مؤتمر «دراسات السكري»: المرض تحول لوباء عالمي.. وزيادة مذهلة في أعداد المصابين

قال العلماء والباحثون المشاركون في أكبر مؤتمر دولي لدراسات وعلاج مرض السكري، والذي عقد في مدينة برشلونة الإسبانية هذا الأسبوع، إن المرض تحول إلى وباء عالمي سريع الانتشار وغير قابل للشفاء.
غير أن الأطباء أطلقوا جرعات من الأمل والتفاؤل لنحو 600 مليون مريض فعلي حول العالم الآن، بإعلانهم أن السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني «الأكثر انتشارًا» باتت ممكنة، والأهم، بحسب تقديراتهم، هو الحد من مضاعفاته أو إيقافها تمامًا، والتي تعتبر أخطر من الإصابة بالمرض نفسه، خصوصًا أنها قد تسبب الوفاة المفاجئة، أو تلحق أضرارًا بالغة بالقلب وضغط الدم وتصلب الشرايين وفقدان القدرة على تحريك القدمين، أو تسبب مشاكل خطيرة بالعين تصل لفقدان البصر مما يستدعي في معظم الأحيان، التدخل الجراحي، وهو ما يشكل أعباء إضافية على المريض والدولة.
وأفادت بعض الدراسات المتخصصة في المؤتمر الذي تنظمه الجمعية الأوروبية لأبحاث وعلاج مرض السكري، بمشاركة أطباء من 160 دولة، أن المرض أصبح يستهدف كل الأعمار وجميع البلدان مع اختلاف نسب الإصابة به والموقع الجغرافي، ولكن بشكل عام فإن الإصابة بهذا المرض آخذة في ارتفاع مذهل خلال السنوات الأخيرة، بحيث أصبح مرض السكري، عبئًا صحيًا واقتصاديًا لكل الدول، وأصبح مدى تأثيره أقوي من تاثير أكثر الأمراض فتكًا مثل الإيدز والسرطان.
واتفقت الهيئات العلمية داخل المؤتمر على ضرورة أن يكون علاج السكري هجوميًا ومتسارعًا من خلال صيغة زمنية متكاملة لعلاج المرض، وأكدت بعض الجلسات العلمية نتائج بحثية لمجموعة العقاقير الجديدة والتي حققت طفرة في علاج السكري، والحد من مضاعفاته الخطيرة، وهي عقاقير تنتمي لمجموعة دوائية لمادة فعالة تسمى «سيتا جلبتن» وتعتمد في عملها على تثبيط إنزيم معين في الجسم بما يؤدي لخفض مستوى السكر في الدم دون التعرض لمخاطر صحية أو الآثار الجانبية.
وحول اختلاف آلية عمل تلك العقاقير الجديدة عن العلاجات الأخرى المستخدمة حاليًا، يوضح الدكتور إبراهيم الإبراشي، عميد المعهد القومي للسكر سابقًا وأستاذ ورئيس مركز السكر والغدد الصماء بقصر العيني، بقوله: «إذا كانت عقاقير الإنسولين بكل أنواعها تمثل علاجًا تعويضيًا لمن يعانون من نقصه، فإن العقاقير الجديدة المكونة من المادة الفعالة (سيتا جلبتن) تقوم في عملها على تثبيط الإنزيم داخل الجسم المعوق لعمل المادة المحفزة للبنكرياس لزيادة إفراز الإنسولين، للتعامل مع سكر الدم مما يؤدي لخفض مستوى السكر في الدم والعكس صحيح».
وأضاف «الإبراشي»، في تصريحاته ل«المصري اليوم»، على هامش مشاركته في المؤتمر، أن الجهاز الهضمي للإنسان يفرز أنواعًا من الهرمونات لتحفيز البنكرياس على إفراز الإنسولين، وأن هناك انخفاضًا يحدث في مستوى وفاعلية هذه الهرمونات عند مرضى السكري من النوع الثاني، مما قد يكون سببًا في ارتفاع مستوى السكر بالدم لديهم، غير أن العلماء اكتشفوا أن هذا الانخفاض الحادث في فاعلية هذه الهرمونات، يرجع إلى إنزيم داخلي في الجسم يسمي «ثنائى فينايل بروتييز4»، وهكذا كانت هناك طفرة في استخدام هذه الهرمونات بطريق الحقن أو في شكل مثبطات لعمل ذلك الإنزيم لعلاج مرضى السكري، لافتًا إلى أن العلاجات الجديدة تؤخذ بطريق الفم.
وقال الدكتور صلاح شلباية، عضو اللجنة القومية لمواجهة وعلاج مرض السكري بوزارة الصحة، وأستاذ الأمراض الباطنة والسكر بطب عين شمس، والذي شارك في المؤتمر، إن العلماء والأطباء اتفقوا على إمكانية منع مضاعفات السكري عند التحكم في مستواه، وصولًا للمستوى الطبيعي له بالدم، إلا أن المشكلة التي قابلت الأطباء والمرضى في تحقيق هذا الهدف هي زيادة معدلات انخفاض مستوى السكر كلما اقتربت من المستوى الطبيعي لها عند الإنسان العادي، لأن العقاقير المستخدمة حتى هذه اللحظة تعتبر سلاحًا ذو حدين، لأنها قد تؤدي لخفض مستوى السكر دون المستوى العادي، ويصاحب ذلك مضاعفات خطيرة، كما تؤدي لزيادة وزن الجسم، وهي من العوامل الخطيرة التي تنعكس على حالة القلب والشرايين.
وأضاف «شلباية» ل«المصري اليوم»: «كان من الضروري وجود مجموعة من العقاقير يمكنها خفض مستوى السكر بالدم فقط للمستويات الطبيعية دون أن تؤدي لزيادة وزن الجسم، وهو ما تحققه العقاقير الجديدة».
وأكد «شلباية» أن هناك زيادة كبيرة في أعداد مرضى السكري بدول العالم المختلفة وبينها مصر، وهناك احتمال أن تتضاعف الأعداد خلال السنوات القادمة، خصوصًا عند الأطفال والصبية الذين انتشر بينهم، وعلى غير المألوف مرض السكري من النوع الثاني، بسبب زيادة نسبة البدانة والسمنة المفرطة بينهم، وبسبب النمط الغذائى السيئ والممارسات اليومية الخاطئة، مما أصبح يهددهم بالإصابة بنفس المضاعفات الخطيرة التي يعاني منها الكبار والبالغين مثل ارتفاع مستويات دهون الدم وضغط الدم وأمراض المفاصل وغيرها.