قبل بدء تنسيق المرحلة الأولى.. اعرف خطوات ترتيب الرغبات بموقع التنسيق    مستقبل وطن بالبحيرة يُنظم مؤتمراً جماهيرياً لدعم مرشحي الحزب بمجلس الشيوخ 2025    تنسيق الجامعات 2025.. ننشر الجامعات والمعاهد المعتمدة لطلاب الثانوية العامة    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    سعر الذهب اليوم الجمعة 25 يوليو 2025 بعد آخر انخفاض محليًا وعالميًا    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    حفر 3 آبار لتوفير المياه لري الأراضي الزراعية بقرية مير الجديدة في أسيوط    مصر ترحب بإعلان الرئيس الفرنسي اعتزام بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: الوفد الإسرائيلي غادر بعد تلقيه رد حماس    «جروسي»: من الضروري إعادة العلاقات الطبيعية مع إيران    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    إصابة عضو بلدية الضهيرة بجنوب لبنان بإطلاق نار إسرائيلي    «ريبيرو» يعقد محاضرة للاعبين قبل لقاء البنزرتي    تقارير: الفتح يستهدف ضم مهاجم الهلال    عبد الحميد معالي ينضم لمعسكر الزمالك بعد وصوله للقاهرة    رفع 32 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال حملات بالمحافظات    مصرع طفل وإصابة 3 شباب في تصادم بالشرقية    يهدد سلامة المواطنين.. محافظ الجيزة يوجه بضبط «الإسكوتر الكهربائي»    الداخلية تنفي شائعات الاحتجاجات داخل مراكز الإصلاح والتأهيل    بعد أزمتها الصحية.. مي عز الدين تدعم أنغام بهذه الكلمات    «الألكسو» تعلن اليوم العربي للثقافة رمزا للوحدة والتكاتف بين الشعوب    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    عرض أفلام تسجيلية وندوة ثقافية بنادي سينما أوبرا دمنهور ضمن فعاليات تراثك ميراثك    حكم الصلاة خلف الإمام الذي يصلي جالسًا بسبب المرض؟.. الإفتاء تجيب    «إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    «التأمين الشامل» توقع عقد اتفاق تقديم خدمات مع كيانات طبية بالإسكندرية (تفاصيل)    ملحمة طبية.. إنقاذ شاب عشريني بعد حادث مروّع بالمنوفية (صور)    تقنية حديثة.. طفرة في تشخيص أمراض القلب خاصة عند الأطفال    300 جنيه للمادة....بدء أعمال تظلمات طلاب الثانوية العامة يوم الأحد المقبل    شاب ينهي حياة والده ضربا بعصا خشبية في المنيا    مصرع عنصر شديد الخطورة بعد تبادل نار في أسيوط    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    اسعار الحديد والاسمنت اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    أسعار البيض اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    لتنمية وعي الإنسان.. جامعة قناة السويس تنظم تدريبًا حول الذكاء العاطفي    رونالدو يصل معسكر النصر في النمسا    آية شقيقة مطرب المهرجانات مسلم: تزوج 3 مرات    الليلة.. الستاند أب كوميديان محمد حلمي وشلة الإسكندرانية في ضيافة منى الشاذلي    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    "نتائج قديمة".. جامعة قنا تنفي شائعة رسوب 71 % من طلاب كلية الطب    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    إلكترونيا.. رابط التقديم لكلية الشرطة لهذا العام    في عمر ال76.. سيدة أسوانية تمحو أميتها وتقرأ القرآن لأول مرة (فيديو وصور)    مسئولو جهاز العاشر من رمضان يتفقدون تنفيذ مدرسة النيل الدولية وامتداد الموقف الإقليمي    «100 يوم صحة» تقدم 14 مليونا و556 ألف خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    موجة حارة شديدة تتسبب بحرائق في تونس    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    وسيط كولومبوس كرو ل في الجول: صفقة أبو علي تمت 100%.. وهذه حقيقة عرض الأخدود    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جغرافيا النزاع الدينى
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 03 - 2010

يقول باولو كويلهو (الأديب البرازيلى العالمى) على لسان فارس النور مناجيا قلبه: «لقد مررت بكل هذا من قبل».. ويجيب القلب: «أجل لقد مررت بكل هذا من قبل، لكنك لم تتجاوزه».
