تنسيق الجامعات.. كلية الاقتصاد المنزلي جامعة حلوان    رئيس جامعة القاهرة: ارتقينا 23 مركزًا عالميًا بالتصنيفات العالمية بفضل استراتيجيات البحث العلمي    «التنظيم والإدارة» يعلن عن مسابقة لشغل وظيفة معلم مساعد    هل توجد أي مؤشرات تدل على احتمال حدوث تأثيرات إشعاعية على مصر فى حال ضرب مفاعل ديمونة..؟!    أسعار الذهب اليوم الخميس 19-6-2025 بمنتصف التعاملات «محلي وعالمي»    توقعات بعدم خفض البنك المركزي البريطاني لمعدلات الفائدة    السيسي يوافق على اتفاقية تمكين البنك الأوروبي من التوسع فى أفريقيا    ضمن الموجة ال26.. إزالة 5 حالات تعدي على أراضي أملاك الدولة في الشرقية    الرقابة المالية تصدر قرارا بمد فترات تقديم القوائم المالية الدورية للشركات والجهات العاملة بالتأمين    كامل الوزير يتفقد 20 حافلة مرسيدس جديدة منتجة محليًا    خامنئي يعين العميد محمد كرمي قائدا للقوات البرية في الحرس الثوري    فيفا: بالميراس ضد الأهلي في مواجهة حاسمة على صراع التأهل بمونديال الأندية    نجوم المونديال.. نجم الأهلي يزين التشكيلة المثالية للجولة الأولى بكأس العالم للأندية    محافظ بني سويف: إعفاء إدارة مدرسة إعدادية بعد رسوب جماعي لطلاب الإعدادية وإحالة قيادات إدارة الواسطى التعليمية للتحقيق    محافظ بني سويف يُطيح بإدارة مدرسة «الرسوب الجماعي» لطلاب الإعدادية ب«الواسطى»    وكيل قطاع المعاهد الأزهرية يتفقد لجان امتحانات الشهادة الثانوية بقنا ويشيد بالتنظيم    9 صور تلخص أول ظهور لمحمد رمضان بمحكمة الطفل لإنهاء التصالح فى قضية نجله    صادر له قرار هدم دون تنفيذ.. النيابة تطلب تحريات انهيار عقار باكوس في الإسكندرية    افتتاح الدورة 47 من المهرجان الختامي لفرق الأقاليم على مسرح السامر (صور)    دور الإعلام في نشر ودعم الثقافة في لقاء حواري بالفيوم    عاجل- مدبولي يتفقد أول مصنع في مصر والشرق الأوسط لإنتاج أجهزة السونار والرنين المغناطيسي بمدينة 6 أكتوبر    وزير الإسكان يوجه بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة والمياه في المدن الجديدة    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    رفع 46 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الشوارع    إصابة سائحتين أوكرانية وبولندية في تصادم بطريق سفاجا    ضبط 6 تشكيلات وعناصر إجرامية بالقاهرة ارتكبوا جرائم سرقة متنوعة    رسوب جماعي لطلاب مدرسة في بني سويف باستثناء طالبة واحدة    شيخ الأزهر ل«وفد طلابي»: العلم بلا إطار أخلاقي «خطر» على الإنسانية    «في عز الضهر» يحقق إيرادات تقترب من نصف مليون جنيه بأول أيام عرضه    بكاء ماجد المصري في حفل زفاف ابنته يتصدر التريند| فيديو    من فاتته صلاة في السفر كيف يقضيها بعد عودته.. الأزهر للفتوى يجيب    الرزق ليس ما تملك..بل ما نجاك الله من فقده    الكرملين: إيران لم تطلب مساعدات عسكرية لكن دعم موسكو لطهران موجود بشكل عام    عبد الغفار يترأس الاجتماع الأول للمجلس الوطني للسياحة الصحية    محافظ الدقهلية يستقبل نائب وزير الصحة للطب الوقائي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    خارجية أمريكا: نطالب جميع موظفى السفارة فى تل أبيب وأفراد عائلاتهم بتوخى الحذر    هيفاء وهبي تعلن عن موعد حفلها مع محمد رمضان في بيروت    بونو يحصل على التقييم الأعلى في تعادل الهلال وريال مدريد    "الأهلي وصراع أوروبي لاتيني".