رغم الشهرة الكبيرة التى يحظى بها المهاجم الإسبانى راؤول جونزاليس نجم فريق ريال مدريد الإسبانى لكرة القدم، لم تكن هذه الشهرة أبدا نتيجة إحدى المهارات الفنية التى يمتلكها اللاعب وإنما كانت دائماً لمهاراته الذهنية وكذلك شخصيته التى تجعله دائماً قريباً من الجميع. لم يتردد فى أى وقت مضى أن راؤول يمتلك مهارة فنية خاصة تميزه عن باقى المهاجمين فى العالم فهو لا يتميز بسرعة فائقة ولا يختلف كثيراً عن العديد من المهاجمين فى إجادة ألعاب الهواء كما يتشابه مع الكثيرين فى قوة تسديداته على مرمى المنافسين. لكن المهارات الذهنية التى يتمتع بها راؤول كانت السبب دائماً فى شهرته فهو «يشم» دائماً مكمن الخطورة ويتواجد فى المكان والزمان المناسبين أمام مرمى الفريق المنافس ليقتنص الأهداف لفريقه حتى من أصعب الزوايا ومن أصعب الكرات. وجاءت مباراة ريال مدريد مع مضيفه سبورتنج خيخون الأسبوع الماضى لتشهد اثنتين من أسعد اللحظات فى مسيرة راؤول الكروية، حيث سجل هدفين فى المباراة ليحطم بهما الرقم القياسى لعدد الأهداف التى يسجلها أى لاعب مع فريق ريال مدريد. وسجل راؤول الهدف الأول بعد 15 دقيقة فقط من بداية المباراة، حيث مرر زميله المدافع سرخيو راموس الكرة من الناحية اليمنى وكان راؤول مثل أعظم الهدافين فى تاريخ اللعبة منتظراً ومترقباً فى المكان الصحيح وفى التوقيت السليم ليقابل الكرة العرضية بتسديدة مباشرة بقدمه اليسرى فى شباك إيناكى لافوينتى. وافتتح راؤول بهذا الهدف التسجيل لفريقه فى المباراة كما كان هذا الهدف رقم 308 له مع ريال مدريد، ومن ثم حطم الرقم القياسى المسجل باسم دى ستيفانو وهو 307 أهداف. وقبل 13 دقيقة فقط من نهاية المباراة سجل راؤول هدفه الثانى وهو الرابع للفريق فى هذه المباراة، التى انتهت لصالح ريال مدريد 4/صفر، بينما كان الهدف رقم 309 لراؤول فى مسيرته مع الفريق، وجاء الهدف إثر متابعة جيدة لراؤول بعدما تصدى لافوينتى لتسديدة جونزالو هيجوين لترتد الكرة إلى راؤول الذى وضعها فى شباك خيخون. وسجل الأسطورة الأرجنتينى دى ستيفانو 307 أهداف لريال مدريد فى الفترة من 1953 إلى 1964 وهى الفترة التى قاد فيها الفريق لإحراز اللقب الأوروبى ست مرات. بينما نجح راؤول فى تحطيم رقم دى ستيفانو فى عدد الأهداف، ووصل رصيده إلى 309 أهداف علما،ً بأنه لعب للنادى فترة أطول من تلك التى لعبها دى ستيفانو فى صفوف الفريق حيث بدأ راؤول مشاركاته مع ريال مدريد فى عام 1994، ولكن ذلك لا يقلل من حجم إنجازه. وقال راؤول «31 عاماً» بعد مباراة خيخون «إنه يوم جيد بالنسبة لى». ولكنه سارع كالمعتاد إلى تقديم أهميه إنجاز الفريق على إنجازاته الشخصية قائلاً «ولكن الأكثر أهمية بالفعل ليس هذا الرقم القياسى وإنما مواصلة الفريق انتصاراته». مما يميز راؤول أيضاً عن باقى المهاجمين أنه كرس مسيرته الرياضية لفريق واحد ليشد بذلك