إصرار جماعة الإخوان المسلمين على رفع شعار «الإسلام هو الحل» فى دوائر مرشحيها فى انتخابات البرلمان المقبلة، يمثل استهانة بالغة بالدولة، كدولة، واعتداء صارخاً على الدستور الذى ينص فى مادته الأولى على أن: جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة. وليس هناك معنى لكلمة «المواطنة» هذه إلا أن المواطنين جميعاً، دون استثناء، إنما هم سواء أمام القانون، فى حقوقهم وواجباتهم، وهو معنى لا يجوز معه أبداً أن يرفع أى مواطن شعاراً فى أى مكان على أرض الدولة، يميزه عن غيره على أساس الدين. ولا نريد أن نسأل عن معنى هذا الشعار المخادع الفضفاض، الذى إن دل على شىء فإنما يدل على أن الجماعة لاتزال تصمم على اللعب بمشاعر البسطاء، دون أن تقول لهؤلاء البسطاء أنفسهم، ما الذى ساهم به هذا الشعار فى حله من مشاكل المصريين المتراكمة كالجبال، طوال دورة برلمانية مضت، بعد أن كان نواب الجماعة ال88 قد رفعوه فى انتخابات 2005، ليتمكنوا به من حل مشاكل الناس، إذا عبروا من خلال الشعار إلى البرلمان، فإذا نحن بعد السنوات الخمس فى أماكننا، وإذا بالشعار يرتفع من جديد، وإذا بأصحاب النوايا الطيبة، من الناخبين، يكادون يصدقون أن رافعى الشعار جادون فى أى شىء! قلنا من قبل، وسوف نظل نقول، إننا لا نشك أبداً فى وطنية الإخوان، لأن وطنية أى مصرى ليست محل شك مطلقاً، إلى أن يثبت العكس، ولكننا فى المقابل نشك فى نواياهم من وراء رفع شعار من هذا النوع، الذى يمثل خلطاً فاحشاً بين الدين والسياسة، بما يؤدى فى كل الحالات إلى إفساد الاثنين معاً. وإلا.. فإن الذين يصممون على رفع الشعار لم يقولوا لنا كيف يمكن - من خلاله - مواجهة بلايا مستعصية علينا، لا نعرف لها حلاً، من أول تردى مستوى التعليم فى مدارسنا وجامعاتنا، ومروراً بتدهور أحوال المستشفيات العامة، وانتهاء بسوء حال المرور فى البلد.. وغيرها.. وغيرها. كيف يمكن لشعار براق كهذا، أن يتعامل مع أزمات معقدة من هذه النوعية، وبأى وسيلة على وجه التحديد؟! وإذا كنا نحن، ومعنا العالم كله، رافضين تماماً لشعار الدولة اليهودية الذى ترفعه «إسرائيل» من وقت لآخر بما يستفز مشاعر كل إنسان، فكيف يمكن أن نرتكب الجريمة نفسها، من جانبنا، على نحو مختلف؟! وإذا كانت اللجنة العليا للانتخابات قد أعلنت مسبقاً أن رفع لافتات تحمل الشعار، مسألة مرفوضة، فقرار اللجنة بإزالة اللافتة فى حالة كهذه، لا يكفى، وإنما يجب شطب المرشح ذاته، على الفور، لأنه - بشعاره - لا يتلاعب بعواطف أبناء دائرته، بقدر ما يعبث بمصير وطن!