ظل ثائراً مناضلاً حتى آخر يوم فى حياته.. هكذا عاش الزعيم الوطنى مصطفى كامل، الذى ألهب حماس المصريين بخطبه ضد الاحتلال وفضح بشاعة ما حدث فى «دنشواى» وأحرج الحكومة المصرية، التى وصف موقفها من الاحتلال بأنه «مخز». وبمناسبة مرور مائة عام على رحيل الزعيم الوطنى مصطفى كامل، وعن سلسلة كتاب الجمهورية، صدر حديثاً كتاب «مصطى كامل.. شاب من مصر» للمؤلف نشأت الديهى الذى قال فى مقدمته إن الكتاب فكرة بسيطة لبناء حائط من الثقة والأمل والطموح من خلال تقديم القدوة. يؤكد الديهى أنه لا يقدم هذه القدوة لشباب اليوم فحسب، بل يقدمه للأمة بأسرها، يبدأ الكتاب من عام 1887 حين حصل مصطفى كامل على شهادة الابتدائية وفى العام نفسه التحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، التى شهدت الميلاد الحقيقى لزعامته حيث بدأ شعوره الوطنى فى النمو والازدهار، وأسس عدداً من الجمعيات، وتعود على إلقاء خطبة مساء كل جمعة. كانت أول خطبة يلقيها فى حياته عن مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية بعنوان فضل الجمعيات فى العالم، وهى الخطبة التى جعلته يحظى باهتمام واحترام الجميع، خاصة على مبارك باشا وزير المعارف، الذى قال له «إنك إمرؤالقيس» أما جرأة مصطفى كامل وشجاعته فبلغت ذروتها حينما كان تلميذاً فى الصف الأول الثانوى، وعمره أقل من ستة عشر عاماً، ووقف أمام وزير المعارف فى صرامة وجدية وكله ثقة واعتزاز بالنفس ليقول «إننى أطلب منك ما وجدت أنت من مثلك يوم كنت تلميذاً مثلى، وما يدريك ألا أكون عظيماً أخدم وطنى غداً بأكثر مما تخدمه أنت اليوم». يروى الكاتب قصة أخرى حدثت بين مصطفى كامل والوزير، ففى إحدى السنين تم رفع نسبة النجاح، الأمر الذى أدى إلى رسوب مجموعة كبيرة من بينها مصطفى كامل وبعض رفاقه، الأمر الذى جعل كامل يتوجه إلى مكتب الوزير، ولما منعه الحاجب قال كامل: كيف تمنع ابن الوزير؟ وكان يقصد ابنه فى العلم، وبعد مناقشة بينه وبين الوزير، اقتنع الوزير بحجة كامل، ونجح كامل ورفاقه، ثم عزم «كامل» على دراسة الحقوق، لأنها المدرسة التى تعلم الخطابة وحقوق الناس والأمم. وينجح كامل فى دراسة الحقوق، وفى صيف 1892 يتعرف كامل ببشارة تكلا، صاحب جريدة الأهرام، عن طريق صديقه الحميم خليل مطران، وبدأت بعد هذا اللقاء مقالات مصطفى كامل تظهر تباعاً فى «الأهرام» و«المؤيد»، إلى أن أسس بعدها بفترة وجيزة مجلة المدرسة وكان شعارها «حبك مدرستك.. حبك أهلك ووطنك» التى أصدرها للنشء وكانت ثورة ثقافية ووطنية وأخلاقية غير مسبوقة، ثم يسافر كامل إلى فرنسا ليدرس بمدرسة الحقوق الفرنسية، وينجح فى السنة الأولى، وفى السنة الثانية أراد أن يجتاز امتحان السنة الثانية والنهائية فى نفس العام، لكن مدرسة الحقوق الفرنسية رفضت ولم ترحب، وأمام إصرار الطالب الناب، وافقت المدرسة. اجتاز الطالب مصطفى كامل الاختبار بنجاح، وكتبت عنه الجريدة وقتها فى إحدى موضوعاتها قصة نجاحه داعية القراء بألا يصيبهم العجب من هذا النجاح، لأن تاريخ مصر يحوى الكثير من النظريات، التى تدل على تقدم العلوم والمعارف عند المصريين. تمر السنوات بمصطفى كامل فيهاجم خضوع الحكومة للاحتلال ومن أجل الكفاح الوطنى يسافر من مصر إلى باريس ثم إلى فيينا وبرلين وبودابست والأستانة، ولما وقعت حادثة دنشواى فى 1906 كان كامل وقتها فى باريس، ولما علم بالأمر نشر فى صحيفة الفيجارو الفرنسية مقالاً أعلن فيه الحرب على الاحتلال، ووصف فيه بشاعة الحادثة وقسوتها. وفى نهايات 1907 يمرض مصطفى كامل ويتنقل ما بين باريس وجنيف للاستشفاء، ثم يعود إلى مصر ويعمل فى جبهتين الأولى العمل الوطنى الذى كان شاغله طوال حياته، والثانى صراعه مع المرض، إلى أن توفى عن عمر يناهز 34 عاماً. عرض المؤلف مجموعة من القضايا، التى شغلت الراحل فى حياته وفكره، وخصص مجموعة من الفصول لما كتب فى مصطفى كامل بعد رحيله ومن بين ما عرضه قصائد لحافظ إبراهيم وخليل مطران، أما أهم إنجازات مصطفى كامل الباقية كما يذكر المؤلف: الدعوة لتأسيس أول جامعة على أرض مصر، وهى الآن جامعة القاهرة وتأسيس أول حزب سياسى فى مصر، هو الحزب الوطنى القديم «حزب الجلاء» وإصدار صحيفة اللواء.