جيمس ليون يكتب: «الرحمة» مهمة مطلوبة فى الشرق الأوسط

يتطلب تحقيق السلام فى الشرق الأوسط تنازلات من كلا الجانبين، بالإضافة إلى الحاجة إلى التجديد والوعى الكامل والإقبال على تقديم المبادرات، حتى يمكن التغلب على الكثير من العوائق عميقة الجذور فى الصراع الإسرائيلى - الفلسطينى.
فالأمر لا يتوقف عند دور الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط نزيه يشوبه الكثير من الصواب أو الخطأ، وإنما يتعدى ذلك إلى دعمنا الهائل لإسرائيل وفقا للنظرة العربية، والدور الإيرانى «الفاسد» متمثلا فى دعم مختلف الجماعات «الإرهابية» بما فيها «حماس» و«حزب الله».
وعلى الرغم من اعتبار تعيين جورج ميتشيل، مبعوث الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، فضلا عن حرص الرئيس باراك أوباما فى خطابه على الإشارة إلى الدول الإسلامية خلال ال100 يوم الأولى من ولايته، وتخطيطه للتواصل مع المسلمين، أمرا جيدا، فإن الكلمات وحدها ليست كافية للتغير، وعلى أوباما أن يقدم على حدث إيجابى عاجل وفورى يمكن إدراكه على أرض الواقع.
لذلك، أعتقد أنه حان الوقت لاستغلال نفوذ الولايات المتحدة بما تملكه من توفير المساعدات الطبية الإنسانية، إذ من المفترض أن تنطلق واحدة من المبادرات مفاداها تقديم الولايات المتحدة للخدمات الطبية الإنسانية من خلال سفن «المستشفيات» التابعة للبحرية الأمريكية، والتى منها سفن البحرية الأمريكية «الرحمة» us، وسفن «التعزيز» us ثالث أكبر أساطيل مستشفيات السفن فى البحرية الأمريكية، إذ عليها أن تتواجد فى الدول فى منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها «غزة».
ففى ظل المعاناة المستمرة فى غزة طوال هذه السنوات، يعد تقديم عرض بإرسال مستشفيات السفن البحرية لغزة واحدا من أكثر الأفعال التى نحتاج إليها للمساعدة فى خلق مناخ إيجابى يسمح بتحريك عملية السلام إلى الأمام.
هذا هو «مشروع الأمل»، الذى كان من المفترض أن تقترحه منذ زمن وزارتا الدفاع والبحرية، بالتنسيق مع الشؤون الطبية والمتطوعين من الأطباء وهيئات التمريض.
فالناقلات الإنسانية تظهر أفضل ما فى أمريكا، بدأ عمل هذه السفن لأول مرة عام 1987، بعد محادثات من المسؤول عن الناقلة لتقديم المساعدات فى الفلبين، وغيرها من دول جنوب جزيرة البسفيك.
وفى كارثة تسونامى فى إندونيسيا عام 2004، ساهمت سفن البحرية الأمريكية، وسفن المستشفيات فى جهود الإنقاذ وإعادة الإعمار، مما جعل أكثر من 80% من سكان إقليم «أسياه» يتحولون من العداء لأمريكا إلى دعمها، بسبب مساعداتها الإنسانية، لتساهم من وقتها البحرية الأمريكية فى العديد من جهود الإنقاذ وإعادة الإعمار، محققة نتائج إيجابية.
وبالنسبة للوضع بين إسرائيل وفلسطين، على «حماس» طالما استحسنت تعيين ميتشيل، أن ترحب بمستشفيات السفن، ف«حماس» باستطاعتها أن تساعد الناس فى غزة بالتنسيق مع المساعدة الطبية الإنسانية، التى تقدمها مستشفيات السفن.
فضلا عن أن إسرائيل عليها أن تعتبر هذه الجهود فرصة جديدة، إذ إن التعاون الإسرائيلى فى هذا الأمر، وفتح نقاط التفتيش الحدودية أمر أضحى ضروريا، على أن يكون تأمين سفن «المستشفيات» فى درجاته القصوى ومخطط له، وحتى لو تعنتت إسرائيل بأنه من الصعب الوصول إلى ميناء غزة، يمكن أن ترسو السفن قبالة السواحل، مثلما حدث فى إندونيسيا.
تظل «الهدنة» الدائمة أمرا على جميع الجوانب الالتزام به حتى تنجح الجهود الإنسانية المبذولة، وبالطبع على الجميع التعاون مع مصر لمنع «حماس» من استغلال الانتشار لتهريب الأسلحة وغيرها من السلع المحظورة إلى غزة.
أعتقد أن انتشار مستشفيات السفن فى منطقة الشرق الأوسط بمثابة خطوة جريئة، بل أفضل خطوة يمكن أن تقدم عليها الولايات المتحدة، بعد جميع محاولات الإدارة الأمريكية فى الماضى، التى إما فشلت أو ضلت طريقها بعيداً.
المصدر: صحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية.
كاتب المقال: جنرال متقاعد فى البحرية الأمريكية، وممثل قوات الجيش الأمريكى فى الأمم المتحدة - ترجمة: علا عبدالله .