لماذا يحب الشخص وطنه ؟ سؤال يراودني منذ فترة، فما هو ذلك الشيء الذي يدفعني إلى الأستمرار في حب بلدي مهما كان حالها وكيفما كانت أوضاعها ؟ .. بالتأكيد ما يدفعنا إلى حب أوطاننا هو ليس مباريات كرة القدم أو الأغاني الوطنية أو الأعلام المستوردة من الصين فعلى حد علمي أن مفهوم الوطن أوسع وأشمل من علم وكرة هواء وأغنية وطنية .. وكذلك ما يدفعنا إلى حب وطننا ليس بالتأكيد سبب من أسباب الرفاهية والعيش الكريم الذي نلاقيه .. فالتعليم رديء والصحة خربانة والرشاوي والواسطة تعم البلاد والفساد متفشي في كل مكان، ولكنني أستطعت ان أتوصل الى سبب مقنع .. ببساطة حبنا لمصر يرجع لكوننا مصريين و ليس شيء آخر ! نعم صفات المواطن المصري هي التي تجعله يتحمل كل شيء في وطنه وكل ما يشاهده أمامه ويبحث عن شيء يجعله يستمر في حب مصر والإنتماء لها حتى وأن كانت أغنية أو كرة قدم أو أي شيء قد يمنح المصري شعوراً طيباً تجاه وطنه وينسيه في لحظة كل مشاكله و يصرف نظره عن كل سلبياته، وبالتأكيد السبب الأول هو عاطفيتنا كشعب ! منذ فترة كنت أشاهد أحد البرامج التليفيزيونية الأجنبية وكانوا يتحدثون عن أسعد دول العالم و كانت الدنمارك و دول أخرى في صدارة قائمة أسعد دول العالم و عندما ذهبوا إلى هناك للحديث مع الناس هناك كانت تبدو عليهم بالفعل مظاهر السعادة والرفاهية ولكن الشيء الذي جعل المذيعة تستغرب كان هو دفع هؤلاء المواطنين ضرائب مرتفعة جداً سنوياً قد تصل الى 60% من إجمالي دخل الفرد وعلى الرغم من ذلك أبدو جميعاً الرضا والسعادة .. ودعوني هنا أتوقف قليلاً عند هذه الدول فهذه الدول ليست دول زراعية و لا تمتلك أطول نهر في العالم و لا تقع في موقع متميز من العالم و لا تطل على بحرين بينهما ممر بحري من أهم الممرات البحرية في العالم كما لا تمتلك غازاً طبيعياً أو أي مصادر النفط و ليست من الدول الصناعية الضخمة هذا فقط ما احببت ايصاله للقاريء .. و دعونا نعود إلى رضاهم رغم ما يدفعونه من ضرائب فبمنتهى البساطة المواطن من هؤلاء يعلم تمام العلم أن كل مليم يدفعه يذهب أولاً و أخيراً لمصلحته ففي المقابل يحصل على تعليم له ولأولاده بجودة مرتفعة جداً ومجاني 100% و يحصل على علاج جيد جداً في مسشتفيات رائعة و كانت جملة أحدهم ” اذا كان لديك صحة جيدة و تعليم جيد فماذا ينقصك بعد ذلك ؟ “. ببساطة أن حب المصري لوطنه ونظرته له تختلف عن نظرة هذه الشعوب، المصري يحب وطنه للمعنويات وليس الماديات .. بمعنى آخر المصري يحب مصر لأسباب مثل الحضارة والتاريخ والإنتصارات و يستمر في حبه حتى ولو لم يقدم له الوطن شيء وهذا شيء غريزي في المصريين جميعاً وهو ليس عيباً بقدر ما هو شيء جيد ولكن أن تم توظيفه بشكل صحيح ! أن أكثر ما أكرهه هو أن يدفعنا هذا الحب إلى تناسي و تجاهل سلبياتنا العديدة والتي لا تعد ولا تحصى، في الوقت الذي يجب أن يكون هذا الحب الذي نمتلكه تجاه مصر هو الدافع الأول والأقوى لنكون أفضل بكثير، فقط نحتاج لتوجيه هذا الحب في مكانه الصحيح. أخيراً ، أنا لا يهمني الأحوال السياسية للوطن في الداخل بقدر ما يهمني أن أتلقى كمواطن عيشاً رغداً هنياً كريماً .. لا يهمني أن يكون لدينا 100 حزب تتنافس على السلطة ومجلس الشعب ولا يهمني ملة المسئول بقدر ما يهمني عمله .. فقط أريد علاجاً جيداً ورزقاً جيداً وتعليماً جيداً ومناخاً مناسباً لأعيش مرتاح البال .. أعتقد أن حبنا الزائد لمصر في ذلك الوقت قادر على فعل المستحيل ! .. بالطبع لن نجد كمصريين العيش الكريم أو الرزق الجيد والتعليم المجاني الجيد وكل أساسيات الحياة هذه إلا إذا أتجهت الدولة للإصلاح السياسي أولاً، عندها سيحدث كل ذلك ولكنني لن أشغل بالي وقتئذ بالسياسة وهذا الصداع الأزلي ولن أهتم بأي شيء يحدث في السلطات، سأتفرغ لأعيش حياة هادئة جداً وأستمتع بها قدر الإمكان و سأحب مصر أكثر وأكثر، يمكنك أن تسميه الحلم المصري على وزن الحلم الأمريكي ! دمتم في أمان الله.