(1)
تحدثنا كثيرا عن النزاع الدينى فى مصر و«تاريخه» منذ مطلع السبعينيات، والمراحل الأربع التى مر بها بداية من المرحلة العنفية من قبل جماعات العنف المسلح، ومرورا بمرحلة الاحتقان المجتمعى نتيجة التأخر فى معالجة تداعيات المرحلة الأولى حيث تتحول كل واقعة ذات طابع مجتمعى إلى نزاع دينى لمجرد أن أحد طرفى الواقعة مسيحى والطرف الآخر مسلم، ثم مرحلة السجال الدينى والتنابذ بالأديان وما يترتب على ذلك من نفى للآخر الدينى سواء معنوياً أو مادياً، وأخيرا ما أطلقنا عليه مرحلة التناحر القاعدى على مستوى المواطنين العاديين والتى بدأت مع واقعة العياط وكانت ذروتها نجع حمادى.. وكنا نظن أنها ستكون آخر الأحزان وذلك لكل ما رافقها من ملابسات.. ولكن ما لبثت أن وقعت أحداث مرسى مطروح.. ما الجديد؟
(2)
يمكن القول أنه لا جديد من حيث إن الواقعة هى صورة كربونية من وقائع حدثت عبر التاريخ على مدى أربعة عقود منذ أخميم (1970) والخانكة (1972).. فالسيناريو هو نفس السيناريو.. رغبة فى التوسع من قبل طرف من خلال أرض أو سور أو مبنى.. وإشاعة تسرى.. وعنف يحدث.. ونُستغرق كلنا فى التفاصيل الصغيرة.. ثم يناشدنا البعض بالتهدئة.. ويتحرك البعض الآخر لاحتواء الموقف من خلال تطييب الخواطر.. ولا أحد يعرف ما الذى حدث.. ولماذا.. ومن المخطئ وعلى من تقع المسؤولية.. وتتعدد الكتابات وتعقد الندوات ويجتهد المجتهدون.. ثم يخمد كل شىء فى انتظار الواقعة الجديدة.. أى أن الواقعة التى جرت منذ ثلاثة أيام تاريخيا لا جديد فيها.
الجديد هو «الجغرافيا».. حيث انتقلت أحداث النزاع الدينى إلى غرب مصر المحروسة إلى مرسى مطروح بحصيلة أولية تقدر بثلاثين مصابا.
(3)
لقد ارتحنا كثيرا للتفسير الذى يقول بأن النزاع الدينى يكثر فى مناطق بعينها ولأسباب تفرضها طبيعة هذه المناطق، وتعددت الدراسات التى تصب فى هذا الاتجاه. ودعم هذه الفرضية تركز العمليات التى كانت تقوم بها مبكرا الجماعات الجهادية فى الصعيد.. ولكن مع مرور الوقت لم نلتفت إلى أن أحداث النزاع الدينى بدأت، وبصورة ناعمة، تمتد إلى كل بقعة من ربوع مصر، تقريبا، إلى العاصمة ومنطقة بحرى والإسكندرية وأخيرا مرسى مطروح.
إن هذا الامتداد الجغرافى للنزاع الدينى لهو أمر جدير بالتأمل والدراسة لأنه يتجاوز حصره فى مناطق محددة ولأسباب بعينها، وأن جغرافيا التوتر الدينى قد انتشرت فى جسم مصر أم الدنيا.. وباتت كل بقعة من بقاعها تجمع بين المواطنين المصريين من المسلمين والمسيحيين مشروعاً محتملاً للنزاع.
(4)
إن أهم ما يجب الانتباه إليه هو أن «الاستمرار التاريخى» للنزاع الدينى، قد أدى إلى «الانتشار الجغرافى» للنزاع.
وإن عدم قدرتنا على تجاوز النزاع الدينى تاريخيا جعلنا نتعايش معه.. الأمر الذى سمح مع مرور الوقت بأن يمتد النزاع جغرافيا إلى ربوع مصر.
(5)
إن النظرة التحليلية السريعة تقول إن مصر تواجه إشكالية حقيقية فى العلاقات الإسلامية المسيحية علينا أن نواجهها بكل أمانة.. ومن قبل كل الأطراف دون استثناء.. فلقد بات الحيز العام أو المجال العام (بلغة العلوم السياسية) والذى أعرفه بأنه «مكان لقاء المختلفين»، يضيق بمكوناته.. فبدلا من أن يتنافس المصريون فى المجال العام سياسيا ومدنيا لمواجهة القضايا والإشكاليات الجديرة بأن ينشغلوا بها معا من تغيير سياسى واقتصادى، والتعاطى مع الأزمات التى باتت مزمنة وتمثل تهديدا حقيقيا لمستقبل هذا الوطن: من تناقص للموارد المائية، ولمصادر الطاقة، والبطالة، والأمية، والزيادة السكانية، وضعف مستويات التعليم والصحة... إلخ.. نجد المصريين وقد أصبحوا يتنافسون على أساس دينى فى المجال العام.
(6)
ويبقى السؤال.. هل يمكن أن تواصل الجماعة الوطنية مسيرتها فى ظل نزاع دينى متكرر.. ألا تكفى أربعة عقود من النزاع المستمر، ألا يمكن أن نستهل العقد الخامس وقد تجاوزناه.. هناك الكثير من الأفكار والمقترحات التى كانت محل اجتهاد من الكثيرين بيد أن الأمر يحتاج بالإضافة إلى هذه الاجتهادات إلى نوع من المصارحة والمكاشفة لتجاوز «التكلس» الذى حدث على مدى عقود.. فلقد صارت هناك ثقافة «مانعة» ترى فى بناء الكنيسة أمرا غير مقبول.. كما صارت هناك ثقافة «متحفظة» من أن هناك ما يتهدد الإسلام.
إن قراءة بعض مما يتم تداوله فى الإعلام الإلكترونى لا يثير القلق فقط وإنما الخوف.. وهو ما يفسر لماذا بالرغم من مرورنا بكثير من النزاعات الدينية لا نستطيع أن نتجاوزها بل نجدها تنتشر جغرافيا..وهو ما يستدعى أن يتحمل كل طرف مسؤولياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.