دعا الرئيس حسنى مبارك إلى ضرورة تجديد الفكر والخطاب الإسلامى بما يلائم التطورات التى تحدث يوماً بعد الآخر على مستوى العالم، مشدداً على أنه «لا مكان فى عالم اليوم للمنعزلين المتقوقعين على ذاتهم». وقال مبارك - فى كلمته أمس فى افتتاح فعاليات المؤتمر الإسلامى الدولى للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية -: «مشكلة الإسلام اليوم ليست فى خصومه، لأننا نعرفهم جيداً، وإنما فى بعض أبنائه الذين يحيدون عن جوهر الدين ويدخلون بالمسلمين إلى دروب تؤدى إلى التطرف والتشدد، رغم أن طريق الإسلام واضح لا عوج فيه وهو الطريق المستقيم». وأشار مبارك – فى الكلمة التى ألقاها نيابة عنه الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء - إلى أن وسطية واعتدال الشريعة الإسلامية جعلتها تتجاوب دائماً مع الناس فى كل زمان ومكان، لأن الإسلام بطبيعته يلتصق مع فطرة الإنسان والحياة، لذلك فهو يشجع على التجديد ويدعو إليه ويرفض الانعزال والتقوقع على الذات. وأوضح مبارك أن الأمم الواعية «تراجع مواقفها باستمرار»، وتسعى لتجديد ثقافتها وحضارتها لتواكب التطورات المتلاحقة فى العالم. وقال: «لابد من تمكين العقل من أخذ دوره كاملاً لتحقيق التقدم، أما الانشغال بقضايا هامشية فيشتت جهود الأمة، لذلك نجد أنه لا سبيل أمامنا لتحقيق التقدم سوى بتوحيد جهود علماء الأمة حتى تحتل الأمة الإسلامية مكانها اللائق بها». وأكد الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر، فى كلمته، أن الإسلام يدعو دائماً إلى التجديد بمختلف أشكاله وألوانه بما فى ذلك «التجديد الدنيوى»، الذى يخدم الإنسان بما أحل الله تعالى، لأن المولى عز وجل أمر نبيه أن يسأله مزيداً من العلم: (وقل رب زدنى علماً)». وأشار طنطاوى إلى أن تجديد الفكر الإسلامى «لا يتعارض مطلقاً» مع الأسس والثوابت التى يقوم عليها الإسلام، إضافة إلى أن جميع الشرائع السماوية تدعو إلى العلم والحق وترفض الجهل والباطل. وقال الدكتور محمد حمدى زقزوق، وزير الأوقاف: «إن محاولات العلماء المسلمين على مر التاريخ لتجديد الفكر الإسلامى لا تعنى أن يقتصر التجديد على الجوانب الدينية فقط، وإنما أن يشمل كل جوانب الحياة لأن الإسلام دين للحياة بجميع أبعادها». وأضاف: «نحن ندرك تماماً الظروف والمتغيرات الدولية التى تحيط بعالمنا الإسلامى، مما يفرض علينا ضرورة إعادة النظر فى الكثير من الأمور التى رانت على أمتنا الإسلامية فعطّلت مسيرتها وجعلتها تتخلف عن الركب الحضارى للعالم المعاصر». وأشار زقزوق إلى أنه إذا كانت الحضارة الإسلامية قد أصابها التراجع منذ فترة طويلة، فليس معنى ذلك أنها انهارت تماماً، فلاتزال هناك عناصر مهمة ومقومات أساسية يمكن البناء عليها لتجديد الحضارة وتنقيتها بما يتلاءم مع معطيات العصر. وأكد زقزوق أن تجديد الفكر الإسلامى أصبح «ضرورة حياتية ملحة» لم تعد تحتمل التأخير، لأننا لا نستطيع بأى حال من الأحوال أن ننعزل عن العالم المحيط بنا أو المتغيرات اليومية مع مختلف المجالات. وفى كلمته التى ألقاها نيابة عن الوفود المشاركة فى المؤتمر، أوضح الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى الدكتور أكمل الدين إحسان أوجلى، أن العالم الإسلامى يحتاج اليوم لحسن التوجيه للاتجاه الصحيح لمواجهة سموم المعادين للإسلام، مشيراً إلى أن بقاء الدين يكمن فى تجاربه، مع التطور الدائم وإحياء علوم الدين، وينبغى ألا يقوم بذلك سوى العلماء الثقات الذين لهم معرفة واسعة بعلوم العقل ورسالة الإسلام. وقال البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية: «إن التجديد فى الفكر الإسلامى مستمر منذ فجر الإسلام وحتى قيام الساعة، لأن موضوع المؤتمر ليس جديداً على الإسلام، الذى يعد سلسلة دائمة من تجديد الفكر والحياة بمختلف أبعادها ومجالاتها». وأشار شنودة إلى أن الإسلام يواكب العصر دائماً، وأن ذلك شمل المرأة على مر العصور، فأصبحت اليوم – حسب قوله - تحتل المناصب المرموقة بما فيها الوزارة والقضاء، كما تطور الإسلام سياسياً ليواكب روح العصر. إلى ذلك يشارك فى فعاليات المؤتمر الإسلامى الدولى 300 عالم ومفكر ووزير ومفتٍ من 95 دولة ومنظمة على مستوى العالم وتستمر فعالياته لمدة أربعة أيام، وقد لفت انتباه جميع المشاركين فى المؤتمر تغيب إيران عن المشاركة فى فعاليات المؤتمر، رغم مشاركتها على مدى السنوات الماضية، ورغم توجيه وزارة الأوقاف الدعوة الرسمية إليها للمشاركة إلا أنها «لم ترد» على موقفها من الدعوة.