كان الحسن الثانى، ملك المغرب الراحل، قد نجا من الموت المؤكد مرتين، وفى كل مرة منهما، كان موته متوقعاً بنسبة 100٪، ولكن الله تعالى كتب له النجاة، وفى المرتين كان فى طائرته الخاصة فى السماء، وكان وزير دفاعه، مع آخرين، قد أطلقوا على طائرته مدفعية ثقيلة، ولكنه لأمر ما نجا، وحكم بعدها 26 عاماً، وحين سألوه، قال إنه كان قد ردد دعاء يحفظه عن الرسول، عليه الصلاة والسلام، إذا ردده المرء، وهو خارج من بيته، عاد إليه سالماً، وكان الدعاء الذى أورده الملك فى مذكراته، يقول: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، باسم الله الذى لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض، ولا فى السماء، وهو السميع العليم». ولم يكن الملك، والحال هكذا، يردد الدعاء، الذى تضعه مصر للطيران، على جميع طائراتها، والذى يستعيذ فيه صوت مسجل على مسمع من جميع الركاب، فى كل رحلة، من كآبة المنظر، وسوء المنقلب، ومن.. ومن.. إلى آخر كلمات الدعاء التى تثير الانقباض فى أعماق أى راكب، يكون فى بدء رحلته إلى أى مكان. الدعاء الذى كان الحسن الثانى يردده، دعاء عن الرسول الكريم، والدعاء المسجل على طائرات مصر للطيران للرسول الكريم أيضاً، ولكن ما أبعد المسافة بين الأثر الذى يتركه الدعاء الأول فى داخل كل راكب يسمعه، وهو أثر سوف يؤدى قطعاً إلى بث الطمأنينة فى نفس هذا الراكب، وبين الأثر الذى يتركه الدعاء المسجل عندنا، وهو أثر، بحكم ألفاظ الدعاء ذاتها، يؤدى إلى تشاؤم الركاب، وخوفهم، وربما فزعهم! لا اعتراض، كما قلنا من قبل، ونقول اليوم، على الدعاء المسجل حالياً، ولا بالطبع على الآية المسجلة معه، والتى تقول: «وإنا إلى ربنا لمنقلبون» وإنما الاعتراض على الذى اختارهما، لأنه كان ولايزال فى إمكانه أن يختار دعاء الملك الحسن، فيؤدى الغرض نفسه، مادام الغرض هو رجاء رعاية الله، فى أثناء الرحلة وعنايته، وكان فى إمكان الشخص ذاته، الذى اختار هذه الآية الكريمة، أن يضع فى مكانها - مثلاً - آية فى سورة هود، تقول: «بسم الله مجريها ومرساها». وقد كان ما كتبته، بهذا الشأن، أمس الأول، موضع رضا كثيرين، وموضع سخط كثيرين أيضاً، وقد تقبلت رأى الفريقين، فى الحالتين، على أساس أن كل فريق يجتهد، فيخطئ أو يصيب، ليبقى فى النهاية أن نقول إن جميع خطوط طيران الدول العربية، لا تضع هذا الدعاء بالذات، ولا هذه الآية على وجه الخصوص، مع أنهم فى تلك الدول، مسلمون مثلنا تماماً! كان الرسول الكريم يقول: «بشروا ولا تنفروا» وأغلب الظن أن الوضع بصورته الحالية على طائراتنا ينفر ولا يبشر، بسبب سوء اختيار، علاوة على أننا يجب أن نراعى أن هذه الطائرات يركبها أجانب، ليسوا مصريين، ولا مسلمين، ويركبها مصريون غير مسلمين!