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    الجيش الإسرائيلى: هاجمنا مفاعلا نوويا فى أراك الإيرانية ومنشأة فى نطنز    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص يشاركون الحكومة في دعم ذوي الهمم    إعلان الفائزين في بينالي القاهرة الدولي الثالث لفنون الطفل 2025    الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة ترفع خطر إصابة الأطفال بالتوحد 4 أضعاف    إعلام عبري: 7 صواريخ إيرانية على الأقل أصابت أهدافها في إسرائيل    فوائد التين البرشومي، فاكهة الصيف الذهبية تعزز الذاكرة وتحمي القلب    طرح البرومو التشويقي الأول لمسلسل «220 يوم» (فيديو)    زيزو يوضح حقيقة الخلاف حول ركلة جزاء تريزيجيه    كوريا الشمالية تندد بالهجوم الإسرائيلي على إيران    حزب الله بالعراق: دخول أمريكا في الحرب سيجلب لها الدمار    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    ملف يلا كورة.. ثنائي يغيب عن الأهلي.. مدير رياضي في الزمالك.. وتحقيق مع حمدي    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    بين الاعتراض على الفتوى وحرية الرأي!    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    ما حكم سماع القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسنين هيكل: الحوار مع «الإخوان» الآن بلا فائدة
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 09 - 2013

فى حلقة جديدة من حلقات مصر أين وإلى أين؟ مع الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، والتي تقدمها الإعلامية لميس الحديدي على cbc، وفى حلقة خصصها عن عمق مصر الاستراتيجى وصورة من صور الالتحام الثقافى والتاريخى كانت عن سوريا والإقليم.. صراع المصالح والاستخبارات والصراع الدولى بين الحاضر والتاريخ...تاريخ هذا الصراع ومستقبله كشف فيه ما يلج بخاطره عن الأزمة فى المنطقة العربية ودورها فى النظام العالمى الجديد الذى يعيش طور تشكله بآليات جديدة ومراكز قوى عالمية تقوم على المشاركة أكثر من المغالبة، معتبراً أن ملامح القوى فى العالم آسيوية بامتياز يتصدرها الصين وروسيا وقد تلحقهما الهند، وبين هذه اللحظات الفاصلة يتحدث عن الأزمة السورية والحلول المقترحة فضلاً عن إماطة اللثام حول لغط زيارات عمرو دراج ومحمد بشر له.. وإلى نص الحوار: ■ نبدأ بما رشح عن لقائك بقياديى الحرية والعدالة، محمد بشر وعمرو دراج؟ - فى العادة لا أرد على تليفونات مجهولة، صباح الأحد الماضى رن الجرس الثالثة ظهراً، لم أرد، رن ثانية ثم ثالثة، فقررت الرد، لأنى شعرت بأن ثمة شيئا مهما، فوجئت بالدكتور بشر، وأنا أسمع عنه جيدا ولم ألتقه. بدأ يتحدث عن برقاش، وقال: الإخوان ليسوا طرفاً، ونحن على استعداد أن نشترك فى التحقيقات لكشف الحقيقة. لم تتجاوز المكالمة الدقيقة والربع، قلت له: لن نستطيع النقاش عبر التليفون، لنلتقى ونتناقش، واتفقنا على الثلاثاء. جاء فى موعده، وفوجئت بأن معه الدكتور دراج، رحبت بهما، وبدآ حديثهما بمجموعة رسائل، أولاها من المستشار أحمد مكى، أتحدث بدقة لأنى معتاد على كتابة ملخص أى لقاء. الثانية عتاب من الدكتور هشام قنديل على حديثى معك عن تفاصيل المقابلة، يبدو أنه شعر بأنى تحدثت باستخفاف، وهذا ليس صحيحاً، ثم بدأ «بشر» يتحدث عن برقاش وعن الأحوال الجارية، وفضلت الاستماع لوجهة نظرهما، ولم يتحدثا عن الحرية والعدالة نهائيا. فوجئت بالضجة التى قامت حول اللقاء، على طريقة رواية شكسبير «ضجة كبيرة على شىء لم يكن». ■ هل تقصد أنهما كانا ممثلين لنفسيهما؟ - الحديث كله عن برقاش وفقط، لنفى اتهام الجماعة بحرق برقاش. وأنا مستعد لقبول ذلك، لأنى أسمع عنهما كل خير. المهم حينما استخدم «بشر» تعبير «انقلاب»، قلت له: أرجوك لا أريد أن أسمع كلمة انقلاب، ولا أريد الحديث عن أمور تجلب الاختلاف، لأن ما جرى فى مصر أكبر كثير جداً وأعقد من أن يكون انقلابا. تحدثا عما سمياه شرعية، فقلت: الكلام عن الشرعية فيه قسوة، والشرعية بالتأكيد تختلف عن وضع اليد، واستفضت فى معنى الشرعية، ثم قلت لهما إن بداية الأزمة أنكم رفضتم مطلبا شعبيا واضحا وهو الاستفتاء على الرئاسة المبكرة، وهذا عقد الأزمة. قالا: لم نرفض، الجيش اشترط أن يتم ذلك خلال 10 أيام، والدكتور مرسى رأى أن يتم بعد الانتخابات البرلمانية. استشهدت بديجول عام 68، حين أحس من مظاهرات الشباب بأن ثمة تمردا على شرعيته، فطرح نفسه للاستفتاء وفاز بنسبة 54%، وهى نسبة كافية لطمأنته، وأعلى مما فاز به مرسى، مع ذلك وقف وسط الناس، وقال: «فى ظل هذا الظرف القاسى على فرنسا لا أعتبر هذه النسبة كافية لتثبيت حكم»، وغادر إلى قريته واعتزل الحياة. ثم شددت على 3 أشياء رئيسية: هناك جمهور واسع جداً خرج يطالب برئاسة مبكرة، وأنا أتفهم عقلية أن أحدا يصل للسلطة بعد يأس طويل وفى ظرف لم يتخيله وليس من صنعه، لأن 25 يناير أكبر بكثير من الإخوان، وهذه الأوضاع لا تحتمل الحديث عن وضع يد واستيلاء، لأنه هنا أشبه بالغزو. ■ هل تحدثت معهما عن العنف؟ - نعم، أحكى وأمامى ما كتبته. تحدثا عن اعتقالات، فقلت لهما ابحثا عن حل. ردا بأنهما يعرفان هذه الأمور كلها فقلت لهما إذاً فلتبحثوا عن الحل فقالا: نحن نعرف أن الفريق السيسى قابل للتفاهم. قلت: ضعا فى اعتباركما أن هناك إرادة شعبية ورفضا قاطعا للمصالحة. قالا هذه حملات كراهية. وتحدثت عن أهمية الحفاظ على الجيش بوصفه الحائط الأخير للبلد. كانا يستمعان جيداً، وكان واضحا جدا أن اللقاء ليس به أى تفاوض. هما قالا: مع من نتخاطب ونتحدث ونحن قادتنا فى السجون؟ وأنا أعلم أنهما ليسا مفوضين ولا يمثلان أحداً، ولا أنا أمثل أو أتفاوض عن أحد. ■ هل طلبا منك وساطة؟ - لم يحدث، الدكتور بشر قال إنهما لم يحملا مبادرات من أحد، ولا هو حمل مبادرات من طرف آخر، وهذا توصيف منصف للقاء. الالتباس جاء من قولهما إنى طلبت لقاء ممثلى الحرية والعدالة، وهذا لم يحدث، لم يرد اسم الحزب خلال حديثنا نهائيا. ■ كيف قرأت طريقة حديثهما ورد فعلهما؟ - الحوار نفسه كان عاديا، هما يتحدثان عن موقف جماعتهما، وأنا أتحدث عن محظورات متربصة بالبلد، مع ذلك طوال الليل جميع الناس يهاتفوننى، وأظن أن أناسا أكثر هاتفوكِ، وكأن ثمة مفاوضات تجرى خلسة، وهذا لم يحدث، الموضوع كان عن برقاش لا عن شىء آخر. أعتقد أنهما سعيا ليضعا وجهة نظرهما أمامى، وأنا مجرد استطلاع للآراء، وهذا كله مشروع، لكن الضجة التى أثيرت على لا شىء أقلقتنى، لأنها دليل على أن البلد مستثار جداً والشكوك غالبة على الناس. ■ هل شعرت بأنهما مازالا تحت تأثير صدمة ما حدث؟ - فترة الصدمة مرت، نحن أمام طرف يبحث عن مكان له فى مستقبل، يتصور أنه له مكان فيه. حتى خلال حديثهما عن الشرعية، كان واضحا جدا أنهما مسلمان بأن العودة لما سبق غير ممكنة، وأن ثمة حقائق فرضها خروج ملايين الناس. أعتقد أن الفترة التى سبقت الخروج، عام بأكمله، تشير إلى أن حتى وضع اليد غير قادر على التصور هنا، فوضع اليد سهل على الأرض، لكن وضع اليد على بلد بشعبه وثقافته وتاريخه وحضارته أمر صعب. الدلائل أثبتت أنهم لا يعرفون شيئاً عن العالم ولا عن إدارة الأوطان، الأمر لهم أشبه بشهوة تملكت أحدهم لشىء ناله فى ظرف معين، ولا يريد التخلص منه. ■ إذاً هم يبحثون عن ثغرة حوار مع المجتمع أو القيادة؟ - القيادة، لست أنا طريقها. والمجتمع قد أكون طرفا فيه. هم خرجوا من الصدمة، لكنهم لم يستوعبوا تداعياتها. أراهم فى فترة ما بعد الزلزال، تحت وطأة توابعه. ■ هل يعون وجود رفض شعبى متزايد ضدهم؟ - مازالوا يخلطون بين الإخوان والاسلام، وأن ما يرونه اعتداء عليهم تم على الإسلام نفسه. أنا لا أستسيغ ما حدث فى المنيا، هذا شق يُراد إحداثه بين طوائف الأمة، هذا شق كان مفهوما حدوثه فى القرون الوسطى. وأيضا إرباكهم المتعمد لحركة الشارع. ■ ألم تشعر بأن مراجعة فكرية تلوح فى الأفق؟ - هناك بداية لها، لكن أظن أنهم عاجزون عن تصور المستقبل، ومازال رهانهم الرئيسى هو البلبلة حول الدستور وإرباك المرور فى الشوارع. هذا جزء من الأوهام، فهم يعتمدون على فكرة راسخة، ويتصورون أنها سندهم، ولديهم خلط بين الوطن وما هو خارج الوطن، بين الوطن والدين، فالشعب يرفضهم، لكنهم يتصورون أن لديهم سندا من شىء أكبر وأعلى. ■ وماذا عن العنف ضد الكنائس، وسيناء، والمظاهرات المسلحة، والعنف ضد الناس؟ - يتصورون أن خلفها أطرافا أخرى، فكرة المظلومية ثابتة باستمرار. عندما تحاول الناس أن تكون عنيفة ويرتد العنف عليهم بشكل أو بآخر، فهم يلجأون لفكرة الشهادة والاضطهاد والمظلومية. الغريب جداً أن هذا يترافق مع الاعتماد على الموقف الإقليمى والدولى، ألمحا لها لكن لم تقل صراحة. سألتهما ألا تتصلان بأحد؟ قالا إنهما كانا يتصلان فيما مضى بشيخ الأزهر واللواء محمد العصار. الآن توقف كل شىء بسبب ما يعتبرانه تعنتا وانقلابا. عامة مع الإفاقة من الصدمة، يبدأ الناس فى رصد خسائرهم وتحديد مواقعهم. هم لم يبدأوا بعد، وهؤلاء يحتاجون لوقت ليشفوا من أثر الصدمة، ولا أعرف كيف يمكن للمجتمع أن يتيح لهم هذه الفرصة؟ ■ ثم؟ - أى حوار مع الإخوان، الآن، خطأ وبلا فائدة. اتركى الأبواب مفتوحة، أرسلى لهم ما تريدين، لكن مسيرة المجتمع لابد أن تمضى، فى الأمد القصير، دون أى اعتبار، إلا سلامة البلد، التى أراها معرضة لخطر كبير جداً، ولم يعد فى وسع أحد أن ينتظر حتى يتحقق الوفاق. ■ نأتى لسوريا، لنبدأ من مشهد المبادرة الروسية، هل هى لتعطيل الضربة العسكرية؟ - مشكلة سوريا أن الحديث هو عن خيارات سيئة أو أسوأ، نختار ما بين الكارثى والمأساوى. فلا النظام ولا المعارضة يمكن الدفاع عنهما، كلاهما يلعب بأقدار البلد، الذى أراه، ومستقبله فى خطر، وخلفه مستقبل الأمة. بالنسبة لموضوع الأسلحة الكيماوية، لنتذكر أنه عندما بدأ السباق النووى فى الخمسينيات والستينيات، وبدأت محاولات الحد من انتشاره، من أنتجه اكتفى بما عنده، ومن حاول ووجد صعوبة وجد فى الغازات السامة والبيولوجية سلاح الفقراء لردع السلاح النووى، هكذا لا توجد دولة عربية واحدة لم تنتج أسلحة كيماوية أو بيولوجية، كلها لديها مخزون منها. ■ بما فيها مصر؟ - بما فيها مصر.. لأنها أسلحة كان من السهل إنتاجها، بمساعدة خبراء ألمان هاربين، مثل الدكتور بيرز الذى جاء إلينا، وعمل فى قطاع الصواريخ ثم ذهب للصين. ■هل هذا مازال مستمراً؟ - الكل أنتج ثم ادرك أن هذا لا يجدى، لكن حمولة كبيرة منها، وبالطبع القضية فى سوريا، أصلا، ليست السلاح الكيماوى. هناك مشكلة يراها النظام أمنية، ولا يستطيع إنهاءها، ويراها الطرف الآخر تحتاج حلا عسكريا، لكنه لا يستطيع ذلك. فى أراضيها ما بين 60 - 70 ألف مقاتل من 48 جنسية. بدأت بالتأثر بالربيع العربى، وحدثت مشاكل فى دمشق ودرعا، والنظام لم يحسن التعامل معها، ولم يستمع «بشار» لنصائح كثيرين، ورد بالمقولة الشهيرة: «مصر ليست تونس.. وسوريا ليست مصر»، لم يدرك أن لدينا موجة عاتية من الرغبة فى التغيير، وإن افتقدت الرؤية والبرامج والقيادة، المهم أن الحالة الثورية دعت كل الأطراف إلى الخطأ فى الحسابات، ورغم ما رأيناه على مدار العامين ونصف العام، من تدفق السلاح والمقاتلين، فمازالت هناك دولة وشعب يدافع عن هذه الدولة، بشكل أو بآخر، فهناك حدود مفتوحة، ويصعب غلقها. ■ وماذا عن مشكلة هذه الأسلحة فى سوريا؟ - المعارضة مصرة على جلب التدخل الخارجى بأى شكل، فى المرة الأولى، قيل إن النظام هو من استعملها، ثم ثبت أن ذلك غير صحيح. هذه المرة تكرر ذات الاتهام، وأنا أشك فى ذلك لعدة أسباب: أولها: أن النظام لم يكن فى حاجة لها، بعد انتصاره فى معركة القصير، الذى يمكنه أن يبنى عليه، وقد اقترب من إعلان انتصاره. ثانياً: ثبت أن الشريط الرئيسى الذى استعمل فى إدانة النظام أذيع، قبل المجزرة بيومين أو ثلاثة، على «يوتيوب»، وأن هناك أشرطة سابقة أو مزورة، ولو كان الأمريكان متأكدين لكان موقفهم أقوى 100 مرة. الواضح أن أطرافا تضغط على أوباما للتدخل فى دمشق، كما ضغطت للتدخل لدعم مرسى. ثالثا: المراقبون تواجدوا، قبلها، فى بعد لا يتجاوز 30 كلم عن موقع المجزرة. لا أعتقد أن أوباما يريدها، لأن العالم كله يسأل: وماذا بعد؟ الأمريكان وأوروبا، بينما عناصر التكفيريين والجهاديين وجبهة النصرة هى الأكثر بروزاً فى الصورة، وخلافاتهم الداخلية أكبر منها مع النظام. موقف فى غاية الصعوبة، إذا ما وجهت الضربة وسقط النظام، سيتأثر كل مكان بالمنطقة، فرغم أن كل رئيس أمريكى، بموجب ثقافتهم، يبحث عن حربه، وعن فحولته، تردد أوباما وأرسل الكرة للكونجرس، رغم أن لديه الصلاحيات الكاملة لفعلها، لماذا؟ لأسباب كثيرة، أولها.. سؤال ماذا بعد؟ ثم قوة روسيا القادمة وبشدة. ثالثا: الصين التى لم يتوقف أحد عند حجم التواجد الصينى فى إيران، التى تصدر كل بترولها لبكين. رابعا: الشعب الأمريكى لا يريد حروباً، وهذا موضوع طويل. لكن أيضاً أنت أمام رئيس ليس واثقاً من نفسه وهو فى مدته الثانية، رجل فى مأزق ولا يعرف كيف يتصرف. ■ وجاءت المبادرة الروسية كمخرج من الأزمة؟ - هى مبادرة أمريكية أصلا. ■ لأنها صدرت على لسان «كيرى»؟ - «كيرى» قالها علناً، وكانت أساس المفاوضات مع الروس فى قمة العشرين. أتعجب من أن عربا محبطون، لأن أوباما لم يستجب للضربة، لماذا نفكر، دون عقل، وبثارات قديمة لا نعرف مبعثها، دون أن نجيب عن سؤال ماذا بعد؟ غريب جداً أن نلحظ أن الموقف البريطانى كان رئيسياً فى ضربة العراق، ثم ليبيا، لأنها مستعمراتهم القديمة، ثم نجد الجزأ الذى اقتطعه الأمريكان من التقرير المقدم لمجلس الأمن.. قالوا بناء على معلومات فرنسية، وهذا دليل على أنها ليست من عندهم، ويبدو أنها مستقاة من إسرائيل. على الكل أن يقف ويتنبه:
ماذا فعل بالعالم العربى؟ دعينا نعود إلى بريطانيا وفرنسا، ونحن أمام عالم جديد يتشكل الآن. ■ هناك نظام عالمى جديد؟ - نعم، ممكن أن يطلق عليها شراكة عالمية، لأن الحديث عن النظام يعكس وجود قيادة، لكن نحن أمام مرحلة تشكيل فى طور ترسيم ملامحها، من لهم قيمة فى هذا التشكيل هم الأقوى على مواجهة المستقبل، أمريكا بالتأكيد، لكن بطريقة أخرى، فبدلاً من هايبر باور، تنازلت إلى سوبر باور، وبدلاً من أن تنفرد بالقوة والقيادة، تكتفى بمقعد القائد، لأنها لا تستطيع أن تحتفظ بما اعتادت عليه بأوضاعها الاقتصادية الحالية، ومع تنامى قوة روسيا والصين، فالقرن القادم «آسيوى»، فالهند تلحق بهما. إنجلترا وفرنسا تملكان ذكريات الإمبراطورية، بدون وسائلها، وهما تحاولان عن أمريكا. قد يكون لأوروبا الموحدة مكانها فى المستقبل، حلف الأطلنطى، لكن ليس دولة منها وحدها. ■ والعرب؟ - نحن من استدعينا التدخل الأجنبى، منذ عام 74 ونحن نتصور أن الحل لدى أمريكا، وحتى عندما حاول الاتحاد الأوروبى التدخل فى أزمات الشرق الأوسط، كان يقال لهم: «من فضلكم لا تتدخلوا وتفسدوا اتفاقاتنا مع أمريكا، هى تقدر وأنتم لا تقدرون». الرئيس «ميتران» قال لى: «باريس ليست محطة للسفر من القاهرة إلى واشنطن، دورها أكبر من ذلك». والغريب جداً هو ما مصلحة أطراف عربية لتمويل المعارضة السورية؟ هذه الغاز لا أفهمها. ■ فى حلقة سابقة حدثتنا عن تكليفات الناتو الجديدة للسيطرة على دول بالمنطقة فى إطار صراع المصالح؟ - عندما نرى فى الوطن العربى أنظمة استوفت عمرها وفى طريقها للسقوط، بالتزامن مع تنازل أمريكا عن مكانة الهايبر باور إلى السوبر باور يحدث تغيير مواقع القوى. واشنطن بحثت، وعرفت أن المنطقة ستحدث بها تحولات، وأنها لابد أن تكون مؤثرة، ولأن القوى العسكرية قد لا تكون الوسيلة المثلى، بحثت عن إحياء حلف الأطلنطى، الذى اعتقد الناس أنه انتهى مع نهاية الحرب الباردة. خشيت اكتشاف المنطقة أمام الروس، وشكلت لجنة برئاسة مادلين أولبرايت، وضعت تقريرها، فى مايو 2010، والذى رصد