لكل مقام مقال، ولكل عربى عقال، ويقال إن العرب عندما فتحوا مصر فتحوها بدون «تصريح» لذلك لا نعرف اسم المالك الحقيقى، وبعد أن تحولت مصر من قارورة عطر إلى زيوت مهدرجة تركنا النشيد الوطنى وحفظنا إعلانات «السمنة»، وغنينا للنيل رغم أن بعضنا لا يعرف الفرق بين حوض النيل وحوض الغسيل سوى أن حوض النيل يمتد من «هضبة الحبشة» حتى «نافورة المحافظ».. فى فبراير 1922 صدر تصريح واحد يتيم ندرسه فى المدارس والجامعات باسم «تصريح فبراير»، وفى فبراير 2009 وبسبب التضخم صدر تسعمائة تصريح آخرها تصريح السيد وزير الرى بإزالة «التعدى» على النيل.. والمفهوم من كلام الوزير أن أم كلثوم عندما غنت لشاعر النيل «وتلك عقبى التعدى» كانت تقصد شرطة الإزالة... والذى أعرفه أن مصر لا تطل على النيل، فدول حوض النيل هى: أثيوبيا ثم السودان، ثم رجال الأعمال، ثم فرع رشيد محمد رشيد، ودمياط محمد دمياط، ولا تسأل أين تقع مصر بل اسأل كيف وقعت.. ولم يعد عندنا رى إلا الرى «بالتنقيط» فى صالات شارع الهرم.. فمصر هجرت الزراعة لدرجة أن من يزرع «أرزاً» بيروح السجن، ومن يزرع «أفيوناً» بيروح الساحل الشمالى.. لذلك تجد مصر تقبل «التعدى» ولا تقبل «التحدى»، وتحول «الرى» إلى «الرش» أمام الدكاكين ساعة العصارى.. وتركنا تعمير الأراضى إلى تعمير الشيشة.. وتحولنا من الحياة البرلمانية إلى الحياة البرمائية.. سكت الوزير طويلاً فقد كان فى فترة تهدئة تحت رعاية مصر، وتنص بنود التهدئة على أن يعبر رجال الأعمال إلى جزر النيل مقابل عدم إطلاق التصريحات، وبإطلاق تصريح فبراير خرق الوزير التهدئة بمناسبة عيد وفاة النيل، ويقال إن اللى اختشوا «ماتوا»، ويزعم آخرون أنهم توفوا فقط وتركوا وصية تقول إن التعدى الحقيقى حدث على حقوق المواطن وأمنه ورزقه، وأن على بابا عندما دخل المغارة قال: (دهب.. فضة.. زمرد.. ياقوت.. مرجان...) فسمع صوتاً يقول له: (إوعى تكمل وتوصل للحديد مالكش دعوة بالحديد) فغادر المغارة وألقى نفسه فى النيل تحت رعاية السيد الوزير وشرطة المسلطحات. [email protected]