة فى 1962 كمناضل من أجل الحرية، وقال عن الزعيم الراحل «عبدالناصر»: «كان مصدر إلهام لنا، لأننا نعرف أنه قدم مساندة قوية، فهو رجل، مع نكروما، رئيس غانا، وسيكوتورى، رئيس غينيا، والملك محمد الخامس، ملك المغرب، وموديبوكيتا، رئيس مالى، قدموا دعماً لا يوصف بالكلمات، وإننى سأكون مديناً لهم».ولدى زيارته الثانية للقاهرة فى 1990، عقب الإفراج عن سجناء الحرية والتفرقة العنصرية، قال: «جئنا لنقول إن شعب جنوب أفريقيا لم ينس دعم الحكومة والشعب المصرى له، جئت من أقصى جنوب القارة لأقصى شمالها كأول رئيس منتخب لبلادى»، ووضع إكليلاً من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول، وآخر على قبر الرئيس الراحل، أنور السادات، وزار ضريح الزعيم، جمال عبدالناصر.