عن القاعدة المتبعة لدى معظم النجوم فقد رفض راؤول أن ينساق وراء العروض المغرية وفضل البقاء فى صفوف ريال مدريد على عكس ما يفعله باقى النجوم الكبار بالسعى وراء الانتقال للأندية الأخرى إذا حصلوا على المقابل المادى المغرى. وأوضح راؤول أنه لم يفكر أبداً في ترك ريال مدريد أو استاد «سانتياجو برنابيو» معقل الفريق رغم أنه تلقى العديد من العروض للرحيل عن النادى الملكى». وصرح راؤول إلى وسائل الإعلام الإسبانية العام الماضى بأن واحداً من أسرار نجاحه هو الهدوء الذى يعود لحياته الشخصية الهادئة. وتزوج راؤول من عارضة الأزياء الشهيرة مامين سانث فى عام 2000 وأنجب منها أربعة أطفال، ويهوى راؤول القراءة والصيد ومصارعة الثيران. وأثار راؤول دهشة الجميع قبل عامين عندما اعترف بأنه نام فى خيمة أوكسجين من أجل تحسين قدرة تحمله البدنية وكفاءته العضلية ليحافظ على استمرار مسيرته مثلما كانت فى القمة عبر سنوات طويلة. وربما كانت الأهداف الجمالية لراؤول قليلة مقارنة بمهاجمين آخرين لكن معظمها كان مهما للغاية خاصة أهدافه التى سجلها فى هائى دورى أبطال أوروبا عامى 2000 و2002. والطريف أن راؤول ينتمى لعائلة تشجع فريق أتليتكو مدريد جار ومنافس ريال مدريد، كما لعب راؤول فى قطاع الشباب بنادى أتليتكو قبل أن يخطفه ريال مدريد فى عام 1991 عندما كان فى الرابعة عشرة من عمره. وأثار المدرب الأجنتينى خورخى فالدانو دهشة الجميع عندما ضم راؤول إلى صفوف الفريق الأول فى ريال مدريد، عندما كان فى السابعة عشرة من عمره ليشارك اللاعب للمرة الأولى مع الفريق أمام ريال سرقسطة فى أكتوبر 2004. وأهدر راؤول العديد من الفرص الجيدة فى المباراة ولكنه سجل أول أهدافه مع الفريق فى الأسبوع التالى مباشرة خلال لقاء ديربى العاصمة مدريد أمام فريق أتليتكو، ولم يتوقف عن هز الشباك منذ ذلك الحين. وقاد راؤول فريق ريال مدريد للفوز بلقب الدورى الإسبانى فى عامى 1995 و1997، كما شارك للمرة الأولى فى صفوف المنتخب الإسبانى عام 1996. ووصلت مشاركات راؤول فى صفوف المنتخب الإسبانى إلى 102 مباراة سجل خلالها 44 هدفاً، وقاد هجوم الفريق فى نهائيات كأس العالم ثلاث مرات أعوام 1998 و2002 و2006. ولكن المدرب لويس أراجونيس المدير الفنى الأسبق للمتنخب الإسبانى، رفض ضم راؤول إلى صفوف الفريق بعد كأس العالم 2006. وعلى الرغم من الانتقادات العديدة التى تعرض لها أراجونيس بسبب عدم استدعاء راؤول لصفوف الفريق تراجعت حدة هذه الانتقادات بعد فوز الفريق فى غياب راؤول بلقب كأس الأمم الأوروبية الماضية «يورو 2008» والتى قاد فيها هجوم الفريق الثنائى فيرناندو توريس وديفيد فيا. وأشار بعض المعلقين لدى استبعاده من صفوف المنتخب الإسبانى إلى أن راؤول قد انتهى، ولكن أهداف اللاعب لم تتوقف وعانى منها المنافسون كثيراً، كما لم يتراجع تأثير راؤول فى لاعبى ريال مدريد كقائد لهم.