ابتسم.. أنت فى المنوفية

رغم أن مدينة «السادات»، التابعة لمحافظة المنوفية، مساحتها 500 كم2 أو 130 ألف فدان، وبذلك تساوى مساحة مدينة «سيول» عاصمة كوريا الجنوبية، وضعف مساحة قطاع غزة إلا قليلاً، ورغم أنها كانت باكورة المدن الجديدة التى أنشئت فى السبعينيات، وكان مخططاً لها أن تكون العاصمة الإدارية لمصر، تنتقل إليها معظم الوزارات للتخفيف عن القاهرة.
ورغم موقعها الجغرافى فى منتصف المسافة بين أهم مدينتين وبين الدلتا أيضاً (ساعة زمن للقاهرة أو الإسكندرية أو وسط الدلتا)، ورغم أنها المدينة الجديدة الوحيدة التى «تعوم» على كنز من المياه الجوفية المتجددة والمنافسة لجودة مياه النيل، ورغم «جودة» هوائها النظيف وطقسها العليل، فإن اسمها «السادات».. والسادات قد مات، إذن يجب «دفن» مخططاته وتصوراته معه!
فكهنة النظام التالى، مع المنافقين والموالسين، جاهزون دائماً ليهتفوا «عاش الملك.. مات الملك».. نزعوا «صور» البطل الراحل وطمسوا اسمه، وباعوا واجهة المدينة على الطريق الصحراوى لمصلحة السجون كى تبنى الواجهة «بليمانات» لتسمى هذه السجون «سجون السادات» لتشويه اسم الرجل!!
وظلت هذه «المدينة» نسياً منسياً لأكثر من 30 سنة، والناس «تَرسَّخ» فى وجدانها أنها مدينة مغضوب عليها، وليس هناك أمل فيها، فسموها «مدينة الأشباح»، والمدينة «التى ينعق فيها البوم».
وبعد أن اكتظت باقى المدن الجديدة «الشقيقة سابقاً» كالعاشر، وأكتوبر، ولم يعد هناك شبر واحد لإقامة مصانع جديدة، فاجأ الرئيس «مبارك» كل الناس بزيارة لهذه المدينة «اللقيطة» فى 2008، ليكتشف المسؤولون والناس معاً أن مدينة «السادات» ليس مغضوباً عليها ولا حاجة!!
ومنذ زيارة «مبارك» فى العام الماضى، وما سبقها من زيارات تحضيرية لوزير الإسكان ومحافظ الإقليم، الآن هناك 500 مصنع تحت الإنشاء، وهو ما يعادل، بل أكثر مما تم إنشاؤه خلال 35 عاماً (450 مصنعاً)، وعادت الحياة من جديد، وافتتحوا «المستشفى» الذى ظل مغلقاً منذ ربع قرن، وتم اختيار شخصين على أعلى مستوى من حرفية الإدارة ليترأسا جهاز المدينة هما المهندس مجدى فرحات سابقاً، وحالياً المهندس «محمد نبيه عبدالموجود»، الذى لا يكل ولا يمل ولا يهدأ لينطلق بالمدينة إلى آفاق لم يكن أحد يحلم بها!
فماذا حدث؟
زيارة لرئيس الجمهورية.. وتعيين محافظ للمنوفية لواء مهندس سامى عمارة (تشابه أسماء).. لواء منضبط.. ومهندس محترف.. لديه خبرة طويلة فى إدارة المشروعات، ومؤمن بالتخطيط المتكامل قبل التنفيذ، ولديه «رؤية» لمستقبل هذه المدينة التى يعيش فيها الآن 150 ألف نسمة، ولكن مخطط لها أن تستوعب «مليوناً ونصف المليون» مواطن!
الحمد لله.. أن هذه المدينة «أُهمِلَتْ» ولم تتحول إلى «عشوائيات» فى ظل الإهمال، فما زال هناك 65٪ من مساحتها «بِكْراً»، صحراء لم يمسسها بشر، وحولها حزام أخضر كامل ومنزرع على مساحة 33 ألف فدان يعمل بكفاءة لتملك المدينة «رئة» ومتنفساً بجانب المساحات الهائلة من الحدائق، والمزارع المحيطة من كل اتجاه!
وبعد زيارة الرئيس فى العام الماضى، وباختيار «محافظ» مهندس يفهم فى التخطيط العمرانى يتم الآن:
1- إنشاء سكة حديد تربط المدينة بخط سكة حديد مصر عن طريق «منوف»، وبالتالى يستطيع أى مواطن من أى مكان بمصر أن يصل إليها عبر السكك الحديدية.
2- الطريق الدائرى الإقليمى، الذى بدأ العمل فيه من مدينة «بدر» على طريق السويس وبعد القاهرة الجديدة، ومدينتى، ليمر بالعاشر، ثم بلبيس، فالباجور، لينتهى بالطريق الصحراوى عند مدينة السادات.
3- إنشاء مدينة أوليمبية رياضية بمواصفات وشروط المدن الأوليمبية العالمية.
4- بمواجهة مدينة «السادات» وأمامها مباشرة يتم التخطيط لأول مدينة «مليونية» جديدة، تبدأ من مزارع «دينا» وحتى «الرست هاوس» ليصبح هناك مدينتان مليونيتان يتوسطهما «مطار» دولى يخدم هذه الكثافة السكانية، ولنقل المنتجات الزراعية، حيث أصبح الطريق الصحراوى يمثل الآن أكثر من نصف صادرات مصر من الفواكه والخضروات.
وأخيراً.. هذه شهادة حق، ومن واجبى أن أنقل للجميع «الصورة الحقيقية» لما وصل إليه «ربع الكوب المملوء»، ويستطيع أى واحد أن يتوقف الآن ليرى بنفسه ما يحدث فى هذه المدينة التى تفوقت على كل المدن الجديدة فى مصر فى مشروع «ابنى بيتك» لتصل إلى أعلى نسبة «مبانى» على وشك التشطيبات، ليتملك 5 آلاف شاب بيت المستقبل ويحقق حلمه!
فى السابق كنت أستلقى على قفاى من الضحك عندما كنت أقرأ يافطة معلقة عند مدخل المدينة تقول: «ابتسم.. أنت فى المنوفية!!»، وكنت أتصور أشياء كثيرة مضحكة، اليوم وبالفم المليان أطالب رئيس الجهاز والمحافظ بتعليق عشر يُفط فى كل مداخل المدينة، لنبتسم حقيقة وبلا تريقة أو استخفاف.
french_group@hotmail