متى ينصلح حالنا؟. بالتأكيد يشغل بالك هذا السؤال كثيرا، تردده لنفسك كلما اصطدمت بأحوالنا المقلوبة، أو حاولت أن تتحاشى الاصطدام بها، أو سألت الله أن يكفيك شر الاصطدام بها. قد يرى البعض أنه لن توجد أبدا إجابة محددة لهذا السؤال المركزى المصيرى الذى حارت البرية فيه، لكننى أحب أن أفاجئك بأننى أمتلك تلك الإجابة، ليست هذه جهالة منى أو محاولة لاستعراض عضلات فكرية متوهمة ولا حتى ادعاء بامتلاك الحقيقة، أنا أمتلك الإجابة، حتى اقرأ وشوف وحاسبنى بعد القراءة. سينصلح حالنا يا سيدى عندما تصحو يوما من النوم وتمضى سائر يومك وصولا إلى موعد نومك فى المساء دون أن تسمع الجمل الآتية: «بناء على توجيهات السيد الرئيس لقد أنعم الله على مصر برئيس عظيم وقائد حكيم، وقد تفقد سيادته موقع الحادث فى لمسة أبوية حانية بفضل السياسة الحكيمة التى ينتهجها السيد الرئيس حفظ الله لمصر رئيسها» وما إلى ذلك من العبارات التى تتردد فى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والمشمومة، تلك العبارات التى تشعر عندما تسمعها أن هذا الوطن متوقف وجودا وعدما وتعاسة وفرحا وعظمة وشقاء على شخص واحد، السعادة يصنعها هو والشقاء يمسحه هو والإنجازات نابعة منه والإخفاقات ليس مسؤولا عنها، كلامه حكمة وأحلامه أوامر وتوجيهاته حكيمة وقراراته تاريخية وزياراته حاسمة، يعدل الدستور وقتما يشاء ويضعه على الرف عندما يشاء، ليس من حق أحد أن يحاسبه أو يسأله عن قراراته أو يطلب فهمها، ليس من حق أحد أن يسأله عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، حاضر البلاد مرهون بإرادته ومستقبلها وقف على تفضيلاته واختياراته. أليس هذا واقعنا بالله عليك؟، ألسنا نعيش هذه الحالة المأساوية؟، فكيف إذن نطلب التقدم وننشده ونسعى إليه؟، وكيف سينصلح حالنا ونحن نعيش زمن حكم الفرد الذى لم يعد له مكان إلا فى أحط بقاع الأرض، وقريبا لن يعود له مكان حتى فى أحط بقاع الأرض؟ بالمناسبة مستعد لسحب كل كلامى هنا لو أتى لى أحد بسطر أو قصاصة ورق من أى صحيفة أو وسيلة إعلام فى أى دولة انصلح حالها فى الغرب والشرق، بها جملة من الجمل الآنفة و«المؤنفة». بالطبع لن يجد أحد كلاما من ذلك هناك على الإطلاق، ففى بلاد الله التى انصلح حالها لم يعد هناك رئيس ملهم ولا قائد تاريخى ولا زعيم أوتى الحكمة، الرؤساء بشر زائلون بالانتخابات وليس بعزرائيل، ولذلك فهم مخافة الزوال بالانتخابات، لابد أن يذاكروا دروسهم جيدا ويتحملوا مسؤولياتهم بشجاعة، ولابد أن يكون حولهم مستشارون لا يخافون من إطلاعهم على الحقيقة، ولا يختارون لهم من يقول لهم ما يريحهم، ولابد أن يحسبوا حساب شعوبهم جيدا فى كل قرار يتخذونه، ويشرحوا لها لماذا اتخذوا هذا القرار ولماذا انتهجوا تلك السياسة. ببساطة، الرؤساء هناك يعملون عند الشعوب، ولدينا الشعب يعمل عند الرئيس، لدرجة أنك تشعر عندما تقرأ للكثيرين من كتاب الصحف القومية أو عندما تتابع أداء الإعلام الرائد سابقا الشفاف حاليا أن أهله يتصورون أن المواطن لابد عندما يصحو من نومه صباحا أن يسجد لله شاكرا على أنه حباه برئيسه المحبوب التاريخى ولابد أن يسأل نفسه، وهو على سجادة الصلاة أو وهو يصلى قبل تناول طعام الإفطار: «يا ترى سيادة الرئيس مبسوط النهارده؟.. مزاجه حلو.. موده لطيف.. يومه عامل إزاى.. يا رب يكرمه ويرزقه برزقنا ويجعل استفتاحه لبن بإذن الله»، بينما الحقيقة أنه لا أحد يفعل ذلك حتى الذين مردوا على النفاق، فهم يصحون كأى إنسان طبيعى أو حتى شاذ، كل منهم يفكر فى حاله ومآله وكيف سيمضى يومه على خير وكيف سيسرق إذا كان حراميا فى موقع المسؤولية أو كيف سينجو من السرقة إذا كان مواطنا، كل إنسان منغمس فى مسؤولياته وهمومه ومشاكله، تماما كما ينبغى أن يكون الرئيس منغمسا فى مسؤولياته تجاه شعبه وحاملا لهمومهم ومشكلاتهم وأوجاعهم، وهو عندما يفعل ذلك ليس بحاجة لأن نشكره عليه آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذى يرضيه عنا. ونكمل غدا بإذن الله للتعليق والتواصل مع الكاتب [email protected]