التحولات المتوقعة، ونصح بالتعامل معها بطريقة مختلفة، وبأن للناتو دوره فى «التقاء المصالح»، وهذا ما بدا فى ليبيا. كما نصح بأن حلف الأطلنطى، ممثلاً فى تركيا، وهكذا بدا الدور الأردوجانى، الذى كساه وزير خارجيته، أحمد داوود أوغلو، بأحلامه العثمانية، ونظمت قواعد انطلاق إعلامية وسياسية واقتصادية، وصُدر كنموذج للاقتداء به عربيا. أعرف أن أوباما قال لرئيس عربى: «انظر فى عينى، خلال عامين لن نحتاج بترولكم». لكن الأهم من الاكتفاء هو السيطرة على المنابع، فالتاريخ يقول إنه لا بدائل للطاقة. ودور تركيا هو النفاذ لمواقع البترول، وحماية خطوط أنابيب الغاز. تركيا حلمت بسقوط سوريا، فهى مربط السيطرة على المنطقة، لأسباب كثيرة جداً، هى الكيان الجريح الذى مزقته كل الأطماع، منذ وعد بلفور وسايكس بيكو. ■ وإسرائيل؟ - أتمنى أن تطلعى على اتفاق أمنى عقدته مع أمريكا لتبادل المعلومات الاستخباراتية يمكن تل أبيب من كل المواد الخام للمخابرات الأمريكة، بما فيها كل مكالمات العالم، أى أن لديها محادثات وصفقات كل ما يجرى، وإسرائيل بالطبع تريد اكتمال سقوط النظام العربى، دون أن تحارب، فالعرب يقتلون بعضهم، وهى فى منتهى السعادة. ■ وإيران؟ - الصراع الدولى ينتقل من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى، وإيران تسمى فى الجغرافيا «القاعدة»، فهى هضبة مرتفعة مطلة على آسيا والبلقان، موقع استراتيجى وحليف مطلوب. لو قرأنا الوثائق لعرفنا أن أمريكا وإسرائيل وضعتا فى مايو 73 سيناريو لغزو السعودية بواسطة إيران - الشاه، إذا ما حدثت قلاقل. وإيران مهمة أيضا لأنابيب الغاز، وسوريا، عمليا، هى مدخل خلفى لطهران. لكن وضعها مختلف، فالغرب لا يريد تدمير إيران، بل استردادها بإسقاط النظام الحاكم فيها. إيران هى الهدف الرئيسى فى معركة سوريا. ■ وحزب الله؟ - موقفه فى منتهى الصعوبة، وأخشى أن تتحول لبنان إلى وضع أصعب، فهى نافذة فى حائط النظام العربى، مصنوعة من الزجاج المعشق، نظام هش، يسقط إذا ما اهتز الجدار. ■ والخليج؟ - دوله فى خطر، منذ عام، كنت مدعواً لندوة هناك، وتحدثت عن الأمن الخليجى ومستقبله، فالصراع هناك كله على النفط، وبدائل الطاقة كلها لم تعد تسمح بتنوع آخر، بعدما حدث فى اليابان بفوكشيميا. البترول مازال مهماً، صحيح لم يعد كذلك للولايات المتحدة، لكن السيطرة عليه مهمة: كيف للدول الست المطلة على الخليج، المواجهة لمنطقة آسيا التى تشهد نمواً فى القوة. ■ من أين الخطر وهو موال لأمريكا؟ - إذا كانت الولايات المتحدة الآن تتنازل، وهناك دول تنمى قوتها فى الجناح الآسيوى، الصين واليابان، واحتياجاتها للوقود والطاقة تزداد، وهناك دول آسيوية لها قواعد انطلاق فى دول الخليج عبر العمالة الآسيوية الوافدة، التى أصبحت غالبية هناك، وتمثل خطرا داهما، خاصة أن الخليج لم يعد يعتمد على عمقه العربى. ■ هل تتوقع ضربة عسكرية لسوريا؟ - لا أعتقد، الكل يميل لحل سلمى ينتج عنه نظام قوى، الكل يراهن على أن نهاية فترة رئاسة «بشار» 2014، وأنه يصعب ترشحه ثانية، وسيخلفه شخص محل توافق. لو جاء 2014 والأزمة مستحكمة، ستلحق سوريا بفلسطين.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.