لو كان الفقر رجلاً لقتلته، قالها الإمام على أبن أبى طالب.. حقاً نحن لا نريد أن يكون فى المجتمع بل فى العالم كله فقراء بالمعنى الحقيقى للفقر ولكن من المؤكد أيضاً أننا لا نريد كل البشر أغنياء نحن فقط نريد الستر، أن نحيا حياة آدمية تتفق مع صفاتنا الإنسانية التى كرمنا الله بها، نريد ألا نتحول إلى مجرد كائنات حية تستيقظ فى الصباح لتبحث عما يسد جوعها وتجوب الشوارع لتجد مكاناً تبيت فيه ليلاً، أن المجتمعات فى العالم كله قائمة على ما يسمى بالطبقة المتوسطة التى تخطت حدود الفقر والإحتياج ولكنها لم تصل بعد الى حد الترف والبذخ، وفى الغالب هذه الطبقة هى التى تفرز الكوادر النابغة فى كل المجالات وبالتالى فهى التى تستطيع أن تنهض بالأمة وهذا شىء منطقى للغاية، فالفقراء منشغلون فى البحث عن إحتياجاتهم الأساسية ،والأغنياء يتنعمون بما لديهم وفى الغالب هم لم يشعروا بالحرمان الحقيقى وليس لديهم إستعداد للتفكير فى هموم الآخرين وبالتالى فهم غير مؤهلين لحمل المسؤليات الكبرى، الغنى والفقر يورثان فساداً، ولكى لا نظلم أحداً فلقد وجدنا على مر العصور العديد من العظماء كانوا أفقر الفقراء وأستطاعوا بالإرادة والعزيمة أن يقهروا الفقر ويتركوا بصماتهم على صفحات التاريخ كما وجدنا أيضاً من كانوا أغنياء وأستطاعوا أن يستغلوا ما لديهم فى خدمة مجتمعاتهم، ولكن فى العصر الحديث نجد أن هؤلاء قلة نادرة، وبالنظر إلى أحوال مصر الآن دعونى أتساءل هل أصبحت مصر دولة الفقراء؟ قد تكون الاجابة "لا" نحن لسنا فقراء نحن نمتلك العديد من المدن الجديدة والمنتجعات السياحية التى تباع فيها الفيلات بالملايين وإعلامنا ينفق مليارات على البرامج والمسلسلات وكرة القدم، كما أننا ننفق ملايين يومياً على التليفون المحمول، إذن فنحن أغنياء، ولكن أيضاً قد تكون الإجابة "نعم" نحن أصبحنا فقراء، فى كل يوم يزداد أطفال الشوارع والمتسولون ويزداد ساكنى العشوائيات والمقابر ويزداد عدد المرضى نتيجة سوء التغذية وسوء الرعاية الصحية، ويتكدس مئات المواطنون فى المواصلات العامة، كما أصبحت الدول الغنية تستغل فقرنا فهناك من يأتى إلينا من الخارج ليشترى كلية فقير بعشرة الآف جنيه، وهناك من يأتى ليتزوج فتاة فقيرة لمدة شهر بعشرين ألف جنيه ..، والسؤال الأهم فى هذا الموضوع أين الطبقة المتوسطة؟ هل أختفت تماماً أم مازلت تحارب للإبقاء على هويتها ؟ هل هناك من كان فى الماضى يشعر بالرضا ولكنه أصبح الآن لا يستطيع أن يلبى إحتياجاته الأساسية؟...أحياناً أنظر إلى حالتى هل مازلت أنا وعائلتى من الطبقة المتوسطة أم أننا أصبحنا ونحن 5 أفراد فى عداد الفقراء ؟ هل حينما يتقاضى أبى المهندس بالمعاش معاشاً لا يتعدى الألف جنيه ينفقه بالكاد على الطعام والشراب والفواتير إلى غير ذلك من الإحتياجات الأساسية بحيث لا يستطيع أن يتحمل عبئاً إضافياً هل هو بذلك يصبح فقيراً ؟ حين أنظر لنفسى أنا شخصياً وأنا لازلت فى بداية عملى كطبيبة أشعر بالخوف هل سأستطيع أن أحقق أحلامى وأرتقى بمستواى براتبى الضئيل ؟ أم أن على أن أكتفى بسد إحتياجاتى الأساسية فقط ؟ أعتقد أن ثقافة الإدخار للمستقبل لم تعد واردة (اللى جاى على اد اللى رايح) وهل سأظل طبقة متوسطة أم أنه من المحتمل أن أجد نفسى بعد سنوات قليلة من الفقراء حيث لا أجد على الأقل ما يكفينى للحفاظ علي ماء وجهى ؟ هل من الممكن ان يصبح الأطباء فقراء؟؟؟