كل الشكر لقرار المحكمة الجنائية الدولية، بتوقيف عمر البشير على ما تم ارتكابه من جرائم حرب، ومعاقبة الحكومة السودانية على قمع وكالات المعونة الغربية، التى تم طردها من دارفور، لتصبح المسألة إطعام ما يقرب 4.7 مليون من الشعب عانوا من مشروع البشير للإبادة الجماعية، لتغيير ديموجرافية المنطقة من خلال القضاء على القبائل الأفريقية فضلاً عن الاتفاق على الإبادة الجماعية. فجميع الحكومات فى جميع أنحاء العالم وافقت على أن ما حدث يعد إبادة جماعية، إلا أن المحكمة كان قرارها مختلفاً، ففى عام 2005 أعلنت الأممالمتحدة أن أزمة دارفور جريمة ضد الإنسانية، وتم إلقاء المسؤولية على رجال الأعمال ممن ارتكبوا جرائم القتل. إن المحنة الحالية فى السودان هى غلطة الغرب، فنحن وضعنا الاتفاقية، وضغطنا على العالم، إلا أن الاستمرار فى الضغط بكثير من العند واللامبالاة أدى إلى وفاة الملايين، وفشلنا فى الدعوة إلى منع ومعاقبة المجرمين والتى لم تمنع شيئاً، لنحصد الآن ثمن فشلنا. إلا أن المحنة ليست خطأ الغرب فقط، فالدول العربية والأفريقية غارقة منذ فترة طويلة فى العبارات الرنانة، ولم تحرك ساكنا إلا على استحياء فيما يتعلق بتنسيق العمل مع جميع الجبهات الموجودة فى المعركة، ما بين ممثلى الحكم، ومن يريدون العودة إلى خلافة القرون الوسطى. فلا يمكن إنكار أن الكثير من الجماعات المتمردة فى الدول الآسيوية والأفريقية فى العالم تتم حمايتها فى كل يوم من قبل القوات الأمريكية والبريطانية للحفاظ على مصالحها، وإن كانت تدعى هذه القوات أنها حيادية وليست طرفاً فى الأمر، فلقد شاهد العالم ما حدث فى الهند وجَعْلها مسرحاً للقتل والدمار، فضلاً عن ضحايا الإرهاب فى آسيا التى تقطنها غالبية إسلامية، فدائماً تتم التضحية بأعداد من القتلى دون محاسبة المسؤول عن ذلك. مازلت أجادل حتى الآن بأنه ليست هناك هيكلة محددة للقانون الدولى، والمنظمات الدولية على خطأ، خاصة إذا كانت التضحية بأبناء دارفور وعمال الإغاثة هى ثمن تنفيذ توقيف البشير، فالحقيقة المرة السائدة «أن ذلك هو أفضل ما يمكن حدوثه»، فإذا لم تتم إعادة تعريف السيادة بشكل واضح فلن يحدث أى تطور على الإطلاق، مما يدفعنا جميعا للعمل على تحسن النظام ككل وأن يتم ذلك من خلال القانون. ولنفكر لحظات فى عواقب السماح بأن تكون الكلمة الأخيرة فى موضوع دارفور للأمم المتحدة فى عام 2005، فإذا كان مايكل وايت على صواب باقتراحه بتوقيف المحكمة الجنائية الدولية للبشير فإنه أمر يبعث على الأمل، فإذا لم نحاول أن نوقف الأشخاص الذين يتشابهون مع البشير فى مسؤوليتهم عن ارتكاب جرائم حرب، فبذلك نعود إلى ما قبل الحرب الباردة عام 1991 حيث العالم كانت تحكمه قوة واحدة. فلولا أن القرار كان له صدى على طريق كان يجب ألا يتم الأخذ به فإننى أرى أنه يجب الوقوف معا ضد القرار حتى وإن كان خطأ، أنا أعتقد أن الاتهام كان ينبغى أن يتم توجيهه لكل من قاموا بعمليات الإبادة الجماعية، وغيرهم ممن يتم النظر إليهم على أنهم دخلوا فى مواجهة مع حركة التمرد من جانب الانفصاليين فى دارفور. أى خطأ يمكننا أن نجده، فنحن بحاجة لأن نتفق على أن تلك الأشياء الفظيعة التى حدثت منذ عام 2004، وتم تقديم المسؤولين للمحاسبة عليها، لابد أن تكون هناك تكلفة ثابتة مرتبطة بقتل الملايين عليها، وإلا سيتحول القرن الحادى والعشرون، القرن الثانى فى التميز بالإبادة الجماعية المصدر: «جارديان» البريطانية ترجمة: عُلا عبدالله