هل أتاك حديث النساء المصريات فى يوم المرأة العالمى؟ أظن أنه لم يأت ولا سمع به أحد، ولا خطر على قلب بشر. حديث يقطر مرارة، ينزف من كرامتها، ينال من رفعتها، ويحط من شأنها، وينزلها أسفل سافلين، تحت أقدام الرجل، ينهرها، ينعتها بالفشل والرخاوة، يلومها ويعنفها، ويكسر ضلعاً من ضلوعها. ألسن من ضلع أعوج، يستأهلن كسر الأضلع وكسر النفوس. كيف يرتقين، كيف ينزلن منازل الرجال، كيف يتشبهن، لعنت المتشبهات من النساء بالرجال فى مجلس الدولة. فهل أتاك حديث النساء؟ ستفخر المرأة المصرية فى يومها هذا بأن الجمعية العمومية لمجلس الدولة رفضت بإجماع 317 رجلا من 319 رجلا أن تدخل النساء مجلس الدولة، ستفخر بأن الرفض تكرر مرتين، وأنه فى ازدياد محموم. فهل أتاك حديث النساء؟ المرأة المصرية زرعت كالرجل وصنعت وعلمت وكافحت وربت أجيالا من الرجال الذين يرفضون. المرأة صارت سفيرة ونائبة ووزيرة، ثم ينكرون عليها حقها فى القضاء بحجة أنها كائن رخو ضعيف الفؤاد مرهف الحس، لا يملك إرادته. فهل أتاك حديث النساء؟ المرأة المصرية كافحت لتنتزع حقها فى التعليم فى القرن التاسع عشر ونجحت، وحُسم الأمر لصالحها، ولم يعد يجادل فيه مجادل، وكافحت، ثم نالت الترقى فى الوظائف السياسية والبرلمانية ووصلت إلى حافة أُمنية المساواة فى الستينيات وحُسم الأمر، ثم عاد المنادى ينادى قبل عقود ثلاثة بأن المرأة عورة ومكانها البيت، وإن خرجت فتحت النقاب، وفى نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين ينادى المنادى بأن عملها فى القضاء لا يصح ولا يجوز ولا يستقيم، الاستقامة رجل. فهل أتاك حديث النساء؟ يحتفلون بعد أيام بعيد الأم، نفر من رجالنا ينسون أن هذه الأم التى يقدمون لها الورود والهدايا ويغنون لها «ست الحبايب يا حبيبة» ليست سوى امرأة، هم ينكرون إذن على هذه الأم (المرأة) أنها صارت اليوم عاملة، وعالمة، ثم يكرمونها كأم فقط، كحاضنة، مرضعة، مربية، تطبطب وتدلع، يا ويل الأم من عقوق الأبناء! فهل أتاك حديث النساء؟ فإن أتاك حديث النساء فى يومها العالمى لجاءك ممرورا بالشجن، وبآهات الألم من التنكر لدورها، ولجاءتك شكاية المرأة من أن فرصها تهدر، وأن هناك (طابورا خامسا) يدعى التحضر وهو فى داخله يخفى للمرأة نفس نوايا سى السيد، الفارق أن سى السيد كان كذوباً لكن كان ذكورا، فهو كان يعتدى على حقوق «أمينة» جهارا نهارا، يسومها سوء العذاب، وينكر عليها كل ما لها، ويمنعها من زيارة سيدنا الحسين (رضى الله عنه وأرضاه)، كان رجلا، لا يكذب ولا يتجمل فى ياقات أنيقة، ولم يدع الحصانة والقدسية.. وهم يدعون، لم يدع لنفسه ثقافة ولا تحضراً.. وهم يدعون، ثم على ادعائهم ينقلبون متى سنحت لهم فرصة للغدر بحق (نصف المجتمع) فى أن ينال فرصته. هل أتاك حديث النساء؟ جاء عليهم وعلينا عيد وما هو بعيد، بأى حال عدت يا عيد.. عاد والمرأة تكافح من جديد لنيل حقوق حسمت لها منذ عقود، وكأن على المرأة المصرية أن تكون فى صدارة من يدفعون فاتورة الظلام الذى يغشى المدينة، ظلام ظلام ظلام.. وفى الظلام تُسلب الحقوق.. مَن يرد الحقوق، من ينير الطرقات؟! ظلامنا قُدَّ من صخر قاس.